علمت "الصحيفة" أن السفيرة المغربية في مدريد كريمة بنيعيش عادت مؤخرا إلى عملها على رأس السفارة بعد نحو 3 أسابيع من الغياب امتدت منذ عطلة أعياد الميلاد أواخر شهر دجنبر الماضي، في خطوة مثلت سحبا غير معلن للتمثيلية الدبلوماسية المغربية في إسبانيا إبان الأزمة التي تلت تعبير الحكومة هناك عن عدم رضاها عن الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء، والتي عززتها تصريحات رئيس الحكومة المغربي بخصوص سبتة ومليلية. ووفق ما أكدته مصادر دبلوماسية ل"الصحيفة" فإن السفيرة بنيعيش عادت لعملها قبل أقل من 3 أسابيع وعاد معها جميع الموظفين والمسؤولين الذين كانوا قد رافقوها إلى المغرب بما في ذلك المكلفون بالتنسيق الأمني وقضايا الإرهاب ومسؤولو التواصل، علما أنهم كانوا، شأنهم شأن السفيرة، قد قطعوا جميع اتصالاتهم مع المسؤولين الإسبان طيلة فترة تواجدهم بالرباط في خطوة حملت الطابع الاحتجاجي المبطن. وأوضحت مصادر الصحيفة أن السفيرة بدأت عملها بالفعل على مجموعة من القضايا وعلى رأسها موضوع القاصرين المغاربة الذين تعرضوا للتعنيف على يد عناصر الشرطة الوطنية الإسبانية داخل مركز لإيواء المهاجرين غير النظاميين بمدينة لاس بالماس في جزر الكناري، حيث كان لها دور رئيسي، إلى جانب القنصل العام للمغرب بإقليم الكناري، أحمد موسى، لحث السلطات الإسبانية على التعامل بجدية مع هذه الواقعة. وأسهم هذا التدخل، تضيف المصادر الديبلوماسية ذاتها، في تجنيب العلاقات الدبلوماسية المغربية الإسبانية هزة جديدة، حيث قامت السلطات الإسبانية بإجراءات عملية تمثلت في التوقيف الفوري لعناصر الشرطة الذين ظهروا في الفيديو وهم يعتدون بقسوة على القاصرين المغاربة بالإضافة إلى فتح تحقيق لمعرفة حيثيات الموضوع، وذلك رغم محاولة الحكومة الإقليمية إلقاء اللائمة على الضحايا على اعتبار أن أحدهم هدد القائم على المركز بأداة حادة بالإضافة إلى التشكيك في أعمارهم. ومهدت هذه الخطوات لما وصفته مصادر الموقع ب"النقاش الهادئ" الذي جرى حول الموضوع بين مسؤولي وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج والسفير الإسباني في الرباط، ريكاردو دييز هوشليتنير، في اجتماع تم يوم أمس الأربعاء بمقر الوزارة، حيث فضلت هذه الأخيرة عدم إعطائه صبغة الاستدعاء الرسمي الممهد لتقديم احتجاج رسمي على واقعة مركز الإيواء، مكتفية ب"نقاش مستفيض حول تلك الاعتداءات والاستماع للتفسيرات التي قدمها السفير"، على حد تعبير مصدر من الخارجية المغربية ل"الصحيفة". وتمثل عودة السفيرة بنيعيش إلى مهامها نقطة نهاية لأزمة دبلوماسية بدأت منذ 10 دجنبر 2020 حين أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب توقيع إعلان رئاسي يعترف بالسيادة المغربية على الصحراء، تزامنا مع إعلان عودة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل، لتعلن وزيرة الخارجية الإسبانية أرانتشا غونزاليس لايا، بعد ذلك، أن الحكومة الإسبانية تتواصل مع إدارة الرئيس الجديد جو بايدن للتراجع عن هذا القرار، على اعتبار أن "قضية الصحراء لا تقبل الحلول الأحادية". وتلا ذلك تصريح رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني عن كون "سبتة ومليلية أراض مغربية شأنهما شأن الصحراء"، ما دفع وزارة الخارجية الإسبانية لاستدعاء السفيرة المغربية، حيث استقبلتها كاتبة الدولة في الحكومة الإسبانية المكلفة بالشؤون الخارجية، كريستينا غالاش، يوم 21 دجنبر الماضي مطالبة إياها بتوضيحات حول كلام العثماني، وبعدها بأيام غادرت بنيعيش إسبانيا رفقة كبار مسؤولي السفارة.