منذ مدة طويلة كان من المواضيع التي تشغل بالي كثيرا، قضايا وأفعال النصب والاحتيال، تلك الجرائم التي تعد من أكثر المواضيع شغلا لحديث الناس ووسائل الإعلام والمختصين من القانونيين، إلا أنها مع كثرة الحديث عنها، وكثرة ما يبتلى به الناس في تعاملاتهم، وحياتهم اليومية، تبقى هذه الجرائم من دون وجود نظام خاص بها، يضبط أحكامها، ويحدد معالم الأفعال ومعاييرها المندرجة تحتها، ويضع لها العقوبات التي تكفي لردعها، ويجمع صورها المشتتة المتفرقة تحت مظلة نظام واحد، وجهة تحقيق ومحاكمة واحدة. بإقليمالناظور يتحدث الناس بكثرة عن أمثلة حية لتجار ومستثمرين وأشخاص عاديين تعرضوا للنصب والاحتيال بطرق تدليسية قل نظيرها بأفلام هوليود دفعت بعضهم لإعلان إفلاسهم وآخرين لفقدان الثقة في معاملاتهم مع الناس. ويروي الكثيرون بالإقليم تفاصيل حول جرائم النصب والاحتيال في عالم التجارة والأعمال، وما لذلك من أثر على اقتصاد الناظور والبلد ككل، إلا أن بحث زايوسيتي نت في هذا الموضوع يكشف الضرر العظيم الذي يعانيه الناس من جرائم النصب والاحتيال في الأنشطة والمجالات كافة، لا تقل أثرا سيئا عن أثرها في ميدان التجارة والاستثمار. ولو لم يكن من ضرر هذه الجريمة إلا أنها تزعزع الثقة في الأنظمة والقوانين، وتبعث على الإحباط والشعور بسيطرة الفساد في المجتمع، وتفكيك أواصر الألفة والمحبة وروابطها بين أفراد المجتمع الواحد، لكان في هذه الأضرار ما يكفي للاهتمام بمواجهة هذه الجرائم والعناية بوسائل القضاء عليها. أما في مجال التجارة والاستثمار فيكفي أن نعرف أن التجارة إنما تقوم على أساس الثقة والسرعة والائتمان، ما يجعل جرائم النصب والاحتيال فيها، تضرب هذا الأساس وتصيبه بالشلل أو الموت. محمد صاحب شركة لبيع مواد البناء وسط مدينة الناظور، صرح لزايوسيتي نت حول ما تعرض له من نصب قائلا: "قدم إلي شخص بوثائق تثبت تملكه لمقاولة للبناء، فاقترح علي التعامل معه في هذا الإطار، فكان أن اقتنى من شركتي مواد للبناء بقيمة 5 ملايين من السنتيمات، فأدى ما عليه نقدا، بعد ذلك طلب مني مده بثلاثة ملايين من السنتيمات سلعا، وأدى مرة ثانية الثمن نقدا، وذات مرة قدم إلي شيكا بنكيا بقيمة 10 ملايين من السنتيمات، وأخذها سلعا، وبعد مدة ذهبت للبنك فأخذت ما بذمته من مال"، ويبدو أن كل هذا كان تمهيدا لعملية كبرى حسب محمد "أعطاني مرة أخرى شيكا بقيمة 15 مليون سنتيم، وأخذ قيمتها سلعا، وبعد مدة أردت الحصول على المال، لأجد الحساب قد توقف لأذهب في الحين إلى حيث مقر شركته لأجده قد غادر نحو وجهة مجهولة". بعد مدة تم إلقاء القبض على هذا النصاب ليكتشف المتعاملون معه أنه "هاوي" تقديم شيكات دون رصيد وهو الآن قيد الاعتقال، غير أن محمد وآخرون ضاعوا في مبالغ مالية ليس بمقدون "النصاب" توفيرها. أما أحد أصحاب محلات كراء السيارات، فيروي قصص خيالية عن أشخاص قصدوا محله وفي نيتهم النصب عليه، "لا أستطيع التعرف على كافة الناس بالناظور، وهذا يجعلني في كثير من الأحيان أسقط ضحية أشخاص يأتوا إلي بوجه ويظهروا بعد ذلك وجها آخر". يضيف صاحب المحل: "مؤخرا اكترى مني شخصا سيارة وتم الاتفاق على كافة التفاصيل ومنحني ما بذمته نقدا، لكن وبعد انتهاء مدة الكراء اختفى عن الأنظار واختفت معه السيارة، ولليوم أبحث باستمرار عنها دون جدوى، وبعد مزيد من البحث تبين لي أن وكالات أخرى لكراء السيارات بالناظور كانت ضحية لنفس الشخص فيما البحث عنه لا زال جاريا". لا يسع المجال للحديث عن كافة التفاصيل غير أننا بجولة بسيطة بمدن إقليمالناظور، نكتشف أن النصب والاحتيال أصبح مهنة يتعاطى لها الكثيرون بشكل "مهني" وكأنهم تلقوا تعاليم ما يقومون به داخل مدارس مختصة. ولئن كانت أعمال الغش والتزوير والاختلاس ونحوها كلها يمكن أن تدخل في عموم جرائم النصب والاحتيال، إلا أن المقصود الأخص بهذه الجريمة هو المتمثل في: استعمال الجاني وسائل احتيالية، أقوالا كانت أو أفعالا، لحمل المجني عليه على الغلط، والتصديق وتسليم ماله لهذا المحتال. وهي بهذا الوصف تصيب سلامة المجني عليه وإرادته، وتقضي على مبدأ حسن النية في التعاملات. ولا يخفى أن التطور التكنولوجي والتقني الهائل في العالم، أحدث معه وسائل متطورة وصورا أكثر تعقيدا لهذه الجرائم الخطيرة القذرة، ما يعني أن الجهود البسيطة، والإمكانات المتواضعة، والنصوص القانونية المتفرقة الجزئية هنا وهناك، لم تعد كافية لحماية الناس من خطر جرائم النصب والاحتيال. ويرى الكثيرون أن الردع بقوة القانون والصرامة اللازمة كافيان لوقف ما أصبحنا نعيشه يوميا من جرائم نصب واحتيال بمختلف مدن الناظور.