لم يسبق لواقعة وفاة مشرد في الشوارع، أن أثارت اهتمام وتعاطف المواطنين، مثل ما خلفته وفاة "موحى"، الذي يوصف بأشهر المشردين في قرية أركمان، وأكثر الشخصيات غرابة من نوعها. صورة "موحى"، بملابسه الرثة التي ظل لعقود طويلة يفترش بها الأرض ويلتحف السماء عثر عليه ميتا داخل ملعب كرة القدم بأركمان، بعد حياة قضاها كشخص بدون مأوى، وأيضا من الأشخاص غريبي الأطوار. رحل "موحى" وخلف وراءه موجة من التأثر في صفوف سكان قبيلة كبدانة الذين يعرفونه كثيرا، وينسبون إليه صفات حميدة، من قبيل طيبة القلب والإيثار والحنان على أقرانه المشردين، حيث يؤكد العارفون بهذا الشخص الفريد من نوعه، مشاهدتهم له مرارا وهو يتقاسم ما جادت به أيادي المحسنين من طعام مع العديد من المشردين. الحنان والإيثار، ليسا وحدهما الصفتين الوحيدتين اللتين يتحلى بهما هذا الرجل، فالحكمة هي جانب آخر من صفاته، فطالما اشتهر بين الناس ناصحا لمن يعرفهم، سواء من المنعم عليهم أو من الذين ابتلوا بحياة الشارع. عاش "موحى" إذن شريدا بين شوارع مدينة الناظور وأركمان بعزة نفس قل نظيرهما، هذا ما يعرفه عنه معظم الناس، لكن لا أحد تقريبا يعرف شيئا عن الظروف التي دفعت به إلى هذه الحياة البئيسة بعدما أتى من جماعة ملعب بالرشيدية لينقضي أجله داخل ملعب أركمان وبغض النظر عن ظروفه، فإن "موحى" كان بالفعل معلما حقيقيا، معلما في مبادئ الصبر والقناعة والإيثار والحنان. إقرأ أيضا مقالات سابقة تحدثت فيها أريفينو عن موحى: