[email protected] كلما حلت الانتخابات عادت بي الذاكرة إلى الوراء، وبالضبط إلى ربيع 2002 ميلادية ، حين تعرضت رفقة أزيد من ثلاثين ألف شاب مغربي إلى اكبر عملية نصب واحتيال تمثلت في فضيحة ما سمي بشركة النجاة الإماراتية ، أتذكر تلك الأيام التي روج فيها لهذه الشركة ، أتذكر تلك الإبتسامة العريضة التي إرتسمت على محيا أزيد من ثلاثين ألف شاب مغربي وعائلاتهم ، فرحت بالخبر خصوصا وأنني نلت مايكفي من البطالة بعد حصولي على شهادة الإجازة ، الكل روج للعملية حتى أصبحت حديث العام والخاص ، سافرت إلى مدينة الدارالبيضاء لإجراء الفحوصات الطبية ، إنبهرت بطوابير الشباب التي لاتنتهي ، الكل أجرى الفحوصات الطبية مقابل 900 درهم دون احتساب مصاريف التنقل والأكل والمبيت ، لاشيء يهم مادام الجميع سيشتغل ، العقد مغري تضمن أجرة شهرية تتراوح مابين ستة آلاف وسبعة آلاف درهم إضافة إلى شهر عطلة مؤدى عنه ، الإعلام يتسابق في تقديم مستجدات الموضوع منها تأكيده على أن الشباب الذين يتقنون الإنجليزية سيتسنى لهم الحصول على أجر اكبر الشيء الذي دفع بعض أصدقائي إلى التسجيل في بعض المدارس لتعلم الإنجليزية ، نعم إنها فضيحة النجاة التي تم التأكيد على حقيقتها في أحد برامج القناة الثانية ” في الواجهة ” من طرف وزير التشغيل سابقا حيث قال : شركة النجاة شركة حقيقية وان العملية سليمة . أتذكر الإعلام المكتوب الذي كان يطلعنا بالمستجدات، أتذكره حينما قدم لنا أيضا آخر المستجدات وقتها بكون أول فوج سيسافر إلى العاصمة النرويجية أوسلو في نهاية غشت 2002 وعدد المرشحين 5000 شخص سيعملون على متن البواخر السياحية في مختلف أنحاء العالم . إنفجرت الإدعاءات مثل فقاعات الصابون وإستيقضنا من كابوس إسمه شركة النجاة وفي الوقت الذي كنا ننتظر فيه توضيحات الحكومة نفاجأ بجدار سميك من الصمت ، حيث إكتفوا ببيان تافه أذيع على التلفاز تحدث في بضع كلمات مقتضبة عن التعويض دون الإشارة إلى طبيعة التعويض ولا قيمته ولا طريقة صرفه ولا تاريخ تفعيله . ثلاثون ألف مغربي تعرضوا لأكبر عملية إحتيال ، منهم من باع أثاث المنزل لتوفير مبلغ الكشوفات الطبية ومنهم من إستقال من وظيفته أمام إغراء فضيحة النجاة والتحق بطوابير فضيحة النجاة منهم من إنتحر من هول الصدمة ، حتى دماؤنا لم تسلم ، هي الاخرى تعرضت للسرقة والاحتيال نعم إنها البطالة التي جعلت الشباب ينخرطون في فضيحة النجاة ، الثقة الزائدة التي نضعها في أولاد ... كلما حلت الانتخابات سأتذكر فضيحة اسمها شركة النجاة ما حييت ، أين التعويض الذي تحدثوا عنه ؟ لماذا لم يتم محاكماة المتسببين في هذه الفضيحة ؟ لماذا ولماذا ولماذا ؟؟ . لن أنسى تلك الأيام التي حاولت أن استفسر عبر الهاتف عن المستجدات وأجابني مسجل هاتفي بكل برودة أعصاب ” ........... يتعذر الإتصال بمخاطبكم ، المرجو إعادة النداء لاحقا ” . كلما حلت الانتخابات أتحفظ من الشعارات الراننة لبعض الكائنات السياسية التي تطلق في الحملات الانتخابية ولا أثق في مجملها ، الكل يريد أن يظهر بصورة الحمل الوديع ، منهم من ى يعقد اللقاءات التواصلية قبيل الإنتخابات يتحدثون على المشاريع والتشغيل الذي يظل مجرد كلام ، منهم من ركبته الهمة والشأن وبدأ يطلق العنان للكلام ويريد أن يظهر في صورة “المهدي المنتظر ” حيث ذهب إلى حد القول إلى أن حزبه هو السبب في تعليق مدونة السير ، على حساب النقابات ، يدخنون في اللقاءات العمومية دون إحترام للحضور الكريم . غريب أمر بعض هذه الكائنات السياسية التي لا تظهر إلا مع اقتراب الإنتخابات والتي يطبق عليها أغنية مرسول الحب فين مشي وفين غبتي ....................... ” دابا عاد بنتي ” . يتجولون في الشوارع والأزقة بدون حشمة ولا وقار ، شوارع تتبرأ منه خصوصا وأنهم تحدثوا في حملاتهم السابقة عن تزفيتها ، الإبتسامة لاتفارقهم يسلمون على كبير السن وصغيرهم ، منازلهم مشرعة ، كرمهم الحاتمي يتضاعف ، يتحدثون في الحملات الإنتخابية عن الواد الحار والكهرباء وكأننا مازلنا نعيش حقبة سنوات الرصاص آه نسيت ربما عندهم الصح لأننا مازلنا ننتمي للمغرب غير النافع إذاما أخذنا بخطاباتهم مادموا يتحدثوا على برامج بدائية يجب أن يخجلوا من الحديث عنها في وقتنا هدا . كلما حلت الإنتخابات أتذكر شمته بعض هذه الكائنات السياسية ، حيث انه بمجرد ظهور النتائج تختفي بعض هذه الكائنات ، يعودون إلى أصدقائهم الحقيقيين ، يفارقون المواطنيين ” بوزبال ” الذين أوصلوهم إلى النعمة التي ينعمون بها ، يعودون إلى ” لالة أو مولاتي وزيد مراسك ........” يضعون البطاقة المستعملة في الحملة الإنتخابية في سلة المهملات ، يلعنون تلك الأيام التي جابوا فيها شوارع الفقراء للحصول على أصواتهم ، يلعنون تلك الأيام التي فارقهم النوم خوفا من مفارقة الكرسي خصوصا أولائك الذين أصبحوا عاجزين عن العيش وعن تصور الحياة بدونه . النصب والإحتيال في أبشع صوره ، والذي وثق في بعضهم واتصل على الرقم الذي منح له في فترة الإنتخابات سيفاجأ بالخاطب التالي : ........... يتعذر الإتصال بمخاطبكم المرجو إعادة النداء لاحقا ” بمعنى ” حتى الإنتخابات الجاية عاد تشغل ديك النمرة ” . يبدو أنه اختلطت علي الأمور في عمودي اليوم ، لكن إعذروني إن جمعت بين الموضوعين شركة النجاة وسلوكات بعض الكائنات السياسية ، لأن الأولى تعرضت فيها لعملية الإحتيال والنصب بمناسبة إنتخابات 2002 ولها علاقة بسلوكات بعض الكائنات السياسية التي تظهر في مناسبة الإنتخابات للضحك علينا ونيل أصواتنا وممارسة الاحتيال في أبشع صوره ، فقبل أن يتغذى بنا بعض هؤلاء يجب أن نتعشى بهم ، وقبل أن تجيبنا هواتفهم ” ........ بإعادة النداء لاحقا ” يجب أن نطبق فيهم المثل الشعبي ” مائة تخميمة وتخميمة ولا ضربة بالمقص ” .