رغم أن زعيمها رضوان التاغي سقط في يد الشرطة شهر دجنبر من العام الماضي في الإمارات العربية المتحدة، ورغم إلقاء القبض أيضا على ذراعه الأيمن سعيد رزوقي في كولومبيا شهر فبراير الماضي، إلا أن حروب "المافيا المغربية" المتمركزة في هولندا والتي تسيطر على ثلث تجارة المخدرات في أوروبا لا تزال تثير الصدمة، حيث كانت آخر فصولها اكتشاف الشرطة الهولندية لغرف تعذيب مخصصة ل"التعامل" مع أعضاء هذه العصابة من طرف مجموعة من أعدائهم. وأعلنت الشرطة الهولندية أنها نفذت عملية بالتنسيق مع عناصر البحث الجنائي في الدرك الفرنسي، والتي قادت إلى اكتشاف "سجن سري" مكون من 7 حاويات للبضائع جرى وضعها بمزرعة قريبة من الحدود الهولندية البلجيكية، وهو السجن الذي كان عبارة عن فضاء للتعذيب أنشأه أعداء عصابة رضوان التاغي، وذلك وفق ما كشف عنه صحيفتا "دي تيليغراف" الهولندية و"لوموند" الفرنسية، واللتان وصفتا الموقع بأنه شبيه بذلك الذي يظهر في "أفلام الرعب". فيديو اقتحام المكان من طرف الشرطة الهولندية المكان الذي اكتُشف بعد قيام السلطات الهولندية والفرنسية بتفكيك شبكة اتصالات مشفرة، قادت إليه تحقيقات انطلقت منذ شهر أبريل ولم تظهر نتائجها إلا في 22 يونيو، حين اقتحم رجال الشرطة المزرعة الموجودة في منطقة "برابانت" جنوبهولندا، وهناك اكتشفوا أن هذا الفضاء كان شاهدا على جلسات تعذيب قاسية، إذ عثروا على أصفاد وأربطة وكراسي طبية ومجموعة من الأدوات الأخرى، ومن أجل تفادي سماع صراخ الضحايا في الخارج جرى تغليف الحاويات بعازلات الصوت. وعقب ذلك ألقت الشرطة القبض على 6 متورطين محتملين في عدة مدن من بينها روتردام ولاهاي وأوتريخت، ووصف أحد المحققين ما كان يجري هناك بأنه "صادم"، ووفق التقارير الصحفية فإن أحد المشتبه بهم بعث رسالة من هاتفه تؤكد وجود عمليات التعذيب حيث قال "عندما يكون على الكرسي سنعرف المزيد، لكن هذا الكلب هارب الآن"، في إشارة إلى أحد الضحايا المحتملين والذين تعتقد الشرطة الهولندية أنهم أعضاء "المافيا المغربية" التي يُطلق عليها أيضا اسم "ملائكة الموت". ونقلت تلك التقارير عن المحقق الهولندي قوله إن تدخل السلطات أدى إلى منع "أشياء رهيبة"، مؤكدا أن هذا المكان أعده تحالف من المجرمين يحارب العصابة التي يتزعمها التاغي، والمتحكمة في تجارة الكوكايين، وهي عصابة تضم في صفوفها عددا كبيرا من المغاربة وكانت مسؤولة عن جرائم خطيرة من بينها عمليات تصفية جسدية، وأشهرها جريمة مقهى "لاكريم" بمراكش. وكان التاغي، البالغ من العمر 42 عاما، قد سقط في يد الشرطة الإماراتية بمطار دبي شهر دجنبر والتي سلمته إلى الشرطة الهولندية، في عملية ساهمت فيها السلطات المغربية، لتبدأ محاكمته في الشهر نفسه حيث يتابع بتهم تتعلق بارتكاب 4 جرائم قتل والإعداد ل8 أخرى، وفي فبراير الماضي سقط أيضا ذراعه الأيمن المغربي سعيد رزوقي بمدينة "ميديين" الكولومبية، في عملية ساهم فيها مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي "إف بي آي". وتقول السلطات الهولندية إن التاغي الذي برز منذ سنة 2000 كمتحكم رئيس في ممرات وطرق تهريب الحشيش من المغرب إلى هولندا، يتحكم حاليا في ثلث تجارة الكوكايين في أوروبا، وهو المسؤول عن إدخال 30 طنا من هذه المادة سنويا إلى القارة عبر ميناءي روتردام بهولندا وأنتويرب في بلجيكا، ما يجعله مسيطرا على أكبر سوق للكوكايين في العالم، مستعينا بعصابته التي تضم مغاربة وهولنديين وسوريناميين وأيرلنديين وإيطاليين وبوسنيين.