في أول تعليق له على موجة الغضب، والانتقادات العارمة، التي وجهتها جمعيات المحامين بالمغرب ضده، بسبب تصريحاته بخصوص "عدم أداء المحامين للضرائب"، قال عبد اللطيف وهبي، وزير العدل: "صدمت من ردة فعل المحامين على تصريحاتي، لأن المحامي يقول الحقيقة، ولو على رقبته، لما قلت الحقيقة، أول من واجهني المحامون، كنت أنتظر منهم أن يتصلوا بي لإصلاح هذا العطب، ولكن يبدو أن هذا العطب قديم". وزير العدل، الذي حل ضيفا على برنامج "لقاء مع الصحافة"، الذي بث على أثير أمواج الإذاعة الوطنية، مساء أمس الأربعاء، أكد "أن مهنة المحاماة لديها استقلاليتها، ولكنها مرتبطة بوزارة العدل"، قبل أن يوضح أنه كان يقصد من تصريحاته السابقة حالة بعينها، ولم يكن يقصد انتقاد المحامين، مشددا على ذلك بقوله: "ما يهمني هو مهنة المحاماة، كان المحامون في السيتينيات قليلين، لكن حينما يتكلمون تقوم الدنيا ولا تقعد، وكانوا محترمين، يدافعون عن الحريات، والديمقراطية، الآن، أصبح المحامون حجمهم كبير، وتأثيرهم ضيق، المحامي إذا كان نظيفا، ويدافع عن الناس، ويواجه الظلم عليه أن يكون وفيا تجاه إلتزاماته". وقال وهبي، أيضا: "لايمكنني أن أسكت عن المحامين، وأتواطأ معهم في عدم أداء الضرائب للدولة، فأنا ضد هذا المنطق". وأوضح وهبي، الذي حاول أن يزيل سوء الفهم الكبير بينه، والمحامين، أن "المحامي لا يخرصه الحق، ويقول الحقيقة، ويواجه الناس بها، انا محامي قبل أن أكون وزيرا يجب أن أقول الحقيقة لزملائي، لايمكن أن تتقوى مهنة المحاماة، إلا إذا نفذت إلتزاماتها، وكانت نموذجا على المستوى الأخلاقي". كما كشف وهبي أن التفكير جار في إعادة النظر في قانون المهنة، وهو الأمر الذي أعلن أنه سيتم طرحه للنقاش، والحوار مع جميع النقابات، وجمعيات هيآت المحامين، وبحضور جميع نقباء، وأعضاء، ورؤساء الجمعيات المهنية لمحامين سابقين، مشددا على ذلك بقوله: "أنا سأكون منفتحا على الملاحظات، ولكن بقدر مايطلبون مني أن أمنح لمهنة المحاماة مجموعة من المكتسبات، عليهم أن يعلموا، أيضا، أنني سوف أسهر على تنزيل مجموعة من الالتزامات، وفي مقدمتها إلتزام أول يقضي بوجوب إدلاء المحامي للنقابة بأدائه للاشتراك، وتسجيله في إدارة الضرائب، وبعقد الكراء، أو المساكنة، يثبت وجوده في مكتب معين، لابد أن نضبط الأمور لكي نحافظ على المهنة". وقال وزير العدل: "إن المحامين النزهاء يشكلون أكثر من 80 في المائة داخل مهنة المحاماة بالمغرب، لكنهم تراجعوا إلى الوراء، وتركوا الساحة للغير، ولكن أنا مؤمن بأن هذه النسبة ستقوم للدفاع عن المهنة، وتساندني في هذه المواجهة، من أجل بناء مهنة نزيهة، وقوية، وشجاعة تدافع عن الحريات، والحقوق". وزير العدل أعلن أن هناك إعادة النظر في هيكلة وزارة العدل، والدور الذي ينبغي أن تقوم به في المستقبل، لأنها لاتزال على نفس الهيكلة القديمة قبل فصلها عن السلطة القضائية، موضحا سعيه إلى تقديم أكبر الخدمات إلى السلطة القضائية، لكي تقوم بدورها، وقال: "أنا أعتقد لكي يكون المغرب مستقرا، وثابتا، ويكون له مستقبل، عليه أن يكون لديه قضاء نظيف، وقوي، وشجاع، ويطبق القانون، ولايمكن أن يكون هناك قضاء قوي من دون مهنة للمحاماة قوية". وفي قرار آخر، جر عليه، هو الآخر، انتقادات غاضبة، بعد سحب مشروع القانون الجنائي من البرلمان، عاد وزير العدل إلى التشديد على قوله: "هذا حقي الدستوري، ومهامي كوزير تعطيني الحق أن أسحب القانون، وطلب سحبه جاء مني، وأنا الذي تقدمت بطلب للسيد رئيس الحكومة في هذا الموضوع، لأنني أعتقد أن القانون الجنائي يجب أن يعاد فيه النظر، سنحافظ على بعض فصوله، وسنعيد النظر وفقا لرؤيتي كوزير ينتمي إلى الحكومة، أنا لم آت لأنفذ رؤية الأغلبية أو رؤية الرميد، أريد أن أقدم قانونا جنائيا منسجما، الذي هو نتيجة للعملية القضائية، وبدايتها قانون المسطرة الجنائية والمدنية". وهبي أوضح أن مشروع قانون المسطرة الجنائية انتهت منه وزارة العدل، وسيتم بعثه، يوم غد الجمعة، إلى المؤسسات المعنية، والأمانة العامة للحكومة، من أجل تقديم وجهة نظرهم فيه، في أفق الانتهاء من تعديلاته في نهاية دجنبر المقبل، وحلمي أن ننتهي من مناقشته، والمصادقة عليه في الدورة الربيعية المقبلة، ليتم مباشرة بعد ذلك الاشتغال على قانون المسطرة المدنية، وحين الانتهاء من مشروعي المسطرتين المذكورتين، ستتم، بحسب وزير العدل، مباشرة التعديلات على القانون الجنائي برمته، الذي قال إنه يأمل في الانتهاء من مناقشته في السنة المقبلة، لأن هناك رصيدا من العمل تم إنجازه. وقال وهبي: "سأقوم فقط بإنجاز تعديلات بسيطة عليه، تهم بالأساس إدخال رؤية الأغلبية الحكومية".