ترى بعض الأوساط الإسبانية أن الحدود الوهمية بين مدينتي سبتة ومليلية السليبتين، باتت تحتل الرتبة الأولى (بدلا من الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة) كمحطة رئيسية في مجال الرعاية الصحية في العالم. ويرجع هذا إلى أن العديد من سكان منطقة الشمال، خاصة تطوان، والناظور، أصبحوا يلجون بكثرة المستشفيات البلدية للمدينتين، حيث يتلقون العناية الطبية اللازمة بثمن رمزي، ويحصلون على الأدوية مجانا، ويساعدهم على ذلك سماح السلطات الإسبانية لهم باجتياز الحدود الوهمية دون تأشيرة، أو جواز سفر. وحسب المعهد الوطني الإسباني للتدبير الصحي، فإن أزيد من 118 ألفا و922 شخصا لا يتوفرون على بطاقة الصحة (ما يعني أنهم ليسوا مواطنين إسبان) تلقوا، خلال سنة 2008، العناية الطبية بمستشفيات سبتة، ما تطلب من الحكومة الإسبانية مبلغ 3 ملايين و487 ألفا و681 أورو. ووفقا لمصادر إسبانية رسمية، فإن الأشخاص الذين يرتكبون خروقات خاصة في مستشفيات سبتة (يحصلون على العناية الصحية دون توفرهم على البطاقة الصحية، ولا يؤدون الثمن الرمزي) هم مغاربة، إما متزوجون من مواطنين إسبان، أو لديهم علاقة قرابة مع أحد سكان الثغر المحتل. وفي سياق متصل، نددت النقابة الإسبانية “اللجان العمالية” بما أسمته “حصارا”، تضربه القنصلية الإسبانية في تطوان على طلب التأشيرات، في إطار التجمع العائلي، إذ ترفض طلب أي شخص في ذمته مستحقات لأحد مستشفيات الثغرين، الأمر الذي تعتبره النقابة إجراء “غير شرعي، وابتزازا، وخرقا للقانون”. وتبقى حالة ياسمينة، وهي امرأة متحدرة من تطوان، ومتزوجة بمواطن إسباني، إحدى الحالات المثيرة للجدل في هذا الشأن، إذ رفضت القنصلية الإسبانية منحها التأشيرة في إطار التجمع العائلي، وطالبتها بأداء مبلغ 1.800 أورو لمركز الضمان الاجتماعي بسبتة، حيث وضعت مولودتها، منذ أشهر. ومن حين إلى آخر، تتعالى أصوات مواطنين إسبان بالثغرين المحتلين، للتعبير عن غضبهم مما يسمونه “استغلال النساء المغربيات للخدمات الصحية” بالمدينتين. وتندد هذه الأصوات بأن أكثر من نصف الولادات، التي تجري في المستشفيات الحكومية للثغرين المحتلين، هي لمغربيات يدخلن المدينتين عبر ممري “طاراخال” وبني انصار، للاستفادة من الخدمة الصحية المجانية في ظروف إيجابية جدا، في حين، يؤدي المواطنون الإسبان الضرائب. بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض العائلات المغربية المعوزة، القاطنة بمدينة الناظور ونواحيها، تحمل أبناءها المصابين بأمراض مستعصية إلى مليلية المحتلة، وتتخلى عنهم أمام المستشفيات هناك، لضمان العلاج لهم، ثم تعود لاستلامهم بعد ذلك.