اريد في هذا العمود ان اتقاسم معكم ما قرأته وما سمعته وما عشته بالمؤسسة البنكية التي اشتغلت بها لمدة حوالي اربع عقود وما صدر من فتاوي من فقهاء الشريعة وعلماء الاقتصاد دون تعليق مني. في الآونة الأخيرة بدأ التخوف من المترددين على الابناك والخائفين من الاقتراب من المعاملات البنكية، باعتبارها محرمة – في زعم بعض الفتاوي- وبعض فتاوي أخرى تشرح الدور الفعال والهائل الذي تلعبه البنوك بين المستثمر والمدخر والمشاريع التنموية التي تصب فيها هذه المدخرات، وقيام البنوك بدور الضمان لحقوق الطرفين بعقود تمويل موثقة تتسم بالدقة والثقة ومسؤولية كلا الطرفين، وقد أجاز فيها بعضهم هذه النوعية من المعاملات التي تقوم فيها البنوك بصفتها الخبيرة في تحريك الاستثمار وفي اتجاهات مختلفة بايقاع منضبط مثل المايسترو، ويوضح بعضهم ان الادعاء بأن التعامل مع البنوك حرام هو إجهاض وافلاس لاقتصاد الأمم وتخريب مشاريعها التي تعتمد على المدخرات العائلية التي اتجهت إلى البنوك طواعية وبدون إلزام ولا إجبار وانتقاء الأوعية الادخارية المختلفة التي تتناسب مع ظروف كل مدخر. ويضيف المفتي ان اهم ما تتسم به المنظومة هو الرضى والقبول فاين الحرام؟ ويضيف ايضا عن كل معاملة تتم باختيار الطرفين ورضائهما المشروع وليس فيها غش او استغلال او ظلم او غير ذلك مما حرمته شريعة الإسلام هي معاملة حلال، ان لا تحريم بنص شرعي. ومن جهة أخرى كرد فعل على ما سبق ذكره من طرف طائفة من شيوخ الشريعة وعلماء الاقتصاد، بل ورجال القانون الذين يصفون تعامل البنوك بأنه قرض ولكن يبيحونه من جهة القانون الوضعي لا من جهة الشرع الإسلامي الحنيف، وكل الشيوخ اللذين يحرمون الفائدة على انواع القروض كلها ربا محرم، لا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الإستهلاكي وما يسمى بالقرض الإنتاجي، لأن نصوص الكتاب والسنة في مجموعها قاطعة في تحريم النوعين، وأن الإقراض بالربا محرم لا تبيحه حاجة ولا ضرورة، والاقتراض بالربا محرم كذلك ولا يرتفع اثمه الا اذا دعت اليه الضرورة، واعمال البنوك من الحسابات الجارية، وصرف الشيكات، والكمبيالات الداخلية، التي يقوم عليها العمل بين التجار والبنوك في الداخل كل هذا من المعاملات المصرفية الجائزة، وما يؤخذ في نظير هذه الأعمال والخدمات ليس من الربا، و يضيفون هؤلاء الشيوخ ان فتح الحسابات لأجل، وفتح الاعتماد بفائدة كلها من المعاملات الربوية وهذه محرمة، كما ينظرون بعين الارتياح والرضا إلى قيام المصارف الإسلامية، هي البديل الشرعي للمصارف الربوية كما يسمونها ويطلقونها على البنوك التقليدية، ويعني بالمصاريف الإسلامية كل مصرف ينص نظامه الأساسي على وجوب الالتزام باحكام الشريعة الغراء في جميع المعاملات ويلزم إدارته بوجوب وجود رقابة شرعية ملزمة.