أعزائي القراء... شكرا... لقد نال مقالي السابق ما نال من انتقاد أو قبول حطم الرقم القياسي من حيث عدد الزوار، و عدد الردود... للجميع أقول: شكرا...و... نقطة... إلى السطر... و إلى السطر، نقاش الساعة: ... تستدعي الظرفية السياسية الحالية المتعلقة بشأننا المحلي مشاركة الجميع – مواطنين عاديين، فعاليات، نخب... – في طرح و الإجابة على السؤال التالي: ما الذي ينتظره الناضوريون من النسخة المقبلة للمجلس الجماعي المحلي؟ هكذا سؤال قد يكون محور ندوات، و موائد مستديرة كثيرة ألف البعض متابعة مجرياتها، و مضامينها، و تقنيات تنشيطها على الفضائيات الدولية قبيل الانتخابات التي تجري في الدول الديمقراطية العريقة مثل فرنسا، و ألمانيا، و أمريكا... و تلعب هده اللقاءات التي يعدها في الغالب صحفيون مختصون من العيار الثقيل دورا أساسيا يساهم بشكل عقلاني مدروس في تشخيص أوضاع الشأن العام، و رصد الحاجيات، و التعريف ببرامج الأحزاب السياسية المتنافسة لأجل الإصلاح، أو التغيير الأمثل... و انطلاقا من مواجهة مقترحات البرامج، و مقارنتها، و تقويم مصداقيتها، وأبعادها البراغماتية، و مؤشرات النجاح أو الإخفاق فيها، يستطيع الناخب اتخاذ قراره للتصويت لصالح هده الجهة، أو تلك... أو حتى العزوف في حالة عدم الاقتناع... لا تسير الأمور على هده الشاكلة عندنا... قد لا نحتاج إلى محللين مختصين لنقرأ، و نفهم ما يدور هده الأيام في مدينتنا: فبعدما فرغت السلطات المحلية من ضبط لوائح الهيئة الناخبة، و بعدما انتهى وكلاء اللوائح من عملية ترتيب المرشحين الدين تمت تزكيتهم من طرف الأحزاب السياسية التي اختاروا الترشح باسمها، و بعد إيداع كل الملفات لدى السلطات المحلية المعنية، بدأت عمليات استقراء آراء الشارع... عمليات استقراء بدائية لا تقف وراءها رسميا أية جهة حكومية أو غير حكومية... تستخلص مضامينها و نتائجها عموما من دردشات المواطنين في الأماكن العمومية كالمقاهي، و المساجد، و الساحات العمومية، و الأسواق، و الحمامات، و داخل سيارات الأجرة و حافلات النقل العمومي... هي مجرد دردشات... لكنها أحيانا تتحول إلى جدالات ساخنة و منفعلة، أو لمجرد ملاذ للترويح على النفس برسم كريكاتورات للمرشحين على شكل نكت ترجح كفة هدا المرشح على آخر، أو تسخر من الجميع... و تتحول أحيانا أخرى إلى تكهنات تتوقع عدد الأصوات الممكنة التي قد يتحصل عليها هدا المرشح أو داك، انطلاقا من اعتبارات بعيدة كل البعد عن المعايير المعتمدة عند جيراننا بالضفة الشمالية على سبيل المثال... اعتبارات تعتمد أساسا على الانتماء القبلي، و الأسري، و أحيانا عن كاريزمية الشخص المرشح، أو على أرصدته في البنوك بغض النظر عن محتويات السجل العدلي، أو على تموقعاته السابقة في المشهد السياسي المحلي و الوطني، أو على مدى رضا السلطات العليا عليه... اعتبارات لا تعطي الأولوية للانتماءات الحزبية لأن المواطنين يدركون تمام الإدراك بأن غالبية أحزابنا تستنجد كلما حل موسم الانتخابات بوجوه محترفة غير الأطر الحزبية المألوفة التي تكتفي بدور المنظر لمشاريع مجتمعية غالبا ما يراها المرشحون بنصف عين أو أدنى... مرشحون لا يحتاجون في غالبيتهم من الأحزاب سوى للتزكية، و قد يرحلون كلما تنافت مصالحهم الشخصية مع مصلحة الحزب... أو كلما استدعت ضرورة التحالفات لتشكيل المكاتب الجماعية خروجا اضطراريا بسبب المعارضة المبدئية للحزب لتلك التحالفات... و مع كل المعطيات السالفة الذكر، يبقى السؤال: مادا ننتظر من منتخبينا؟... أو بالأحرى، ما الذي ينتظره المنتخبون من الساكنة المحلية؟... لنفترض جدلا، أو تجاوزا بأن للمرشحين لتسيير الشأن المحلي، كلهم أو بعضهم، دراية دقيقة باحتياجات الساكنة المحلية... بأنهم قاموا مسبقا بتشخيص الأوضاع، و تحليلها، و تحديد مواطن القوة و الضعف فيها، و خلصوا إلى نتائج شكلت الأرضية الصلبة لبلورة برامج معقلنة، قابلة للتنفيذ، أي هندسة سيناريوهات ممكنة لتسيير الشأن المحلي... فهل هدا يكفي لإقناع الناخبين؟ و بما أننا لا نحب استباق الأحداث، سننتظر حتى تعلن الأحزاب المتنافسة رسميا برامجها، و عندها فقط ستكون للهيأة الناخبة المحلية كلمتها... و هدا أضعف الإيمان...