عزالدين شملال : باحث في الدراسات الدستورية و السياسية تعتبر الإنتخابات أحد أهم المعايير المعبرة عن مدى ديمقراطية الدول، حيث أن الإحتكام إلى صناديق الإقتراع و اختيار الحكام انطلاقا من أصوات المواطنين هو أرقى نظام وصلته اوروبا الحديثة بعد معانات طويلة من قهر الملك المطلق الذي هيمن على الحياة السياسية الأوروبية في القرون الوسطى. و ترجع جذور الإنتخابات الى بريطانيا التي تعتبر أول من عرفت الحياة النيابة و مبدأ التداول على الحكم في ظل نظام برلماني يسود فيه الملك و لا يحكم، ثم تطورت بعد ذلك لتشمل جميع الدول الأوروبية حيث أصبحت الآلية الديموقراطية الوحيدة للوصول الى الحكم و التناوب على السلطة . و في العالم العربي حاول الحكام بعد استقلال دولهم من الإمبريالية الغربية إستنساخ الديمقراطية على المقاس الأوروبي، إلا أن حبهم الشديد للسلطة و تمسكهم بكراسي الحكم جعل من هذا المولود مولودا مشوها لا يحمل من الديمقراطية الا إسمها، فالشعوب العربية عاشت منذ الإستقلال تحت طائلة ديكتاتوريات عاثت في الأرض فسادا و حكمت العباد بيد من نار و حديد، و قتلت و اعتقلت و شردت كل الأصوات المنادية بديمقراطية حقيقية ينعم فيها جميع المواطنين بالحرية و العدل و المساواة و الكرامة الإنسانية كما أقرتها جميع الأديان السماوية و أكدت عليها مختلف المواثيق الدولية . لقد حاول الحكام العرب إصباغ أنظمتهم بوسائل ديمقراطية لتبدو للعالم على أنها دول تحترم المواثيق الدولية و تسهر على حماية حقوق الإنسان الكونية وفي مقدمتها الحق في اختيار من يحكمها، فسخرت في سبيل ذلك وزارات داخلياتها سعت الى تنظيم إنتخابات دورية تحمل في ظاهرها علامات النزاهة و الشفافية، في حين أنها في الواقع مجرد إنتخابات مزورة و”مخدومة” لصالح الرئيس و زبانيته . و هذا ما وقع في مغرب السبعينات حيث أحكم الراحل إدريس البصري قبضته على اللعبة الإنتخابية فكانت لا تفرخ إلا من يخدم مصلحة النظام و يبقي الوضع على ما هو عليه، لينتج عن ذلك مشهد سياسي هش و حياة حزبية مصابة بجميع الأدواء و لا تقوم بأدوارها و لا ترقى إلى تطلعات المواطنين المغاربة . إن الإصلاحات السياسية الكبرى التي حملها دستور 2011 جعلت الكثير يتساءل و بالكثير من التشاؤم عن الكيفية التي ستجرى فيها إنتخابات 25 نونبر هل ستكون كسابقاتها أم ستحمل الكثير من الملامح الديمقراطية؟ . لقد بدأت أصداء الحملة الانتخابية في مختلف المدن المغربية كاشفة عن مواقف الأحزاب السياسية سواء على شاشة التلفاز أو الصحافة المكتوبة، كلها تحاول أن تكون في مستوى التغييرات السياسية الكبرى التي أعلن عنها الملك في الدستور الجديد .