مات الحسن الثاني لكن شبح جبروته ما زال قائما.شبح يظهر في احاديث وأخبار يتناقلها الناس في ما بينهم كالأساطير.أخبار تعكس مدى قسوة الملك الراحل.قسوة جعلت منه حاكما مطلقا,وفرعونا يتصرف فقط بما يمليه عليه مزاجه. في المعهد المولوي الشريف سيتعرف المهدي بنبركة على الامير مولاي الحسن وعمره لا يتعدى الرابعة عشر.بنبركة سيكتشف الولع المبكر للأمير بشؤون السياسة والحكم,من خلال تعلقه الشديد بكتاب ,الأمير لماكيافيلي.من خلال الكتاب يتدكر بنبركة,في أحد حواراته حول علاقته بالحسن الثاني,مقولة ظلت راسخة بدهنه كان سمية سيدي يعيدها كل مرة,ينبغي على الامير أن يكون له دهاء الثغلب وبطش الأسد,الدهاء والبطش سيصبحان ميزتين أساسيتين لأسلوب حكم الحسن الثاني الدي امتد 38 سنة,حكم طبعه تعطش كبير للسلطة وقسوة لا ترحم وضعت الجيش والامن والقضاء وكل وسائل القوة العمومية تحت تصرفها.من أجل فرض سلطانها المطلق على كل من سولت له نفسه الخروج عن أمرها. النهار اللول تيموت المش أول واقعة ستظر فيها مميزات الحسن الثاني كآخر الفراعنة,كانت خلال قمع انتفاضة الريف الأولى سنة 1958.قبل دلك بسنة كان قد عين وليا للعهد من طرف والده.مما جعله ملزما بفرض هيبته.الصور التي وثقت للمرحلة تظهر الأمير الشاب بقوامه الرشيق وبدلته العسكرية الأنيقة.يقود العمليات الميدانية.ظهوره في تلك الحرب منحه وسام الشجاعة في نظر اعضاء جيش التحرير,الدين كانوا يرون فيه في السابق مجرد أمير مدلل.قبل دلك كانت الارهاصات الأولى لجبروته تظهر من خلال أقواله وتعليقاته على أعمال والده.كما ورد في الكتب التي تناولت سيرته.يوم خرج المغاربة لاستقبال محمد الخامس مرددين شعار عاش الملك ومولاي الحسن التفت نحو والده متسائلا مادا تفعل لو ان الشعب بدل ان يهتف بحياتك طالب برأسك؟.السلطان تخلع من السؤال ليجيب فليحفظني الله من دلك.اما الفرعون القابع داخل ثياب الامير فكان جوابه واضحا ان حدث معي دلك فسأسحق هؤلاء الهستيريين.في اشارة الى كونه يفضل أن يكون ملكا للأغلبية التي تؤيده بدل أن يكون ملكا بالاجماع.قصة الاغلبية هده تعود الى أحد الأيام حينما كان محمد الخامس يتأهب للخروج من أجل الصلاة فسمع أن بجانب المسجد مواطنين يرفعون شعارات ضده وفي مقابلهم آخرون يساندونه.الملك قرر عدم الخروج,أما ولي العهد فأوضح في ما بعد أنه لو وضع في موقف والده لكان سيسأل عن عدد المعارضين وعدد المؤيدين,فان قيل له مثلا ان أكثر من 50 في المائة تؤيده فانه كان سيخرج بدون تردد.لأن الاجماع لا يمكن أن يتحقق لأحد.دارت الأيام ووصل الحسن الثاني الى الحكم ليظهر جبروته في محطات متتالية انطلاقا من سنة 1963ومرورا ب1965و1967 وانقلابي 1971 و1972 اللدين فتحا أبواب جحيم تازمامارت وباقي المعتقلات السرية.سنة 1984 سيكتشف عن وجهه البارد بقسوته ودمويته.امام كل المغاربة على التلفزيون مباشرة.تلك السنة التي كانت قد اندلعت أحداث شغب جارفة بالريف ومراكش.ظهر الملك على التلفزيون ليقول بالحرف,الأوباش اللي عايشين بالتهريب والسرقة راني نخلي دار باباهم,جبروت الحسن الثاني المعلن يفسره مستشاره ووزيره السابق عبد الهادي بوطالب في احدى خرجاته الاعلامية بكونه قوة في الشخصية واعتزازا بالنفس.الملك الراحل في نظره كان دائما يريد ان يعطي الانطباع بكونه الرجل الكامل والملك الكامل أيضا. ملك المتناقضات... صورة الملك الكامل التي كرسها الحسن الثاني تعود الى اقتناعه بانه أرفع درجة من الاخرين.كان يبالغ في تقدير قدراته ويظن أن بامكانه أن يحكم دون حاجة لأحد.هده الصفة تقترب كثيرا من أعراض مرض جنون العظمة كما تعرفه معاجم الطب النفسي. هده الفرضية ينفيها الأخصائي في علم النفس أبو بكر حركات.حركات رغم اعترافه بعدم توفر معطيات شخصية كافية لتشخيص حالة الملك الراحل يفترض أن الحسن الثاني كان يتصف بتضخم في الأنا,لكن بشكل صحي لا مرضي فالمصاب بجنون العظمة,وهو شكل من البارانويا,يعيش في خوف دائم من حسد الاخرين وتآمرهم,أما الحسن الثاني فقد عرف كيف يوظف ثقته الزائدة ليجلب اهتمام الآخرين.ومنين جا هاد تضخم الانا؟حركات يعطي مجموعة من الفرضيات.أولاها هي مرحلة الطفولة حيث عاش مولاي الحسن وضعا اعتباريا متميزا بفضل مركزه كأمير,فكان محط عناية المحيطين به واللي طلبها يلقاها.الفرضية الثانية تعود الى علاقته بابيه الدي كان دائما يقدمه كمساعد.له سلطات واسعة تتجاوز سلطاته في بعض الاحيان.الثالثة والاخيرة هي تعلقه الشديد بأمه التي لم يكن يرفض لها طلبا.كان اللي بغا شي حاجة منو كيقصدها.هده الصورة تخفي الكثير من المتناقضات.المقربون منه او باقي المغاربة كانوا يحسون اتجاهه بشعورين متناقضين في نفس الآن,يحبونه لكن أيضا يهابونه الحب الممتزج بالخوف الدي ميز علاقة الحسن برعاياه يسم أيضا علاقة الأب بابنائه,ودلك ما يؤكده الانثروبولوجي عبد الباقي بلفقيه بقوله ان المجتمع المغربي بطبيعته مجتمع ابوي,فيه السلطة دائما للرجل القوي والأب فيه مقدس.الملك الراحل حسب بلفقيه استفاد من تلك الخاصية ليرسخها في سلوكه.بما يزيد من هيبته وعرف كيف يستغل حاجة المغاربة الرجل القوي...و الى أب,ومن هناك جعل نفسه دائما الاول في كل المجالات.شخصية اخر الفراعنة,كما يدكر محمد الحداوي الباحث في التاريخ يمتزج فيها طرفان متناقضان والطرف الأول يمثله الباشا الكلاوي والثاني يمثله المقيم العام الجنرال ليوطي.من الاول استفاد طريقة تنظيم القصور والجلسات والتقاليد المرعية وحافظ عليها,بل طورها وختمها بطابع عبقريته الحسنية.أما ليوطي فقد استفاد منه في تنظيم الدولة وفق طراز حديث يستمد اصوله من الأدبيات السياسية للغرب.شخصية الحسن الثاني,كما يشرح محمد ضريف الباحث في العلوم السياسية وكانت الوحيدة القادرة على الجمع بين ما هو مغربي محلي وما هو غربي ليصفه بانه رجل موزع بين ضفتين.تكوين الحسن الثاني,يضيف ضريف ساهم أيضا في صنع شخصيته الفريدة, درس القانون ليصبح رجل دولة ولكنه كان يعشق التاريخ فاستفاد منهما معا,مضيفا اليهما دكاءه السياسي المتوقد وليصنع نظاما سياسيا على مقاسه.صفة أخرى كان يطبق من خلالها تعاليم ماكيافيلي حينما كان يصنح الامير أن لا ينفتح على الناس.الفرعون الاخير ضرب على نفسه طوقا من حديد.السبب موجود أيضا في كتاب,الامير,انفتاح الملك يجعل من السهل فهمه,وشنو المشكل؟يلا تفهم ساهل يتضرب.طوق حديدي فرض ان تبقى أسرار المغرب المعاصر حبيسة صدر الحسن الثاني وكما بقيت أسرار الفراعنة حبيسة أهرامهم. المقربون أولى...بالقسوة جبروت الحسن الثاني كان يطول حتى المقربين منه ودون ان يشفع لديه وفاؤهم.أبرز واقعة في هدا الصدد حصلت مع مؤنسه الفقيه بينبين التي حكاها بعد وفاة سيده.وقع انقلاب الصخيرات سنة 1971,وكان عزيز ابن الفقيه مشاركا فيه.الحسن الثاني حينما علم بالخبر غضب غضبا شديدا.توجه نحو مؤنسه وكاتم أسراره الدي يقضي الساعات الطوال معه في جلسات حميمية ليساله,شفتي شنو دار ولدك عزيز؟فرائص الفقيه المسكين بفرعنة ملكه ارتعدت ليجيب,أنا ماعندي ولد آسيدي سميتو عزيز.جواب بينبين الأب نجاه من عقاب الحسن الثاني,أما الابن فرمي به في جحيم تزمامارت كغيره من الانقلابيين.نفس الواقعة تكررت أيضا مع أنيس بلافريج,الدي انضم الى اليسار والقى به في المعتقلات دون ان يجرؤ والده القيادي الاستقلالي والمقرب من البلاط على التقدم الى الملك بطلب العفو عن ابنه.خاف غير يشركو معاه. بركة سيدنا آخر الفراعنة كان دائما يعمل على تكريس صورته كسيد نبيل تجب على الجميع طاعته في السراء والضراء.كان يحب ان تظهر آثار نعمته على ضيوفه,ويستلد بمنظرهم وهم يتسابقون عليها.في الاستقبالات والاحتفالات التي كان ينظمها,كما يحكي احد الخدم السابقين بالقصر,كان يحرص على ان يراقب ضيوفه وشكون اللي كلا وشكون اللي تنفخ عليه وما داقش من ماكلة دار المخزن.الحسن الثاني كان أيضا في كل مرة يتوجه الى المدعوين بالقول وكولو وديو لديوركم وولادكم البركة ديالي فيتسابق الحضور على ابداء امتثالهم للامر الملكي السامي بحال يلا ما عندهمش ماكلة فديورهم. هرم الحسن الثاني ادا كان فراعنة مصر بنوا الاهرام لتخلد دكراهم وتحفظ أجسادهم بعد الموت,فالحسن الثاني بنى مسجده بالدارالبيضاء لنفس الأسباب.فكرة بناء مسجد عظيم يخلد اسمه خطرت له سنة 1986.في تلك الفترة كان الراحل محتاجا الى عمل يرسخ مكانته كملك قادر على جمع كلمة رعاياه في أي وقت وحول أي هدف.دعا شعبه الوفي الى التبرع,كل حسب مستطاعه.المسجد الدي فاقت تكلفته سبعة ملايير درهم,نطلب بناؤه سبع سنوات,ليدشن يوم 20 غشت سنة 1993.تكلفه البناء جمعت بزز من المواطنين عبر اكتتاب اجباري تحت اشراف ادريس البصري,واللي كال لا كان يضع نفسه أمام جبروت الملك.جاء الموت ولم يتحقق هدفه المامول من بناء جامعه العظيم.لم يدفن به وتقرر دفنه الى جانب أبيه وأخيه بالعاصمة.مات الحسن,لكن الصومعة الشاهقة مازالت تدكر بزمن الفرعون المغربي. يمهل ولا يهمل سنة 1961 سيستلم الحسن الثاني الحكم بعد وفاة والده.ما ان توطدت دعائم ملكه حتى انتقم أبشع انتقام ممن اتهمهم بمحاولة قتله حينما كان وليا للعهد.أصل القصة يعود الى سنة 1959 حين تعرض مولاي الحسن لمحاولة اغتيال على يد اعضاء من جيش التحرير.محمد الخامس منحهم محاكمة عادلة لم تثبت ادانتهم.آخر الفراعنة لم يرضه الحكم فتمهل لمدة ثلاث سنوات دون أن ينسى,فكانت أول عملية له هي يقلب على صحاب دعوتو ليكون مصيرهم الاعدام,كما يحكي محمد الحداوي الباحث في تاريخ الحركة الوطنية ومضيفا,كان خصو يدير شي فعل رهيب باش تكون ليه الهيبة ويزرع الرهبة فقلوب المحيطين به باش ما يعاودوش يفكرو فشي حاجة ضدو,غير ديرها زوينة معاه وصافي. الشيفور يولي...وزير مرة كانت المشاورات حامية بين القصر وبعض زعماء الأحزاب,حول تشكيل الحكومة.هؤلاء تحفظوا على تعيين بعض الأسماء,ليأتي الغضب الحسني الصارخ وملزما اياهم حدهم بالقول,ما تكولوش ليا شكون نعين...أنا الشيفور ديالي يلا بغيت نردو وزير يولي وزير,غضب الملك لم يكن يقتصر على تحفظات التعيين بل أيضا على طلبات الاعفاء من المناصب.سنة 1995 وأثناء محاولة التناوب الاولى التي باءت بالفشل,رفض حزب الاستقلال في شخص أمحمد بوستة والاتحاد الاشتراكي في شخص محمد اليازغي الاشتراك في حكومة تضم ادريس البصري.أحد الرجلين كما يحكي مصدر عايش المرحلة,طلب من وزير الداخلية أن يتقدم الى الملك طالبا اعفاءه من منصبه حتى يحل المشكل.البصري ارتعب من مجرد الفكرة في حد داتها وصرخ,شكون انا اللي نكول ليه اعفيني...راه هو اللي كيتصرف فيا.رحم الله من عرف قدر نفسه. الحاكم بامر...نفسه لم يكن الحسن الثاني يقبل بتاتا ان يتدخل احد مستشاريه أو غيرهم في أمر ملكه.اعتزازه بنفسه جعله يرى كل الامور من منظوره الاحادي ولا يقبلمن الأعيان انه على خطأ.في بدايات حكمه وتوجه اليه وفد مكون من مجموعة من الوطنيين يطلبون منه أن يسحب ثقته من مولاي حفيظ وزير القصور الملكية آنداك.الوفد حاول اقناع الملك بأن مولاي حفيظ خائن وأنه كان يعبر عن مواقف ضد محمد الخامس حينما كان في المنفى.محاولتهم جعلت غضبه يتعالى ليرد عليهم بقسوته المعهودة,ماشي نتوما اللي تكولولي آش ندير...اللي بغا يسلم يبعد من مولاي حفيظ أنا اللي كنعاقب اللي بغيت,الوفد جمع راسو وانسحب بسرعة قبل أن يتحول الأمر الى ما لا تحمد عقباه. ضاعت البلغة...علقو المسؤولين في أحد الايام سنة 1992 انتهى الحسن الثاني من أداء الصلاة ليكتشف أن بلغته قد ضاعت.كيفاش تضيع بلغة سيدنا؟الحادثة نوضات قربالة في صفوف الحاشية,فالمزاج الملكي كان متعكرا دالك اليوم وزادت الواقعة من تعكره لينصب الغضب على كل من وزير الداخلية ومدير الأمن الخاص.الحسن الثاني عاقبهما بأن طلب منهما ان ينزعا بلغتيهما ويتوجها حافيي الاقدام الى مكان اقامتهما.أما هو فركب سيارته الخاصة وتوجه الى القصر حافي القدمين.غير أجي وضيع بلغة سيدنا وبقا بلا عقاب. فرعون بقوامو... الحسن الثاني كان يعشق التميز عن الآخرين في كل شيء,كان في كل تفاصيل حياته حتى الدقيقة منها يحاول أن يظهر مختلفا عن ضيوفه ورعاياه في المأكل والمشرب والسكن واللباس والتصرفات أيضا.ثيابه كان يصممها له مصممون خاصون به تحت الطلب حتى لا يلبسها غيره,وكدلك سياراته التي كان يطلبها مباشرة من شركات صناعة السيارات العالمية وخاصة المرسيديس التي كان يعشق.مأكولات القصر هي الاخرى كانت متميزة اد كان يحرص على ان يتوفر مطبخه على كل الألوان من مختلف بقاع العالم حتى يبهر زواره وكما حدث في احدى المرات في واقعة طريفة يحكيها احد الدين كانوا يستدعون لحضور جلساته الحميمية.ففي احدى الجلسات اعجب احد الضيوف بسجائر الملك المغربي سجائر طويلة رقيقة وبيضاء اللون.الضيف المسكين أراد أن يجاري الحسن في بدخه ويدخن نفس سجائره,الضيف بحث عن السجائر في كل صاكات العاصمة واحيائها الراقية,وبعد دلك بحث في الدارالبيضاء حتى اعياه البحث دون جدوى.أوصى أصدقاءه المسافرين الى كل عواصم العالم بالبحث عن دلك النوع من السجائر واصفا اياها لهم.والو ما لقاوهاش.حينما آمن بانه من المستحيل الحصول عليها سأل أحد المقربين من دار المخزن عنها ,فاخبره بأنها تصنع خصيصا لملك المغرب الحسن بن محمد,غير آجي وكون...فرعون. شي لاعب وشي محن الصحافي والكاتب الفرنسي اريك لوران الدي أجرى حوارا مع الحسن الثاني واصدره في كتاب,الحسن الثاني داكرة ملك يحكي في حوار له واقعة تظهر الملك الراحل في صورة لا تختلف عما كان شائعا في عهد الفراعنة من عبودية وخنوع.في احدى زياراته للقصر الملكي استرعى انتباهه مشهد مثير,الحسن الثاني يمر في ملعب الكولف وأفراد الحاشية الحاضرون يركعون بزاوية 180 درجة بشكل يجعله يعلق بجملة عميقة الدلالة,يا له من نظام...يا له من نظام,ملاعب الكولف كانت بالنسبة الى لآخر الفراعنة مسرحا لتأكيد سلطانه,كان يحدث في احيان كثيرة كما يحكي عبد الهادي بوطالب في حواره مع قناة الجزيرة القطرية أن يستدعي أفراد بطانته وهو يلعب...يتكلم معهم وهو يمر من حفرة لحفرة وهو مضطرون للحاق به في احترام شديد,الله يعز الحكام وصافي. لم ندفن الماضي حينما كان يقسو قلب الحسن الثاني على شخص فمن المستحيل تليينه او رجاء الصفح منه,مات ابن عرفة سنة 1976 بالديار الفرنسية فجاء مجموعة من الأشخاص الى الملك يرجونه أن يقبل دفن سلطان الفرنصيص في المغرب,الحسن الثاني رفض الامر بشدة قائلا للوسطاء,واخا نبغي انا أرض المغرب غادي ترفضو,الرفض استمر لمدة ويلة الى غاية الثمانينات,حينها فقط اعطى أوامره من تلقاء نفسه الى وزير الداخلية ادريس البصري ليقوم بنقل جثمان ابن عرفة الى مدينة فاس في سرية تامة حيث دفن في قبر مجهول لا يحمل حتى اسمه.فقسوة الحسن الثاني شملت كل المتعاملين مع الاستعمار بدون استثناء,فالباشا الكلاوي بعد رجوع محمد الخامس من المنفى جاء راكعا يطلب السماح,الامير مولاي الحسن رمقه بنظرة باردة ليقول لأحد المقربين منه,لا اطيق هدا الرجل,رافضا حتى فكرة السلام عليه فبلاحرى مسامحته. الجراة تساوي الجنون سنة 1974 زغب الله على عبد السلام ياسين وتجرأ على توجيه رسالة مفتوحة الى الفرعون المغربي بعنوان السلام او الطوفان ينصحه فيها بالرجوع الى السلام لأنه الحل.ما ان وصلت الرسالة الى الديوان الملكي حتى وجد ياسين نفسه في صبيطار الحماق.الشيخ وضع في غرفة انفرادية مخصصة عادة للمرضى الميؤوس من شفائهم,وبقي هناك لمدة من الزمن الى أن اصيب بمرض صدري استدعى نقله,على وجه السرعة الى أحد المستشفيات للعلاج,الحسن الثاني سمع بمرضه فكلف احد مستشاريه بأن يرتب له لقاء مع الشيخ,المستشار صدم حينما التقى ياسين وواجهه برفضه لفكرة اللقاء بالملك,كيفاش غادي يكولها لسيدنا؟عاد الى القصر وأخبر الملك بأن الشيخ مريض,وأن عليه اما أن ينتظر الى حين شفائه أو يزوره هو في المستشفى,الملك الراحل بدهائه المعهود اكتشف الحيلة فظهرت علامات الغضب على وجهه جعلت المستشار يرتعد قائلا ,سيدنا واش غادي نديو على حمق؟خرج راسو. بين الأب والابن المثل القائل ان هدا الشبل من داك الاسد لا ينطبق على محمد السادس والحسن الثاني,فشتان بين الاب والابن.الحسن الثاني كان يريد أن يربي ابنه على القسوة وينتزع الرحمة من قلبه,عبر اخضاعه لطقوسه الصارمة,طقوس تجلت خاصة في حادث معبر بشدة عن جبروته.سنة 1971 وأثناء اعدام الانقلابييين كما يحكي الأستاد والباحث محمد الحداوي الدي يهيء أطروحة دكتوراه حول تاريخ المغرب الحديث,كان ولي العهد لم يبلغ بعد السابعة من عمره,ومع دلك تم احضاره ليشاهد بعينيه واقعة الاعدام,سيدي محمد في تلك الفترة كان لايزال طفلا بريئا,ونفسيته غير مستعدة بعد لمثل تلك الصور الدمويةولكن كان للاب منطق لآخر.كان يريد من وارث عرشه أن يرث منه أيضا قسوته وأن تترسخ في دهنه مند الصغر ان عقوبة أعداء الملكية هي الموت دون رحمة أو محاكمة عادلة,مرت السنوات وانتهت مدة حكمه ليجد محمد السادس نفسه ملكا,فأي طريق يسلك؟لحسن الحظ رفع شعار ملك الفقراء وتبنى مشروع مغرب جديد قوامه الحداثة والديمقراطية صحيح أن تحويل المشروع الى واقع ملموس يسير ببطء شديد وتواجهه العديد من العراقيل,لكن احدا لا ينكر أن عقلية ونفسية الحاكم تبدلت,الحسن الثاني كان ضحيتنا كما كنا ضحيته حسب الوصف البليغ الدي اعطاه المفكر عبد الله العروي,ومحمد السادس بطيبوبته ورقته نخشى عليه فقط أن يصبح ضحية الفهم الضيق للحاشية وللعقليات الجامدة المحيطة به.طويت صفحة الجبروت مع موت الحسن الثاني ولكن ظله مازال مخيما في الادهان عز الدين الهادف عن أسبوعية نيشان