لم تشهد مدينة بني أنصار حالة من الركود التجاري، والسكون في الحركة، والرواج، مثل ما عرفته، خلال السنتين الأخيرتين، جراء الإغلاق التام للمعبر، الذي كان يربطها بمليلية المحتلة، وهو الشريان الحيوي بين المدينتين، وذلك بسبب انتشار فيروس كورونا. وبلغ تِعداد السكان في مدينة بني أنصار، خلال إحصاء 2014، أزيد من 60 ألف قاطن، ما يجعلها، ثاني أكبر حواضر إقليمالناظور، وهو معطى فرضته الظرفية الخاصة للجماعة، التي كان يحج إليها المغاربة من كل حدب وصوب، لولوج الثغر المليلي السلِيب، لطلب العمل، وممارسة باقي المهن الشائعة هناك، كالتهريب المعيشي، والعمل في بيوت مليلية، ومحلاتهم التجارية، والمقاهي، والمطاعم، والحانات. وارتبط اسم مدينة بني أنصار بمعبرها المؤدي إلى مليلية، والذي كان يستقبل قرابة 30 ألف عابر يوميا، بين والج للمدينة المحتلة، وخارج منها، وهو ما يجسد أهمية هذا المعبر في حركة المرور، والرواج التجاري، إذا ما علمنا أن غالبية التعاملات التجارية، ونقل البضائع كانت تتم عبر هذا المعبر، خصوصا فيما يتعلق بتموين المدينةالمحتلة بالمواد الغذائية، كالخضر، والفواكه، واللحوم، والأسماك المغربية، إضافة إلى توفير مختلف مواد البناء لها. وأمام مستجد إغلاق هذا المعبر الرئيسي، الرابط بين الأراضي المغربية، ومليلية، منذ مارس من سنة 2020، أصبحت المدينة ككل تفقد حركيتها رويدا رويدا، بل أصبحت، حاليا، خالية من العمارة، وقاصديها، بعد أن كانت إلى وقت قريب تعج بالحركة والرواج، الأمر الذي دفع عددا كبيرا من قاطنيها إلى الرحيل إلى وجهة أخرى، بحثا عن العمل، لكسب قوت العيش، بعد أن أُوصِدت جميع الأبواب هناك، رغم محاولات الحكومة "المحتشمة" في احتواء أزمة البطالة، التي خلفها إغلاق هذه المعابر الحدودية، من خلال إنشاء معْمَلَين في بني انصار، الأول مختص في إعادة تدوير الملابس، والثاني مختص في تقشير القمرون. ولم يغط هذان المعملان، ولو جزئيا، أزمة البطالة، التي تفاقمت في المدينة، وباقي المناطق المجاورة، خصوصا لدى النساء، اللواتي كن يشتغلن في التهريب المعيشي، قبل أن يجدن أنفسهن أمام واقع إغلاق جميع معابر مليلية، الذي كشف الوجه الآخر للوضع الاجتماعي الصعب للآلاف منهن، وللآلاف من ممتهني أعمال أخرى، كانوا يكسبون قوت يومهم من هناك. ولعل قرار إغلاق معبر بني انصار، وباقي المعابر (باريوتشينو، فرخانة..)، عَرّى عن أزمة اجتماعية، واقتصادية، وتجارية خانقة، امتدت لتطال غالبية القطاعات المرتبطة بالعبور نحو الجَيْب المليلي المحتل، كالنقل، والخدمات، على اعتبار أن التوجه إلى هذه المنطقة الحدودية ببني انصار، يرتبط بوجود وسائل نقل متعددة، من حافلات وسيارات الأجرة بصنفَيْها، إضافة إلى وجود مرافق خدماتية، كالمقاهي، والمطاعم، وكلها عرفت بعد إغلاق الحدود، ركودا حادًا، دفع العديد من مزاولي هذه المهن، إلى التوقف عن العمل. ويأمل العديد من المشتغلين بمليلية، والذين وجدوا أنفسهم عاطلين عن العمل، حاليا، في أن تجد الحكومة لهم حلا، في انتظار أن تعود الحياة إلى تلك المعابر، رغم أن بوادر هذا الأمر تبقى حتى هذه اللحظة، بعيدة وصعبة.