القرض الفلاحي يعزز التزامه برقمنة وتحديث المنظومة الفلاحية من خلال شراكات استراتيجية جديدة    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    الخط فائق السرعة القنيطرة-مراكش سيجعل المغرب ضمن البلدان التي تتوفر على أطول الشبكات فائقة السرعة (الخليع)    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المشاركين في معرض الفلاحة    بودريقة يقضي أول ليلة في سجن عكاشة بعد ترحيله من ألمانيا    مونديال 2030 يدفع بالشراكة المغربية الفرنسية نحو آفاق اقتصادية جديدة    "اللبؤات" يبلغن نصف نهائي "الكان"    الحكومة تعتزم رفع الحد الأدنى للأجور الى 4500 درهم    إسرائيل تدين قرار حكومة إسبانيا    بعثة المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة تصل إلى القاهرة للمشاركة في كأس إفريقيا    إحباط محاولة لتهرييب المفرقعات والشهب النارية ميناء طنجة المتوسط    جلالة الملك يعطي انطلاقة خط القطار فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش    مهرجان "السينما والمدرسة" يعود إلى طنجة في دورته الثانية لتعزيز الإبداع والنقد لدى الشباب    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    97.6 % من الأسر المغربية تصرح إن أسعار المواد الغذائية عرفت ارتفاعا!    هل يُطْوى ملفّ النزاع حول الصحراء في‮ ‬ذكراه الخمسين؟    أعمال تخريب بمركب محمد الخامس    وزير الزراعة الفلسطيني يشيد بالدعم المتواصل لوكالة بيت مال القدس الشريف للمزارعين المقدسيين    السجن لشرطيين اتهما ب"تعذيب وقتل" شاب في مخفر الأمن    امطار رعدية مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    دورة "سمية العمراني" بمهرجان "معًا" بطنجة.. تكريم لروح العطاء ودعوة لدمج شامل لذوي الإعاقة    الهند تُعَلِّقْ العمل بمعاهدة تقاسم المياه مع باكستان    محمد رضوان رئيسا لقضاة إفريقيا    رفع قيمة تعويض الأخطار المهنية للممرضين والإداريين والتقنيين.. وإقراره لأول مرة للأساتذة الباحثين بالصحة    الوداد ينفصل عن موكوينا ويفسح المجال لبنهاشم حتى نهاية الموسم    واتساب تطلق ميزة الخصوصية المتقدمة للدردشة    بايتاس: الاعتمادات الجديدة في الميزانية ممولة من الضرائب لسد الالتزامات ودعم القدرة الشرائية    بنكيران يدعو إلى جمع المساهمات من أجل تغطية مصاريف مؤتمر "البيجيدي"    جماعة بوزنيقة تؤجل جلسة كريمين    قادة وملوك في وداع البابا فرنسيس    نبيل باها: الأطر المغربية تثبت الكفاءة    رئيس الحكومة يقف على تقدم تنزيل خارطة طريق التشغيل    أخنوش يترأس جلسة عمل للوقوف على تقدم تنزيل خارطة طريق التشغيل    منظمة دولية تندد ب"تصعيد القمع" في الجزائر    الملتقى الدولي لفنانين القصبة بخريبكة يؤكد ضرورة الفن لخدمة قضايا المجتمع    المجلس الاقتصادي والاجتماعي يدعو إلى احترام حق الجمعيات في التبليغ عن جرائم الفساد    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    المهدي الفاطمي يسائل وزير الصحة حول الصحة النفسية بالمغرب وأخطار الإهمال.. 'سفاح بن أحمد نموذجا    الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للفيديوهات التوعوية: منصة للإبداع المجتمعي تحت شعار "مواطنة مستدامة لعالم يتنامى"    روبي تحيي أولى حفلاتها في المغرب ضمن مهرجان موازين 2025    الصين تنفي التفاوض مع إدارة ترامب    سلسلة هزات ارتدادية تضرب إسطنبول بعد زلزال بحر مرمرة وإصابة 236 شخصاً    وعي بالقضية يتجدد.. إقبال على الكتاب الفلسطيني بمعرض الرباط الدولي    المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة: المغرب نموذج بارز للابتكار    الجيش المغربي يجري مناورات "فلوطيكس 2025" في المتوسط لتعزيز جاهزية البحرية    الصين تعلن عن التجارب الجديدة لعلوم الحياة في محطة الفضاء    خالد بوطيب يجبر فيفا على معاقبة الزمالك    برادة يحوّل التكريم إلى "ورقة ترافعية" لصالح المغاربة و"اتحاد الكتاب"    السبتي: العنف الهستيري ضد غزة يذكّر بإبادة الهنود الحمر و"الأبارتايد"    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النصب والاحتيال بطرق غريبة بجهة سوس من طرق أشخاص نافذين ومؤسسات معروفة.
نشر في أكادير 24 يوم 28 - 04 - 2012

كشفت العديد من ملفات النصب والاحتيال التي شهدتها محاكم جهة سوس ماسة درعة وتلك التي يتداولها الناس في المقاهي والمجالس الخاصة
أن محترفي النصب والاحتيال قاموا بتقمص جميع الأدوار، بدءاً بممثلي الشركات، مرورا بأعوان السلطة وصولا إلى انتحال صفة قضاة وأشخاص مقربين من القصر الملكي.. كما انتحل بعضهم صفة «مخزني» وآخر صفة قائد وآخرون صفة صحافيين وغيرها من المناصب والصفات من أجل الوصول إلى مبتغاهم وسلب المنصوب عليهم أموالهم وإيهامهم بتقديم خدمات عجزوا عن بلوغها بصفتهم «مواطنين» بسطاء مغلوبين على أمرهم.. ويتّضح، من خلال التقارير الإعلامية التي تناولت ظاهرة النصب والاحتيال ومن بعض الإحصائيات حول الجنح المرتكَبة في الجهة تنامي هذه الظاهرة بشكل لافت في جهة سوس ماسة، الأمر الذي حذا بنا إلى التوقف عند هذه الظاهرة ومحاولة ملامستها من كافة الجوانب القانونية والاجتماعية من أجل فهم ظروف تنامي الظاهرة والأسباب التي ساهمت في تفاقمها.
من القصص الغريبة للنصب والاحتيال في جهة سوس ماسة درعة تلك التي وردت في محاضر الدرك الملكي أثناء التحقيق في واقعة التزوير التي اتُّهم فيها رئيس جماعة إسافن في إقليم طاطا بأنه حصل على شهادة مدرسية مُزوَّرة من أجل الفوز برئاسة الجماعة القروية، حيث صرح ابن شيخ مدرسة الرحمان العتيقة، الشيخ الطيب المنذر، والقائم بأعمال الحراسة العامة فيها أن ثلاثة أشخاص قدِموا إلى المدرسة وقدّموا أنفسهم على أن واحدا منهم «وكيل للملك» والثاني «محام» في هيئة أكادير والثالث من «شرفاء» القصر الملكي، حيث كشف عن بطاقة تحمل خطين أحمر وأخضر، دون أن يُمكّنهما من الاطلاع عليها.. وأخبروا القيمين على المدرسة أن الشيخ يوجد رهن الاعتقال في السجن المحلي لإنزكان بسبب تسليمه شهادة مزورة لرئيس جماعة «إسافن» وطالبوا منهما أن يسلموهما شهادة تراجع وسحب هذه الشهادة من أجل التمكن من «إخراج» الشيخ من السجن.. كما طالبهما الأشخاص المنتحلون للصفات سالفة الذكر بمبلغ 5000 درهم لمواجهة مصاريف الدعوى، إلا أن عدم توفرها على هذا المبلغ في تلك اللحظة جعلهما يقتصران على تسليمهم مبلغ 2000 درهم، وبعد التدقيق والتحري في الموضوع، اكتشف الشخصان أنهما كانا موضوع نصب واحتيال من طرف الأشخاص المذكورين.
وكان الغرض الذي دفع منتحلي هذه الصفات سالفة الذكر إلى الطعن في أهلية رئيس الجماعة في تقلد منصب رئيس الجماعة، حيث تشبث جميع الأشخاص برغبتهم في الطعن في أهلية هذا الشخص لهذا المنصب وعملوا جاهدين على إثبات ذلك.
الوالي بوسعيد والاحتيال..
عندما كان الوالي بوسعيد يتحدث عن حملته ضد البناء العشوائي، اختار أن يطلق على ضحايا عملية الهدم «ضحايا عملية نصب واحتيال». وشدد على أن المتورطين في البناء العشوائي تعرضوا لأكبر عملية نصب واحتيال وطالبهم بأن يقدموا شكاية لدى النيابة العامة من أجل أن تأخذ العدالة مجراها للوصول إلى المتورطين الحقيقين ممن وصفهم ب«المافيوزيين» الذين يريدون الاغتناء على حساب الملك العمومية وعلى حساب الفقراء من ذوي الحاجة إلى السكن. وقد كشفت التحريات، التي ما تزال في بدايتها بهذا الشأن، تورط مجموعة من المستشارين والموظفين العاملين في أقسام تصحيح الإمضاء داخل كل من الجماعة الحضرية لأكادير وبلدية إنزكان، حيث صدرت أحكام قضائية في الموضوع.
كما حلت لجن مركزية للتحقيق مع الأشخاص الذين قاموا بإعداد أراضٍ وتجزئيها بطريقة غير قانونية، حيث يرتقَب أن تتم متابعة نافذين في الموضوع. وبذلك، شكّل البناء العشوائي فرصة سانحة لقبلية النصابين، الذين استغلوا حاجة شريحة عريضة إلى السكن فأغروهم بعقود ملكية غير دقيقة وبغيرها من أساليب الخداع لتمكينهم من أراضٍ لا يملكونها، وهو ما خلّف أعدادا كبيرة من المتضررين الذين خسروا مدخراتهم دون تحقيق حلمهم في سكن يعفيهم من المعاناة مع مصاريف «الكراء».
المقاولون والوجه الآخر للاحتيال
تشكو شريحة واسعة من المقاولين من عمليات نصب واحتيال يتعرضون لها من طرف مجموعة من الموظفين في مختلف الإدارات، وخاصة أثناء إعداد دفاتر تحملات بعض المشاريع، حيث يتم تضخيم أحد البنود الواردة في دفتر التحملات من أجل رفع التقدير المالي الذي يقدمه المنافسون، في حين يطلب من المقاول المحظوظ ألا يعبئ هذا البند أصلا أو يقوم بتعبئته بمبلغ بسيط، لأن «الخدمة» الواردة في هذا البند يمكن الاستغناء عنها أصلا في أول مراجعة تتم لدفتر التحملات أو أثناء التنفيذ ليتم إقصاء المقاولين غير المرغوب فيهم بطريقة قانونية، والتي لا يستطيع أي أحد أن يحتج عليها، فضلا على الابتزاز الذي يمارس أثناء الأداء، حيث يظل ملف المقاولة مركونا في أدراج الخزينة العامة دون تمريره للتسوية وصرف المستحقات لأصحابها. وبمجرد أن يعبر المقاول عن امتعاضه أو احتجاجه يتم تصنيفه على أنه مقاول «مشاغب» ويتم إقصائه من كل الصفقات.
أجانب ضمن «خطط» المحتالين
لم يقتصر النصب الاحتيال في جهة سوس ماسة على المغاربة فقط، بل كانت الجهة مسرحا للعديد من عمليات النصب والاحتيال، بدءاً بالدولار المزور الذي استقدمه مجموعة من الأفارقة وأسقطوا في شباكهم العديد من الضحايا، الذين أغراهم «الطمع» عندما رأوا بأم أعينهم مئات الأوراق المالية من فئة «الدولار».. إلا أنهم اكتشفوا، بعد ذلك، أن هذه الأوراق المالية مغشوشة.
وطال النصب الأبناك المغربية أيضا، حيث تعرضت مجموعة من الحسابات البنكية للاختلاس من طرف عصابات قادمة من أروبا الشرقية، خاصة من رومانيا، إذ تعمد هذه العصابة إلى استعمال بطائق ممغنطة مزورة من أجل الاستيلاء على مدخرات أشخاص تبيّنَ أثناء البحث الذي أجرته مصالح الشرطة أن أغلبها لأجانب، كما أن المبالغ المختلَسة كانت جد مهمة.
السياحة والنصب
تعددت الشكايات التي رفعها مجموعة من الأشخاص، بعد أن اكتشفوا أن شركة متخصصة في التسويق السياحي قد «باعتهم الوهم» مقابل مبالغ مالية تبتدأ من 1000 درهم كحد أدنى، لتصل إلى 25 ألف درهم. وتباغت الشركة الزبناء بأن تطرح عليهم أسئلة بسيطة (حتى يتمكنوا من «الإجابة» عنها)، وبعد ذلك، تخبرهم أنهم فازوا بإقامة لمدة ثلاثة أيام في أحد الفنادق الفاخرة من اختيارهم وفي مدن يختارونها.. بعد ذلك، يتم استدعائهم إلى مقر الشركة لتتم مطالبتهم بالمبالغ المالية المذكورة، كل حسب «العرض» الذي يقبل به.
لكن الغريب في هذه النازلة أن هذه الشركات تعمل بشكل رسمي وبمرور الوقت، يكثر الأشخاص الذين يكونون عرضة للنصب من طرفها، في حين يتحدث آخرون عن كونهم استفادوا فعبياً من هذه الرحلات، لتبقى هذه الشركات التي تقدم نفسها على أنها سياحية لغزا محيّرا.
ويحكي أحد الأشخاص ممن مروا من «تجربة» هذه الشركة أنه لم يتنبه إلى الأمر إلا بعد أن سلم ممثلي الشركة شيكا بمبلغ مالي يقدر ب3000 درهم، وبعد عودته إلى البيت، انتبه إلى أنه وقع ضحية نصب، ليعود إلى الفندق الذي تم استقباله فيه رفقة أسرته، مطالبا باسترداد الشيك، إلا أن القائمين على الشركة رفضوا ذلك، مما حذا به إلى اللجوء إلى وسائله الخاصة، الأمر الذي لم يبق معه أمام أصحاب الشركة إلا أن يعيدوا المبلغ إلى صاحبه لتفادي ما لا تحمد عقباه.
احتيال لإسقاط النفقة
من الملفات المثيرة التي أثارت العديد من ردود الفعل ملفات وصل فيها النصب والاحتيال إلى حدود بعض الحقوق المشروعة، كما وقع في ملف زوجين قررا وضع حد لعلاقة زواج شرعية كانت نتيجتها طفلة استحقت، بموجب نص حكم قضائي، النفقة إلا أن الزوج ربما كبرت في نفسه أن تحظى هذه الطفلة بمستحقاتها، فقام يفكر ويدبر من أجل إسقاط هذه النفقة.. وربما أشار إليه بعض العارفين بالنصب والاحتيال أن الوسيلة الوحيد القانونية الموجبة لسقوط النفقة هي تورط الزوجة في الخيانة الزوجية.. فقام الزوج بتنفيذ «الخطة». حيث اتفق مع شخصين، أحدهما رجل مسن، من أجل التحايل على الزوجة و«ضبطها» في حالة تلبُّس. ادعى الشخص الأول أنه مارس الجنس مع الزوجة، إلا أنه وأثناء الاستماع إليهما من طرف الشرطة القضائية، اعترفا بأنهما اتفقا مع الزوج من أجل التحايل على طليقته، من أجل ضبطها في حالة «تلبس». وبالتالي إسقاط النفقة عنها.. فاعترف الأول بأنه تلقى مقابل ذلك مبلغ 2000 درهم، بينما تلقّى الثاني تلقى وعدا بتشغيل ابنته في إحدى المؤسسات السياحية من طرف الزوج، وأقر بأن التصريحات التي أدلى بها في قرص مدمج لفائدة الزوج، والتي يحكي فيها عن تفاصيل معاشرة جنسية للطليقة مجرد إرضاء للزوج من أجل الحصول على وضيفة لابنته، ليتم الحكم عليها بشهرين حبسا نافذة.
وللصحافة نصيب
تفتقت «عبقرية» أحد المحسوبين على الجسم الصحافي عن فكرة «عبقرية » للنصب والاحتيال على صاحب مصبنة في إنزكان، حيث اغتنم «الصحافي النصاب» فرصة توفره على لائحة لتوقيعات مجموعة من ساكنة أحد الدوواير في جماعة «أمسكرود». فقام بعرضها على صاحب المصبنة، مدعيا أنها للسكان المجاورين للمصبنة التي يعتزم فتحها وقام بتهديده بنشرها إن هو لم يُمكّنه من مبلغ 5000 درهم، وأوهمه أن نشر العريضة سيعرقل حصوله على التراخيص اللازمة لفتح المصبنة.. ولم يكن من صاحب المصبنة إلا أن خضع لمساومة «الصحافي النصاب». ولكنه أخبر الشرطة بتفاصيل القضية وأعد مبلغ 1000 درهم وحدد مع «الصحافي» موعدا داخل إحدى المقاهي المعروفة في إنزكان، وعندما التقى صاحب المصبنة ب«الصحفي النصاب» أخبره أن المبلغ المتوفر حاليا هو 1000 درهم، فما كان من «النصاب» إلا أن قبل بتسلّمه، ومباشرة بعد ذلك، تم القبض عليه، ليتم الحكم عليه بسنة ونصف حبسا نافذة..
لم تكن هذه الحادثة وحدها التي تم فيها النصب والاحتيال باسم الصحافة، بل إن شابين استغلا برنامجا إذاعيا يعمل على جمع المساهمات لبعض الحالات الإجتماعية فقاما بإيهام أحد التجار في مدينة أكادير بأنهما يعملان لفائدة البرنامج وبأنهما على صلة بالقائمين على البرنامج ويقومان بجمع التبرعات للحالات الاجتماعية التي تُعرَض على البرنامج، إلا أن أحد الذين تم الاتصال بهم من أجل ذلك تنبه إلى الأمر، ليخبر الشرطة، حيث تم الإيقاع بهما.
النصب على المسنين
من القضايا المؤثرة التي ارتبطت بالنصب والاحتيال في جهة سوس ماسة درعة ما تعرض له مسن ومقاوم سابق في جيش التحرير، في عقده التاسع. تعرض هذا الشخص لأخطر عملية نصب واحتيال وسرقة، ففي سنة 1999، أصيب بجلطة دماغية نتج عنها ضعف عقلي وبدني، وقتها، كانت زوجته هي التي ترعاه وتساعده وتلازمه في مرضه، لكنْ مع توالي الأيام، تقرب إليهم أخوان شابان من نفس المنطقة، مدعيين رغبتهما بمساعدته في وضعه الصحي وحاجته الملحة إلى الغير في استخلاص راتب تقاعده من مؤسسة «بريد المغرب». ونظرا لهذا الوضع، فكر الأخوان في أساليب احتيالية للاستيلاء على أمواله، وعند زيارتهم له في منزله بشكل متكرر من أجل كسب ثقته والاطّلاع على أمواله ووثائقه الشخصية، قاما في سنة 2002 بإقناعه بإنجاز جرد لممتلكاته ليتمكنا من معرفة مقدار ثروته العقارية. كما قاما بدفعه إلى التوقيع على عقد استمرار قصد بيع عقار يملكه مع الورثة مساحته 4 هكتارات بتكلفة قدرها 530.000.00 درهم.. ولم ينته «طمع» هذين الشقيقين عند هذا الحد، بل عمدا، مرة أخرى، إلى النصب والاحتيال، بدفع الشيخ المريض إلى تفويت منزله الذي يقطنه، مع جل أملاكه وأملاك غيره من الورثة، وهي على الشكل التالي: الأول عقد هيبة عرفية تقدر مساحته ب2500 متر، بمقدار 100.000 درهم، والثاني عقد بيع عرفي يملك بموجبه منزلا فقط وهكتارين للورثة، بمقدار 100.000 درهم، والثالث عقد بيع عرفي يملك المسن بموجبه هكتارين ليسا في ملكه، بمقدار 100.000 درهم.. والغريب في هذه «العقود» المبرمة، والتي تم النصب بها لم يملك فيها هذا الرجل إلا الهيبة والمنزل فقط، أما الباقي فهو للورثة والغير، كما أن تاريخ إمضاء هذه العقود تم في يوم واحد (17/11/2008)…
كما تمكن الشابان من إقناع الرجل الضرير بالسكن معه في منزله ل«الانفراد به». ونظرا لوضعه الصحي فقد كانا يحتجزانه في غرفة مظلمة ويقومان بتجويعه قصد التخلص منه إلا، ان الألطاف الإلهية شاءت حضور أحد الجيران لزيارته، حيث اطّلع على معاناته ليتصل ببعض أفراد عائلة الرجل ويخبرهم بأحواله المزرية، والتي استدعت رفع شكاية لدى وكيل الملك لدى ابتدائية إنزكان، فأمر بفتح تحقيق في الموضوع، ليتم البحث وتقديم الجناة أمام الضابطة من أجل ارتكابهما جنح النصب والاحتيال والسرقة وخيانة الأمانة والتصرف في مال مشترك بسوء نية، فتوبع الظنينان أمام نفس المحكمة بالتهم ذاتها في جلسة علنية، وحكم عليهما بالسجن سنتين حبسا نافدا وبغرامة مالية 1000 درهم وتعوض مدني مقداره 150.000 درهم، مع الصائر
النصب والاحتيال.. «فن» من فنون الإجرام
النصب والاحتيال جريمة تطرّقَ لها المشرع المغربي في الفرع الثاني من الباب التاسع المتعلق بالجنايات والجنح المتعلقة بالأموال من مجموعة القانون الجنائي المغربي، المنفذ بمقتضى الظهير الشريف رقم 413/59/1 بالمصادقة على القانوني الجنائي الصادر بتاريخ 26 نونبر 1962.
وجريمة النصب والاحتيال منصوص عليها في الفصل ال540 من القانون الجنائي، وهي، كغيرها من الجرائم، تنبني على ثلاثة أركان، الركن المادي والركن المعنوي والركن القانوني. وقبل توضيح هذه الأركان، لا بد من توضيح بسيط يتعلق أساسا بطبيعة هذه الجريمة، التي تعتبر جريمة مادية لا شكلية، وتتميز بذلك بالسلوك المتعدد فيها، أي إلى المضمون النفسي لمرتكب الفعل، المتمثل في القيام بفعل الاحتيال على الغير، إلى جانب السلوك المادي الملموس والمتمثل في الوصول إلى تحقيق المنفعة المادية، أي الاستيلاء على مال الغير. وهذه الجريمة، كغيرها من الجرائم، قد تكون مُرتكَبة من إما بواسطة فاعل أصلي وحيد أو عدة فاعلين، كما قد يكون لها، إلى جانب الفاعل الأصلي، مساهم أو مشارك أو عدد من هؤلاء، ويكون هذا التصور بطريقة الاتفاق أو التحريض أو المساعدة.
ومعلوم أن هذه الجريمة، كغيرها من الجرائم، حسب ما تعمق فيه شراح السلوك الإجرامي وواضعو نظرياته، أن للمجني عليه دورا في وقوع هذه الجريمة، فغالبا ما يستغل الفاعل، الذي قد تتعدد صوره، من شخص عادي أو مؤسسة أو شركة أو غيرها إلى إيهام المجني عليه ببعض المنافع المالية والامتيازات التي قد يحصل عليها من خلال الوسائل التي يستعملها كطرق احتيالية لإيقاعه في الغلط والدفع به إلى الوقوع في شباكها، فالمجني عليه في هذه الحالة يسعى إما إلى منفعة مادية أو امتياز أو صفقة أو مرتبة، فغالبا ما يكون الجاني خبيرا بنفسية المُتعامَل معه، أي المجني عليه، لذلك اعتبر بعض فقهاء القانون أن النصب ليس جريمة فقط، بل فن من فنون الإجرام لتعدد ما يبدعه الفاعل وما يخترعه.
وعُرفِت جريمة النصب والاحتيال في كل زمان ومكان وتاريخ. ويشهد علم الإجرام بالوقائع الكثيرة والفريدة للعديد منها، وأظن أن انتشار هذه الجريمة في جهة سوس ماسة يظهر من خلال كثرة الملفات المعروضة على القضاء الجنحي بهذا الخصوص وكذلك من خلال إحصائيات النيابة العامة والشرطة القضائية ومراكز القضائية للدرك الملكي. والملاحظة التي يمكن تسجيلها بهذا الشأن هي أنها تؤشر فعلا على الارتفاع المهول لجرائم النصب والاحتيال، بمختلف صورها، والتي تتصدر فيها الشيكات بدون رصيد المرتبة الأولى، متبوعة ببقية أشكال الجنح.
وتعود أساب هذا الارتفاع إلى استهداف فئات اجتماعية معينة من المواطنين، لحاجاتهم الأساسية إلى بعض متطلبات الحياة، كالحق في السكن مثلا، حيث يعمد النصابون إلى «بيع الأراضي» للناس بواسطة وثائق مزورة، كما أن بعض الأشخاص الباحثين عن الربح السريع غالبا ما يسقطون ضحية نصب من طرف من يبيعونهم الوهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.