لا تزال مشاعر الغضب والاستياء مسيطرة على الشارع السياسي والمدني المغربي، على الرغم من أن رئيس الحكومة الإسبانية خوسيه لويس ثاباتيرو قد أنهى زيارته الأربعاء (1/2) لمدينتي سبتة ومليلية التين تعتبرهما الرباط "ثغرين مغربيين محتلين". وفي هذا الصدد وصف وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية محمد نبيل بن عبد الله زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى المدينتين المحتلتين بأنها "غير الملائمة". وأضاف في تصريح للقناة التلفزية الثانية المغربية (دوزيم)، أن هذه الزيارة "تأتي في سياق لا يتناسب والسيرورة العامة التي نعرفها ونريدها"، معتبرا أن هذه الزيارة "لن تأتي بجديد بخصوص طبيعة المشكل المطروح بالنسبة للمدينتين السليبتين". في الأثناء أكدت مجموعة من القيادات الحزبية المغربية أنه قد آن الأوان لكي تسلم إسبانيا مدينتي سبتة ومليلية للمغرب. وعلى المستوى الشعبي لا تزال مدينتا تطوانوالناظور في الشمال المغربي، تعيشان، حسب المتتبعين، على إيقاع وقفات احتجاجية ومظاهرات شعبية غاضبة، على اعتبار أن المدينتين تعتبران بوابتين لمدينتي سبتة ومليلية. ورفع المتظاهرون أثناء زيارة ثباتيرو للمدينتين شعارات مطالبة برحيل إسبانيا، ومنددة بزيارة رئيس الحكومة الإسبانية للمنطقة، التي اعتبرت استفزازا لمشاعر المغاربة، وتكريسا لواقع الاستعمار. وكان من بين المتظاهرين مواطنون قدموا من داخل مدينتي سبتة ومليلية، وقالوا في تصريحات بثها التلفزيون المغربي، إن هذه الزيارة لها طابع سياسي لكسب الدعم في الانتخابات المقبلة، التي ستجرى خلال العام المقبل. كما توجهت تصريحات أخرى باللغة الإسبانية للشعب الإسباني تطالبه بأن ينتبه للتاريخ وللجغرافيا، حتى يتوقف عن اعتبار المدينتين إسبانيتين، وأنه لا مجال لمناقشة وضعيتهما الحالية، كما يردد المسؤولون الإسبان. وكانت الزيارة الرسمية لرئيس الحكومة الإسبانية مناسبة لتأسيس لجنة تنسيق من قبل الأهالي في المنطقة. وقامت هذه اللجنة بتسليم رسالتي احتجاج للقنصلين الإسبانيين في كل من مدينتي الناظوروتطوان المغربيتين. وعكست الصحافة المغربية موجة الاستياء، التي وحدت كل الأطياف السياسية المغربية، إذ اعتبرت يومية /العلم/ الناطقة بلسان حزب الاستقلال اليميني المشارك في الحكومة أن "زيارة ثباتيرو لسبتة ومليلية المحتلتين، هي خضوع للأوساط الاستعمارية وإضرار بالعلاقات بين البلدين..". كما نقلت يومية /الاتحاد الاشتراكي/ الناطقة بلسان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حملة التنديد، التي سادت أوساط المجتمع المدني، بسبب هذه الزيارة. وقال حسن عبد الخالق الصحافي والنائب البرلماني عن حزب الاستقلال إن زيارة ثباتيرو "غير ودية بكل المقاييس، لكونها تسير في الاتجاه المعاكس للتطور، الذي تشهده العلاقات المغربية الإسبانية، بعد وصول الاشتراكيين إلى سدة الحكم في إسبانيا". وأعرب عن أسفه كون زيارة ثباتيرو تتم من قبل أول رئيس حكومة إسباني اشتراكي، مذكرا بأن اليمين الإسباني في شخص خوصي ماريا أثنار رئيس الحكومة السابق لم يجرؤ على القيام بمثل هذه الزيارة. ورغم التطمينات الإسبانية، التي حاولت أن تخفف من وقع الزيارة على الرباط، فإنها كانت مناسبة لوضع المدينتين المغربيتين المحتلتين في صلب الاهتمام الشعبي مجددا، وقد تطلق الشرارة الأولى للقيام بخطوات قد تكون تصعيدية للمطالبة بتحرير المدينتين، حسب بعض المراقبين. وتقع مدينة سبتة في أقصى شمال المغرب على الساحل وقد احتلها البرتغاليون عام 1415 ثم الإسبان عام 1580. وبعد أن أصبح "المغرب الإسباني" جزء من المملكة المغربية احتفظت إسبانيابسبتة. أما مليلة فتديرها إسبانيا منذ عام 1497. ومنذ عام 1992 تتمتع المدينتان بالحكم الذاتي، ولذلك فإنهما لا تندرجان في إطار قاعدة البيانات الانتخابية في إسبانيا.