لم يسبق لواقعة وفاة مشرد في الشوارع، أن أثارت اهتمام وتعاطف المواطنين، مثل ما خلفته وفاة وفاة "باب الطيب"، الذي يوصف بأشهر المشردين في مدينة البوغاز، وأكثر الشخصيات غرابة من نوعها. صورة "باب الطيب"، ذو اللحية الكثة، وبجلبابه الرث الذي ظل لعقود طويلة يفترش به الأرض ويلتحف السماء، تصدرت العديد من صفحات التواصل الإجتماعي المحلية يوم الخميس 8 ماي، مرفوقة بخبر العثور عليه ميتا بمنطقة "عقبة فرنسيس" بطنجة، بعد حياة قضاها كشخص بدون مأوى، وأيضا من الأشخاص غريبي الأطوار. رحل "بابا الطيب" وخلف وراءه موجة من التأثر في صفوف سكان مدينة طنجة الذين يعرفونه كثيرا، وينسبون إليه صفات حميدة، من قبيل طيبة القلب والإيثار والحنان على أقرانه المشردين، حيث يؤكد العارفون بهذا الشخص الفريد من نوعه، مشاهدتهم له مرارا وهو يتقاسم ما جادت به أيادي المحسنين من طعام مع العديد من المشردين. الحنان والإيثار، ليسا وحدهما الصفتين الوحيدتين اللتين يتحلى بهما هذا الرجل، فالحكمة هي جانب آخر من صفاته، فطالما اشتهر بين الناس ناصحا لمن يعرفهم، سواء من المنعم عليهم أو من الذين ابتلوا بحياة الشارع. عاش "بابا الطيب" إذن شريدا بين شوارع مدينة البوغاز بكبرياء وعزة نفس قل نظيرهما، هذا ما يعرفه عنه معظم الناس، لكن لا أحد تقريبا يعرف شيئا عن الظروف التي دفعت به إلى هذه الحياة البئيسة، ولو أن بعضهم يحكي أنه كان يعكل في ميناء طنجةالمدينة، ومنهم من قال انه كان معلما بإحدى مدارس طنجة. وبغض النظر عن حقيقة هذيين المعطيين من عدمه، فإن "باب الطيب" كان بالفعل معلما حقيقيا، معلما في مبادئ الصبر والقناعة والإيثار والحنان.