زخات رعدية وثلوج مرتقبة اليوم الخميس بعدد من المناطق المغربية    الإدارة السورية الجديدة تُعلن أحمد الشرع رئيساً للبلاد    مجلة الشرطة تسلط الضوء في عددها الجديد على الشرطة السينوتقنية (فيديو)    بسبب سوء الأحوال الجوية.. وزارة التجهيز تهيب بمستعملي الطرق توخي الحيطة والحذر    جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام 2025 تكرّم جهود بارزة في نشر المعرفة الإسلامية    رسمياً..أحمد الشرع رئيسًا لسوريا    وزارة التجهيز تحذر مستعملي الطرق من سوء الأحوال الجوية على خلفية نزول أمطار رعدية قوية    طنجة: تساقطات مطرية غزيرة وسيول جارفة تغرق عددا من الأحياء الشعبية (فيديو)    المغرب التطواني يتعاقد مع مدير رياضي تداركا لشبح السقوط    محكمة الاستئناف بطنجة: البت في 328.704 قضية خلال سنة 2024    وفاة الكاتب الصحفي والروائي المصري محمد جبريل    نادي "غلطة سراي" يودع زياش    الحموشي يجري سلسلة اجتماعات بمدريد لتوسيع مجالات التعاون الأمني مع إسبانيا وألمانيا    أخنوش يذكر بالولوج العادل للأدوية    بلجيكا تؤكد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي لقضية الصحراء.. توجه أوروبي متزايد لدعم السيادة المغربية    أونسا يؤكد إخضاع مشروبات "كوكا كولا" لمراقبة صارمة    الشبكة الكهربائية.. استثمار يفوق 27 مليار درهم خلال السنوات الخمس المقبلة    قيادة حزب الاستقلال تدعم سعي نزار بركة إلى رئاسة الحكومة المقبلة    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تستفيد من استثمارات استراتيجية ضمن 17,3 مليار درهم صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمارات    معهد التاريخ يبرز عالمية المغرب    حصيلة أداء اليوم ببورصة البيضاء    رسميا.. الوداد يعزز صفوفه بضم مالسا    جائزة عبد الله كنون تكرّم الإبداع الفكري في دورتها الثانية عشرة حول "اللغة العربية وتحديات العولمة"    مركز الإصلاح يواجه الحصبة بالتلقيح    انهيار الطريق بين الحسيمة والجبهة..اتخاذ عدة إجراءات لضمان استمرار حركة السير    6 أفلام مغربية ضمن 47 مشروعا فازت بمنح مؤسسة الدوحة للأفلام    حزب "النهج" يستنكر التعسف في هدم المنازل بالأحياء المهمشة    إفران تطمح إلى الحصول على العلامة الدولية لمدينة نظيفة 100 في المائة    طقس المغرب: رياح قوية وأمطار رعدية وتساقطات ثلجية بهذه المناطق    الفنان المغربي علي أبو علي في ذمة الله    مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة يطلق منصة رقمية لتعزيز الشفافية في دعم الجمعيات والتعاونيات    ساعة نهاية العالم تقترب أكثر من منتصف الليل.. 89 ثانية تفصلنا عن الكارثة    الريان يعلن إنهاء التعاقد مع المغربي أشرف بن شرقي    تقرير: 66% من أسئلة النواب دون جواب حكومي والبرلمانيات أكثر نشاطا من زملائهن    ترامب يأمر بتقييد إجراءات عمليات التحول الجنسي للقاصرين    الطيب حمضي ل"رسالة 24″: تفشي الحصبة لن يؤدي إلى حجر صحي أو إغلاق المدارس    أمراض معدية تستنفر التعليم والصحة    المؤسسة الوطنية للمتاحف وصندوق الإيداع والتدبير يوقعان اتفاقيتين استراتيجيتين لتعزيز المشهد الثقافي بالدار البيضاء    ليفاندوفسكي:" أرغب في إثبات أن العمر مجرد رقم"    دلالات ‬الموقف ‬المغربي ‬المتزن ‬و ‬المتفرد ‬من ‬رؤية ‬الرئيس ‬ترامب    توقيف مروج للبوفا مبحوث عنه بموجب مذكرات بحث وطنية    توقيف شخص بتهمة التخطيط لقتل وزير في الولايات المتحدة    المَطْرْقة.. وباء بوحمرون / الحوز / المراحيض العمومية (فيديو)    نجم كرة القدم الإسباني المعجزة لامين يامال إشترى لجدته وأمه وأبيه ثلاثة منازل في عمره 16 سنة    إجلاء 176 شخصًا بعد اندلاع النيران في طائرة بكوريا الجنوبية    التعاونيات كقوة دافعة للتنمية: نحو نظم زراعية وغذائية أكثر استدامة في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا    "كاف" يقرر رفع عدد المنتخبات المشاركة في "كان" تحت 17 سنة المقرر في المغرب إلى 16 منتخبا    الرجاء الرياضي يفك ارتباطه رسميا بالمدافع ياسر بالدي خلال فترة الإنتقالات الشتوية الحالية.    المغرب يتصدر قائمة الوجهات السياحية الموصى بها لعام 2025 من قبل كبار منظمي الرحلات البرازيليين    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون متعلق بنظام الضمان الاجتماعي    الذهب يصل إلى هذا المستوى    علاج غريب وغير متوقع لمرض "ألزهايمر"    عائلة الشاب حسني والشاب عقيل تمنع حفلهما بالمغرب    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضربة المدفع التي مددت حدود مليلية في القرن19 (ج. الثاني)
نشر في أريفينو يوم 29 - 09 - 2010


حوادث مليلية سنة 1893 .
إذن كانت البداية هي بناء السور الجديد ابتداء من ضريح الولي الصالح سيدي ورياش، حيث شرع الجنود في تشييد السور وعلى أكتافهم البنادق والرشاشات لمواجهة أي مقاومة. لكن السكان حاولوا توقيف الجيش الإسباني بوسائل سلمية في البداية لأنهم كانوا يدركون أنه ليس هناك تكافؤ بين المجاهدين والجيش الإسباني، فكتبوا ملتمسا إلى “ملكة إسبانيا” التي كانت على العرش الإسباني ( Dona Maria Cristina de Asturias ) يترجون عدم إقامة السور . وإذا كان لابد منه فليشيد في مكان آخر بعيدا عن المقبرة وعن ضريح الولي الصالح، وسلموا هذا الملتمس إلى الجنرال مارغايو ( juan jose margallo ) الحاكم العسكري لمليلية الذي بدوره حوله إلى السلطات العليا بمدريد.
ولما بدأت احتجاجات سكان الشريط الحدودي –وبجانبهم أبناء قبيلة قلعية بكل أخماسها- تحولت إلى نوع من المشاداة مع الجنود الذين يشيدون الأسوار، مما دفع الجنرال مارغايو إلى استشارة مدريد في الموضوع، فكان جواب هذه الأخيرة: ” افعلوا ما ترونه مناسبا أيها الجنرال فلكم واسع النظر “. وما كان من الجنرال الطاغية إلا أن أرسل مجموعة من البنائين والمهندسين العسكريين ليستمروا في بناء السور موضوع النزاع تحت حراسة كتيبة من الجنود، وكان ذلك في 29 سبتمبر 1893م. وفي إطار الشد والجذب بين الجيش الإسباني وسكان الشريط الحدودي، كان هؤلاء يبنون في النهار وأولئك يهدمون في الليل، رغم أنه لم يكن هناك تكافؤ بين الفريقين بشهادة المصادر الإسبانية التي سجلت أن فئت السكان المحتجين لم يكونوا يتعدون، في البداية، بعض عشرات الأفراد. واستمر الأمر بحدوث بعض المناوشات بالسلاح الخفيف مدة ثلاثة أيام إلى غاية اليوم الثاني من شهر أكتوبر. لكن الأمر كان ينبؤ بتصعيد في الحوادث، لأن كرامة أبناء قلعية أهينت إلى حد لا يمكن الرجوع إلى الوراء، وهو ما دفع الجنود الإسبان إلى الإنسحاب والإحتماء بالأسوار القديمة للمدينة المحتلة، بعد أن اشتدت عليهم ضربات أبناء قلعية، وبالتحديد من فرقة آث شيشار وفرخانة ومزوجة خاصة، ثم توالت المساعدة من مختلف قبائل الريف الشرقي، حتى ذهبت المصادر الإسبانية إلى أن عدد المجاهدين المسلحين على الحدود أواخر شهر سبتمبر بلغ 30.000 مجاهد. وابتداءً من اليوم الثاني من أكتوبر 1893م بدأ التصعيد بعد إعلان سكان قلعية الجهاد للدفاع عن أرضهم ، وكثرت الضحايا من الجانبين، مما دفع وزير الشؤون الخارجية لإسبانيا ( Segismundo Moret ) يعجل بإرسال رسالة إلى السلطان المغربي يطلب فيها معاقبة المعتدين الريفيين الذين هاجموا الجنود الذين كانوا يقيمون الأسوار على الحدود – على حد المصادر الإسبانية-. كما كتب رسالة إلى ممثلي إسبانيا المعتمدين لدى الدول الأجنبية ليحيط هذه الدول علما بما يجري على حدود مليلية، وبأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى إعلان الحرب.
وفي رسالة أخرى بتاريخ 9 أكتوبر يبرق الوزير نفسه إلى كافة الدول الأوربية لاستطلاع رأيها حول إعلان الحرب على المغرب، نتيجة حوادث مليلية. وكانت آراء هذه الدول الأوروبية في عمومها تركز على التهدئة وحل المشاكل بالمفاوضات السلمية. ولم تأبه اسبانيا لذلك وشرعت في دق طبول الحرب، وتجمع قواتها العسكرية لإرسالها من الضفة الشمالية إلى مدينة مليلية. لكن ظروف إسبانيا –في هذه الفترة- عرفت عدة صعوبات تعيق تجميع قواتها وإرسالها إلى مليلية: منها الصعوبات الاقتصادية نتيجة هزائمها المتكررة في القارة الأمريكية عامة، منها كوبا خاصة، مما جعل الجنرال مارغايو لم يستطع أن يتوصل في ظرف عشرين يوما بأكثر من 2000 جندي من إسبانيا نتيجة قلة التجهيزات والوسائل اللوجستيكية. وهذا العدد في حدود 20 أكتوبر لم يكن كافيا لحماية مليلية نتيجة توافد عدد هائل من المجاهدين على منطقة الشريط الحدودي المتنازع عليه.
وما أن حل اليوم السادس والعشرون من أكتوبر حتى كانت القوات الإسبانية قد انتهت من بناء الخنادق حول الحصون القديمة لمليلية، كما تم شق مسلك أو طريق إلى سيدي ورياش. وكان العمل يتم ليلا تحت جنح الظلام تجنبا لضربات المجاهدين. وفي اليوم السابع والعشرين خرج الجنرال مارغايو الحاكم العسكري لمليلية يتفقد حفر الخنادق في حصن المعازيز العليا ( Cabrerizas altas ) بمعية نائبه الجنرال ( Ortega ) وكانت الحصون المحيطة للمدينة المحتلة محاصرة من قبل المجاهدين، ولم يتمكن الإسبان من فك هذا الحصار. كأنما توجه الجنرال إلى هذا الحصن ليشجع الجنود الإسبان على المضي في فك الحصار عليهم، أو أراد أن يقدم المثال للجندي الإسباني في الاستماتة في القتال، فخرج ضمن مجموعة من الجنود لمواجهة الريفيين ولتحدي حصارهم، فكانت النتيجة أن دفع ضريبة تحديه وتعديه بإردائه قتيلا بأرض المعركة. وكانت الحادثة مولد معركة حامية الوطيس إسمها معركة سيدي ورياش أو معركة مارغايو عند الإسبان ” كما تسمى أيضا معركة مليلية” على مدى يومين كاملين 27 و28 أكتوبر 1893م. كما أحدثت أنباء مصرع الحاكم العام لمليلية هلعا كبيرا في الوسط الحكومي والعسكري والشعبي بإسبانيا. كما أن الجيش الاسباني بمليلية لم يستطع فك الحصار المفروض على الحصون التي كانت تحت رحمة وابل من رصاص بنادق ” Remington “، إلا بعد وصول كتيبتين من الهندسة وفوجا من الجيش المدْعَى بفوج التأديب أو العقاب المكون أصلا من السجناء المحكوم عليهم بمدة طويلة.
وفي الوقت التي كانت المعركة قائمة على حدود مليلية كانت إسبانيا تعرف غليانا على المستوى الحكومي والعسكري والشعبي وبخاصة حين بدأت طلائع من نعوش الموتى والجرحى تصل إلى ميناء مالاكا “Malaga” كما انقسم أعضاء الحكومة إلى فريقين، بين مؤيد لإعلان الحرب رسميا، ومن يرى غير ذلك. وفي نفس الوقت بدأ تجميع القوات الإسبانية بمختلف وحداتها للعبور إلى مليلية في انتظار أوامر وزارة الدفاع لإعلان الحرب رسميا. وكانت الحكومة الإسبانية تنتظر جواب سلطان المغرب عن الإجراءات التي يمكن اتخاذها ضد المعتدين على حصون مليلية ومقتل الجنرال مارغايو، كما كانت الحكومة الاسبانية تطالب باستمرار في كل مناوشة مع سكان الشريط الحدودي بتأديب المعتدين والتعويضات المالية في كل شكاية لها إلى السلطان.
وهذه المرة بدأت تلوح بإعلان الحرب على غرار حرب تطاوين إذ لم يستجب السلطان لمطالبها. وعينت على رأس الجيوش التي أرسلتها إلى مليلية الجنرال ( Martines Campos ) كرئيس لقواتها بأفريقيا، تلك التي يصل تعدادها إلى ما يزيد على 112.000 جندي. لكن لم يصل منها في الوقت المناسب إلا 63.560 رجل من مختلف الوحدات نتيجة سوء النظام وفوضى الهلع من الحرب، وتكدس الجنود في المحطات والموانئ. وكان أغلب ضباط الفيالق العسكرية ممن سبق لهم أن شاركوا في الحرب التحريرية لكوبا، أو من الفرق التي كانت تسمى فرق الموت المكونة من المرتزقة والمجرمين المحكومين بالسجن الطويل الأمد.
ونقتطف هذه الفقرة من تصريح الضابط القبطان أريزا ” Ariza ” رئيس فرقة الموت لدى وصوله إلى مليلية لإحدى الصحف قائلا:” ما أريد أن أفعله بسيط للغاية : أريد أن أرمي الريفيين من خنادقنا، وأنه لمن العار أن يستمروا باحتلالها، ولا أفكر في الحصول على كثرة الأسرى ولا قتل من نأسرهم، ولكن سأكتفي بجذع الأذنين لكل من يسقط في أيدينا ثم أطلق صراحه. وأكتفي ب100 ممن قطعت أذناهم من قبيلتي فرخانة ومزوجة ليقدموا للآخرين فكرة عن المحاربين الإسبان “. وكانت أصداء جذع الأذنين للأسرى التي نقلها الضباط الاسبان من أمريكا اللاتنية قد وصلت إلى الرأي العام الاسباني فاستغلها الشعراء في إبداعهم. ” فلنستمع” إلى مقطوعة شعرية على لسان معشوقة ذهب عاشقها إلى المشاركة في الحرب بمنطقة مليلية، تذهب إلى حد طلبه بإرسال إليها أذن السلطان: ” Ami amor que esta en melilla إلى حبيبي الموجود بمليلية، Le escrito con mucho afàn كتبت إليه بكثير من الحماس، Diciéndole que me mande قائلة له: أن أرسل لي ، Una
oreja del sultan إحدى أذني السلطان . Qando vayan a la guerra عندما تذهبون إلى المعركة، Que no te olvides de mi ينبغي ألا تنساني ، Como no te llames prim قبل أن ينادى عليك بالبطل ، Las balas de nuestros fuertes قذائف جنودنا الأقوياء ، Destruyeron los aduares تدمر القرى ، Los moros no tienen casas البرابرة لا يملكون منازل، y hasta Allah duerme en la celle حتى الله ينام في الزقاق ، Ala bandera espanola والعلم الإسباني ، Los moritos ofendieron يشتمه البرابرة ، Mi hermano lava la mancha بينما يغسل أخي رقعا في ملابسه ، Con sangre de los refinos من دماء الريفيين .
لكن السلطان الحسن الأول كان في جولة بتافيلالت مما تعذر عليه وعلى الاسبان التواصل بجواب في الموضوع إلا في تاريخ 8 نونبر من السنة نفسها، ذلك الذي يتضمن كل شروط اسبانيا مقابل تهدئة الأوضاع، منها الإقرار بتأديب الريفيين المسؤولين عن الحوادث، كما أبلغهم السلطان أنه بصدد إرسال بعثة عسكرية إلى عين المكان بالشريط الحدودي لمليلية. وفي اليوم 12 نونبر أرسل السلطان رسالة أخرى للسلطات الإسبانية يخبرهم أنه أوفد على رأس البعثة أخاه الأمير مولاي عرفة لتأنيب أبناء القبائل الريفية. وفي الوقت ذاته سيعقد اجتماعا بقواد القبائل هناك، مع تأجيل بناء الحصون حول الحدود الجديدة بالشريط الحدودي إلى ما بعد لقاء الأمير مولاي عرفة وفي يوم 20 نونبر وصل الأمير مولاي عرفة إلى الشريط الحدودي فبدأ اللقاء مع الجنرال ” Macias ” الحاكم العسكري العام لمليلية ثم مع الجنرال ” Martines campos ” قائد القوات العسكرية التي نزلت بالمدينة المحتلة والمفوض العام لإسبانيا، وبعد لقاءات متعددة مع هؤلاء الضباط، أعلن الأمير مولاي عرفة أنه لا يستطيع تلبية مطالب ممثلي الدولة الاسبانية، لكونه لا يتوفر على قوات كافية لمعاقبة أبناء القبائل الذين كانةا وراء أحداث الشريط الحدودي. ولما تظاهر مولاي عرفة بالعجز في تطبيق شروط الجنرالات، قرر الجنرال Martines القائد العام للقوات العسكرية بالمدينة المحتلة والممثل الرسمي للحكومة الاسبانية لدي المخزن المغربي أن يتحرك بالقوات العسكرية إلى الحدود الجديدة التي رسمتها قذيفة المدفع ، ويستنفرها في حالة تأهب قصوى. كما أمر بالشروع في بناء الحصون على طول الشريط الحدودي،” مهددا ” قبيلة قلعية ومطالبا قوادها بتسليم الجناة –على حد قوله- أولئك الذين تسببوا في حرب سيدي ورياش، كما اشترط على الأمير عرفة رعاية الهدنة بوضع كتيبة من جيش السلطان على الحدود بدار المخزن بفرخانة لمنع أي اعتداء على المراكز الاسبانية. ويبدو من خلال المصادر الاسبانية أن الأمير عرفة لم يجد بدا من الرضوخ للرغبات الاسبانية بعد لقاءات مراطونية مع الجنرال Martines Campos . وكانت أولى هذه الرغبات هي تسليم من أسموهم بالمعتدين أو الجناة، الشهورين أو أعيان القبائل، منهم خاصة: من أمثال ميمون المختار الذي كان يتحرك داخل قبائل الريف الأوسط والشرقي لاستنفار الناس للجهاد، ومحمد بن الهادي الشكري، وحمو العربي، علي بن محمد بن عبد الله وعلي الأشقر ( Ali Robio ) ، كما يلقبه الاسبان، وعلي الأسمر ( Ali el Morino ) ، كما كان يسميه الاسبان كذلك، بالإضافة إلى أحد شيوخ زاوية رأس ورك ” تتواجد بدوار تلاث ” القادرية المعروف لدى الإسبان باسم ( El Santon de le Puntilla ) ، لمساهمته في التحريض على الجهاد ضد الاسبان.
وقد عد الشيخ ميمون بن المختار المسؤول عن أحداث سيدي ورياش لمكانته ونفوذه بقبيلة قلعية. لذلك طلب الإسبان تسليمه واقتياده مع جملة من أعيان القبيلة إلى طنجة لمحاكمته، منهم حدو الحاج ومجموعة من الذين خفروا الخنادق في ما كان يسمى بالمنطقة المحايدة التي شملتها سقوط قذيفة المدفع. كل هؤلاء حملوا في قارب إسباني في اتجاه طنجة حيث سيحاكمون هناك طبقا للقانون المغربي المنظم للعلاقة مع الأجناس. ومن أعيان المنطقة المتهمون في حوادث مليلية من أقتيد إلى وجهة أخرى كالقائد علال الشكري الذي سيق إلى سجن وجدة وبقي فيه مدة سبع سنوات إلى أن قضى نحبه هناك في التهمة ذاتها.
وخلاصة القول أن السلطان المغربي استجاب لكل مطالب اسبانيا : – تم الرضوخ للجنرال Martines Campos في بناء الأسوار طبقا لمخطط ضربة المدفع. – تمت معاقبة المتهمين في الحوادث بين السجن والنفي والغرامة. كما سبق للمدفعية الاسبانية أن أمطرت بوابل من القذائف على القرى والمداشر القريبة من الحدود ، وأرسلت طرادات عسكرية إلى شواطئ كبدانة فهدمت قرى بكاملها وقتلت العديد من الأبرياء من النساء والأطفال، دون أن يطلب المخزن التعويض لهؤلاء. – تم إحضار كافة أعيان قلعية إلى المدينة المحتلة ( عدت اسبانيا خمسين منهم ) لتقديم الولاء للراية الاسبانية والإعتراف بالحدود إلى حيث سقطت قذيفة المدفع، مستنكرين كل اعتداء في المستقبل ، ومعبرين عن استعدادهم للعيش بسلام مع ساكنة مليلية. وفي الوقت ذاته إلتمسوا من الجنرال مارتينس كامبس مفاوض السلطان والممثل للسلطات الاسبانية السماح لسكان قلعية بدخول مدينة مليلية بغرض المتاجرة والتبضع .
– إضافة ماري واري إلى المنطقة التي تدخل في نفوذ المدينة المحتلة.
ولم تمر إلا أيام قلائل حتى تم توقيع اتفاقية بين الطرفين بتاريخ 5 مارس 1894 تتضمن النقاط السابقة. بذلك طويت صفحة أحداث مليلية أو معركة سيدي ورياش التي تعتبر آخر اصطدام بين المغرب واسبانيا في القرن التاسع عشر، مع إقرار بالحدود الجديدة آنذاك. لكن آثارها ستطفوا على السطح فيما بعد نتيجة تزايد أطماع اسبانيا في منطقة الريف خاصة . بعد الإتفاقيات والمعاهدات التي كانت تجري سرا بين الدول الأوروبية من أمثال معاهدة 1902 بين اسبانيا وفرنسا ثم معاهدة لندن بتاريخ 18 أبريل 1904 بين فرنسا وإنجلترا، ثم معاهدة باريس بين فرنسا واسبانيا بتاريخ 3 أكتوبر 1904 متتوج هذه المعاهدات جميعا بمعاهدة الحماية المشؤومة ” الموقعة ” سنة 1912 .
المقال للدكتور مصطفى الغديري ، المراجع كثيرة ذكر منها : كتابه الريف قراءة في وثائق –سلسلة كتب الريف-، د. حسن الفكيكي ، ماريا روسا دي مدارياكا…
النقل كتابة: من جريدة تاويزا، كاتب صحفي بها.
أستاذي الكريم، إن نيتي في هذا النقل لا تعدو أكثر من نضال من أجل تنوير الرأي العام بالأحداث التاريخية للمنطقة كماض لا يجب إغفاله للنهوض بمستقبل مدروس برزانة ، وأنتم أدرى سيدي بذلك، وبكل تواضع لكم منا سيدي، الإنحناء والشكر الذي لا تحده حدود ودمتم لنا ولشبابنا الغيورين المناضلين، منورين وموجهين.
للتوضيح ودرء الشكوك، أصرح والله شاهد ، أنني لا أتلقى أي مقابل مادي على هذا العمل
.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.