إدريس ولد القابلة – رئيس تحرير أسبوعية المشعل لم يسلم مشوار الملك الراحل الحسن الثاني، من خدع وعمليات نصب واحتيال.. قد يبدو الأمر غريبا اعتبارا لسيطرة وسيادة صورة الملك الماسك بزمام الأمور بيد من حديد على امتداد 38 سنة من الحكم المطلق. القليلون من المغاربة يعرفون أنه خلف مظهر الملك الداهية، المتحكم في الشادة والفادة، شخصية تعرضت هي الأخرى للنصب والاحتيال والخدعة، كما قد يقع لأي إنسان لقد أجمع المحللون من كل أطراف العالم، أن الملك الراحل الحسن الثاني ذو شخصية مركبة حد التعقيد ومزدوجة حد التناقض، حيث لم يكن قول أو أمر فوق قوله وأمره، وأن صفة العناد صاحبته دوما، وتصاعد اقتناعه عبر مر السنين، بموهبته ودهائه السياسيين الخارقين وإعجابه بعبقريته النادرة في ترويض السلطة، هذا في جو لم يعوّده المحيطون به على الإدلاء بالحقيقة واعتماد الصراحة إلا نادرا جدا، علما أن عهده ظل مطبوعا، في غالبيته، بهاجس حماية نفسه وملكه من الدسائس التي لم تتوقف أكثر من جهة عن نسج خيوطها في الخفاء. رآه الصحفي الفرنسي “إنياس دال” ملكا قويا، ذكيا جدا وفطنا، لدرجة لا يمكن أن يتصور المرء إمكانية خداعه أو النصب عليه، ولم يكن يخدعه تملق ووضاعة المحيطين به رغم استحسانه مختلف تلاوين الخضوع ومظاهره البارزة. كيف لشخصية ظلت مثار جدل كبير، ولرجل ذكي وداهية وذو سلطة مطلقة، مثل الملك الراحل الحسن الثاني، أن يكون ضحية خدعة أو نصب أو احتيال أكثر من مرة؟ خدعة طائرة “بوينغ 727“ في منتصف سبعينات القرن الماضي، بعد نجاح المسيرة الخضراء، كلف الملك الراحل الحسن الثاني، وزيره الأول وصهره أحمد عصمان، بمعية أحمد العسكي، باقتناء طائرة من نوع “بوينغ 727′′ آخر موديل، لجعلها طائرته الخاصة تعويضا عن الطائرة “بوينغ 727′′ التي تعرضت للقصف سنة 1972، في الانقلاب العسكري الثاني، الفاشل. ففي غشت 1972، كان الراحل الحسن الثاني، قد توجه إلى فرنسا لقضاء بضعة أسابيع في قصر “بيتز” على بعد ستين كيلومتر من باريس، الذي كان في ملكيته. وفي طريق عودته على متن طائرة “بوينغ 727′′، فوجئ ربانها، العقيد القباج وهو على مشارف أجواء جبل طارق بسرب من طائرات “إف5′′ تطارد الطائرة الملكية، وبينما الربان يحاول، دون جدوى الاتصال ببرج المراقبة، كانت إحدى طائرات “إف5′′، قد شرعت في قصف مكثف للطائرة الملكية بين تطوان ومولاي بوسلهام، مما أسفر عن مقتل شخصين، ولم يكن أمام العقيد القباج سوى الحفاظ على توازن الطائرة كي تهبط في الأخير بأعجوبة بمطار الرباطسلا. نزل الملك متسترا من الطائرة المعطوبة التي قبع بداخلها في انتظار سيارة نقلته إلى جهة معينة بالرباط، حيث التحق به شقيقه الأمير الراحل مولاي عبد الله، رفقة الجنرال عبد الحفيظ العلوي والعقيد أحمد الدليمي آنذاك. وبعد تهدئة الأجواء واعتقال المتهمين، تم عرض طائرة “بوينغ 727′′، بعد أسابيع، في متحف لمعدات طائرة “بوينغ”، إذ ذهل الخبراء والتقنيون الذين لم يصدقوا أن تكون الطائرة نجحت في مواصلة التحليق ثم الهبوط، سالمة تحت وابل من الرصاص والقصف المكثف. بعد الامتنان بالربان العقيد القباج، أعجب الملك الراحل الحسن الثاني بهذه الطائرة، فأمر باقتناء طائرة أخرى “بوينغ 727′′، مجهزة بطريقة أفضل وبأحدث المعدات الالكترونية والوقائية، مع إعادة تصميمها من الداخل لتكون جاهزة للاستعمال خصيصا لرحلاته، تضمن كافة أجواء الراحة الكاملة (مقاعد من الجلد الفاخر، مقابض أحزمة الأمان مصممة بشكل فريد، لوحات لكبار الرسامين تغطي بعض أركانها..). في هذه الفترة (منتصف السبعينات) كان الملوك ورؤساء الدول وكبار أثرياء العالم، يفضلون طائرات “بوينغ” عن غيرها لاستخدامها كطائرات خاصة. أبرمت الصفقة، لكن تبين أن الطائرة لم تكن جديدة وإنما سبق استعمالها، حيث أعيد طلاؤها وتغيير أثاثها وديكورها، وتقديمها في الأخير للملك على أنها جديدة ومبتكرة! وحسب مصدرنا، اتصلت جهات أجنبية مقربة من مصانع “بوينغ” الأمريكية، إضافة إلى جهة أخرى تابعة للوكالة الوطنية للأبحاث (NASA)، بشخصية مقربة من الملك الراحل الحسن الثاني وبشخصيات تعمل في سفارة المغرب بواشنطن وأخرى بمقر الأممالمتحدة بنيويورك، لكشف حقيقة الطائرة الملكية الجديدة، التي أبرم صفقتها أحمد العسكي باعتباره وزير الأشغال العمومية وقتئذ. كشفت كل هذه الجهات أن الطائرة المقتناة بدت كأنها جديدة وبالسعر المحدد من طرف الشركة، غير أنها طائرة مستعملة أعيد ترميمها. وأكد مصدرنا رغم أن صفقة الطائرة الملكية المغشوشة سارت على كل الألسنة وشغلت الرأي العام، ومع ذلك تم طمس ملفها بل وإقباره. مقابل ذلك سطع نجم الشخصين الذين ارتبط اسمهما بالصفقة، أحمد عصمان وأحمد العسكي: ترأس الأول حزب التجمع الوطني للأحرار، بعد خلقه على طريقة “الكوكوت مينوت” للفوز بغالبية المقاعد في انتخابات بداية الثمانيات، في حين انتخب أحمد العسكي، تحت لواء نفس الحزب، بالعاصمة الاقتصادية، الدارالبيضاء، وقد سبق لهذا الأخير، أن ترأس ودادية مهندسي القناطر والطرق، بين 1962 و 1963، كما عين وزيرا للفلاحة فيما بين 11 غشت 1970 و 23 أبريل 1971، وكان في منتصف السبعينات أحد التقنوقراطيين البارزين، بعد تخرجه من إحدى أكبر المدارس التقنية الفرنسية، مدرسة القناطر والطرق، وفور تخرجه ورجوعه إلى أرض الوطن، تحمل مسؤولية تسيير ميناء الدارالبيضاء، (بين 1963 و 1965)، وقد توفي وهو يبلغ 74 سنة، في 28 نونبر 2004. ومن المعلوم أنه توجد شركات ووسائط أوروبية وأمريكية تنشط في بيع الطائرات المستعملة من مختلف الأنواع والموديلات، وأن أسعارها تختلف حسب الموديل والحجم والنوع وعدد المحركات، وسعر طائرة “بوينغ 727′′ موديل 1977 يناهز 12 مليون دولار (ما يقارب 120 مليون درهم). نازلة كديرة صديق الملك من النوازل التي تفوح منها رائحة الخدعة توهيم أحمد رضا كديرة قبل مرضه، الملك الراحل الحسن الثاني، بضمان استقراره في المغرب، دون نية مغادرته، في حين أن هذا الأخير كان بصدد تهريب كل ثرواته إلى الديار الفرنسية! انكشف الأمر عندما علم الملك أن صديقه ومستشاره السابق، طريح الفراش، فعزم على زيارته. وفي طريقه إلى إقامة أحمد رضا كديرة، لاحظ الراحل الحسن الثاني أن سائقه الخاص يقوده خارج العاصمة الرباط، معتقدا أن صديقه يقطن بالقصر الذي شيده على أرض منحها إياه، تقع بالقرب من إقامات الأمراء والأميرات بالرباط وليس خارجها. استفسر سائقه، فأكد له أن تلك الأرض لم تعد في ملكية أحمد رضا كديرة، لأن هذا الأخير باعها قديما للمعطي بوعبيد! زاد امتعاض الملك الراحل الحسن الثاني عندما عاين إقامة صديقه ببيت متواضع بتمارة لا يتوفر سوى على أثاث قليل جدا، وجده مستلقيا على سرير إلى جانبه كرسيان في غرفة متواضعة خاوية على عروشها، وقيل له، بعد سيل من الأسئلة، إن استقرار أحمد رضا كديرة بذلك البيت المتواضع مؤقت، في انتظار رحيله إلى الديار الفرنسية للإقامة هناك، بعد أن باع كل أملاكه وصفى كل مصالحه بالمغرب، وهرَّب أمواله إلى الخارج. لم يستسغ الملك الراحل الحسن الثاني أن يقدم أقرب أصدقائه على تهريب كل ممتلكاته إلى فرنسا للاستقرار بها دون إخباره بالأمر، هو الذي كان يثق به ويشاركه جميع أسراره، علما أن الظرف تزامن مع فكرة الملك عن خطر السكتة القلبية للمغرب آنذاك. الصحفي “الحر” لا يكشف عن مصدره؟! فصول هذه القصة تعود إلى مطلع السبعينات، وتحديدا عام 1972، حيث استقبل الراحل الحسن الثاني وقتها زعماء الكتلة الوطنية (عبد الله ابراهيم، المحجوب بن الصديق، عبد الرحيم بوعبيد وعلال الفاسي)، حيث دخل معهم في مفاوضات سرية انتهت بأدائهم القسم على المصحف الكريم، بعدم إفشاء ما راج بينهم أثناء المقابلة إياها. في اليوم الموالي استدعى عبد القادر الصحراوي (وزير الإعلام ساعتها) الصحفي مصطفى العلوي فأخبره بأن الملك الحسن الثاني سيرسل له مبعوثا ملكيا خاصا، وكذلك كان، حيث فاجأه عبد الوهاب بن منصور مؤرخ المملكة رفقة أربعة (مخازنية)، ليعلمه بأن الملك الحسن الثاني كان سيستقبله شخصيا لولا إصابته بنزلة زكام حالت دون ذلك، وأنه جاء مبعوثا بالنيابة عنه. طلب منه بن منصور، باسم الملك أن يشرح له سر الخبر الذي نشره في صحيفته حول المقابلة التي أقسم فيها هؤلاء الزعماء على المصحف بألا يُسربوا الخبر خارج أسوار القصر، وأن يقدم له بيانات حول المصدر الذي أسر له بالخبر، أو بالأحرى الشخص الذي أفشى سر الملك. وكان الملك الراحل قد أرسل مع عبد الوهاب بن منصور ظرفا مفتوحا، سلمه إياه أحد “المخازنية” ليكتب فيه اسم هذا المصدر، ثم ناوله ل “مخزني” آخر حفاظا على السرية التامة، للعملية التي دارت أطوارها في منزل وزير الإعلام. فعلا كتب مصطفى العلوي على ورقة أخرجها من الظرف (يا سيدي إنك قابلتني في مراكش بتاريخ كذا، وقلت لي إن الصحافي الحر لا يكشف عن مصدره) ثم سلمها بعد ذلك ل”المخزني” بعد أن وضعها في الظرف. بعد ذلك تدخل البوليس وطرد صحافيا من أصول جزائرية كان يشتغل لحساب وكالة “يونايتد بريس“، على اعتبار أنه الشخص الذي كان وراء توصل مصطفى العلوي بالخبر إياه. اغتيال مشروع ملك “كاريان سانطرال“ مشروع بلوره الراحل محمد الخامس، وحرص الراحل الحسن الثاني على أن ينجزه على أرض الواقع، إلا أن شلة عبد العزيز العفورة، المسنودة من طرف إدريس البصري وصهره، نصبت على الملك وحولت المشروع عن مرماه الأصلي. تعثر هذا الأخير أكثر من مرة وتبددت أمواله في منتصف الطريق. إنه مشروع الحسن الثاني العقاري الرامي إلى إيواء سكان “كاريان سنطرال” بالدارالبيضاء، الذي اغتالته الطغمة “البصروية“، في مهده. ولا زال ضحايا نصبها واحتيالها محرومين من السكن اللائق الذي وعدهم به الملك الراحل محمد الخامس، الملقب من طرف الاستعمار ب “سلطان الكاريان”، وحرص بعده، ابنه الراحل الحسن الثاني على تحقيقه، وفاء لرغبة والده. بدأت حكاية هذا المشروع في السنوات الأولى من الاستقلال، حيث أصدر الراحل محمد الخامس بنفسه تعليمات واضحة ترمي إلى بناء مساكن لائقة لكل قاطني “الكاريان” الكائن بالحي المحمدي عين السبع. ومنذ اعتلائه عرش البلاد سنة 1961، تابع الملك الراحل الحسن الثاني هذا “الحلم الملكي”، حيث جدد تعليمات والده وكلف إدريس البصري، وزيره في الداخلية، في بداية الثمانيات بإنجازه. ضم هذا المشروع تشييد 10 آلاف مسكن على مساحة 44 هكتارا، وبدأت الأشغال، لكن سرعان ما توقفت بفعل تبديد وتحويل واختلاس أجزاء هامة من الأموال العمومية المرصودة له. ففي التسعينات أعطيت انطلاقة ثانية لمشروع تشييد 10 آلاف مسكن اقتصادي لفائدة سكان “الكاريان“، وتم الاتفاق مع شركة “كوجيبا”، من أجل انجازه، وبعد انطلاق الأشغال انكشف أمر النصب والاحتيال، حيث تم اعتماد خدعة، مفادها إنجاز 6 آلاف مسكن اقتصادي (عوض 10 آلاف) و 4 آلاف شقة غير مرصودة لقاطني “الكاريان” خلاف ما أقرت به رغبة الملكين؟! تم تحديد ثمن 6 آلاف مسكن اقتصادي في 100 ألف درهم، في حين تحدد ثمن 4 آلاف شقة المتبقية في 200 ألف درهم، بعد حرمان قاطني “الكاريان” منها. هكذا تم التخطيط للخدعة، ورغم ذلك لم يتم انجاز حتى ما تم تسطيره نصبا واحتيالا! وفي نهاية المطاف، لم يتمكن النصابون سوى من تشييد 2121 مسكن من أصل 10 آلاف، ولم تتحقق رغبة الملكين، محمد الخامس والحسن الثاني، بفعل احتيال وفساد “طغمة البصري”، ولا زال عدد كبير من قاطني “الكاريان” يعانون لحد الآن، مات الأجداد والآباء وبقي الأولاد، والأحفاد محرومين من حق أقر به الملكان منذ منتصف الخمسينات! ترشيح مشبوهين لنيل أوسمة ملكية لقد تعرض الملك الراحل الحسن الثاني أكثر من مرّة لخدع بخصوص التقارير المرتبطة بالمرشحين لنيل أوسمة ملكية. كما دأب بعض المقربين من الملك على ترشيح أشخاص للأوسمة رغم تورطهم البيّن في ترويج المخدرات والاغتناء السريع عن طريقها. ضمن هؤلاء رشيد التمسماني الذي تمكّن من رئاسة الفريق التطواني لكرة القدم والوصول إلى الجامعة الملكية سنة 1995، ومنها فُتحت له أبواب البلاط ليوشحه الملك الراحل الحسن الثاني بوسام ملكي. لم يخبر إدريس البصري الملك بحقيقة التمسماني، رغم علمه بأنه أحد كبار “بارونات” المخدرات بالشمال، ورغم إدراج اسمه في لائحة الحملة التطهيرية التي أعدها للتخفيف من الحرج الذي أحدثه تقرير المرصد الجيو استراتيجي للمخدرات بالنسبة للمغرب وملكه أيضا. القنبلة النووية المغربية مجرد نصب واحتيال في نهاية سبعينات القرن الماضي كانت بلادنا ضحية عملية نصب واحتيال، يمكن عنونتها بوهم القنبلة النووية المغربية. آنذاك حدث لقاء مع الباحث الفرنسي “آلان بيكر“، وبالضبط يوم 25 أكتوبر 1981، حيث أوهم ضباط سامين مغاربة أنه من ا لممكن التفكير في إنتاج قنبلة نووية باستعمال اليورانيوم المستخرج من فوسفاط بوكراع، وهو من النوع u 235 الصالح لهذا الغرض. بعد اللقاء الأول مع الباحث الفرنسي، رئيس المعهد الدولي للإبداع والاختراع، الذي تم في سرية تامة، تلافيا لإخبار الجارة الجزائر والبلدان الأوروبية بالأمر، تم منح كل الصلاحيات لعناصر المديرية العامة للدراسات والتوثيق (لادجيد) تحت إمرة الجنرال أحمد الدليمي قصد تمكينهم من تجاوز كل العراقيل البيروقراطية والتغلب عليها. كما أن كل الموارد البشرية والوسائل التقنية وكافة المستندات والكفاءات التي بحوزة وزارة الطاقة- كانت تحت إشراف موسى السعدي آنذاك – وُضعت رهن إشارة الباحث الفرنسي لإنجاح مشروع “القنبلة النووية المغربية” والذي أطلق عليه اسم “كازوجين“. وقد جرى اللقاء مع الباحث الفرنسي “ألان بيكر” بالعاصمة البلجيكية (بروكسيل) عبر وساطة أحد مستشاري السفارة المغربية هناك، يٌُدعى بنموسى، هذا الأخير رتب لقاء يوم 25 أكتوبر 1981 بينه وبين ضباط سامين مغاربة، طلب خلاله الباحث الفرنسي ما يناهز 300 مليون درهم وجملة من المعدات الواجب اقتناؤها من إسبانيا وبلجيكا وفرنسا وإيطاليا والنرويج والسويد، تحت غطاء استيراد تجهيزات خاصة بقطاع النسيج. تمت الموافقة على دفع نصف المبلغ المالي المتفق عليه لحظة التوقيع على العقد وإرجاء النصف الثاني إلى حين إجراء أول تجربة مقنعة. غير أن هذا المشروع لم ير النور، إذ لم يتم حتى الشروع في إنجازه. وقد قيل إنه تم التنصت على مكالمة هاتفية بين الباحث الفرنسي “آلان بيكر” وأحد معاونيه عندما كان مقيما بأحد الفنادق الراقية بمدينة أكادير، حيث تلفظ بما معناه ..” سنضحك على هؤلاء الأغبياء .. فهل يعتقدون أننا سنمكنهم من قنبلة نووية بهذه السهولة؟!” علما أن الكثيرين لم يستسيغوا هذه الرواية، باعتبار أن الباحث الفرنسي زار المغرب أكثر من مرة بعد إقامته بالفندق بمدينة أكادير. حين نصب هشام المندري على الملك في المرحلة الأخيرة من حياته، تعرض الملك الراحل الحسن الثاني لأكثر من عملية نصب وسرقة همت أحيانا أشياء خاصة به، كما حدث بخصوص الخاتم الملكي الذي اختفى من مكانه إضافة إلى مجموعة من الوثائق المهمة التي تم السطو عليها من مكتب أحد مستشاريه، وساعات ثمينة ناهيك عن أشياء أخرى غالية الثمن، سرقت من غرف الملك الخاصة، كما تبخرت كميات هائلة من الأموال (دراهم، دولارات وأوروات...) ومستندات من خزائن غرف الملك الحديدية. غير أن أكبر عملية نصب وسرقة تعرض لها الملك الراحل الحسن الثاني، حدثت في صيف سنة 1998، عندما عاد من زيارة رسمية إلى مصر، حيث لوحظ اختفاء دفتر شيكات خاص بالملك، وحقيبة مملوءة عن آخرها بالدولارات الأمريكية، من عقر غرفته الخاصة، التي لا يلجها إلا قليلون معلومون، على رأسهم فريدة الشرقاوي، امرأة ثقة الملك الأولى، إذ كانت القيّمة على مختلف تفاصيل ودقائق الغرف الخاصة للملك، الماسكة بمفاتيح خزائنه وأرقامها السرية ومستودعات أمواله (بالدرهم والدولار والأورو). وقد تناسلت بهذا الخصوص أكثر من رواية منها احتمال تواطؤ فريدة الشرقاوي مع هشام المندري على تهريب أموال وشيكات ووثائق سرية خارج البلاد، منها كذلك احتمال رغبة فريدة الشرقاوي في تأمين أيامها القادمة بعد رحيل الملك الذي كان قد هدّه المرض وبدت عليه علامات اقتراب موعد التحاقه بالرفيق الأعلى، ومنها أيضا أن هشام المندري خدع الملك وامرأة ثقته الأولى، في ظرف غفلة واستغلاله لفلتان مراقبة شؤون القصر ودواليبه من يد الملك الذي أنهكه المرض وأغرقه في وجوم شديد. الإخوان بوريكات ظل الملك الراحل الحسن الثاني يعتبر أنه خدع من طرف الأجهزة الأمنية والقضاء بخصوص الإخوان بوريكات، إلى حد النصب عليه بتوهيمه أنهم متورطون في انقلاب كان يهيئه الجنرال أحمد الدليمي، وفي نوازل الاستيلاء على أموال طائلة بعد إنجاز صفقات مشبوهة بمال الملك واستغلال اسمه ونفوذه دون علمه. وبهذا الخصوص سبق للمؤلف الفرنسي “ايريك لوران“، صاحب كتاب “الحسن الثاني، ذاكرة ملك“، أن سأل الراحل الحسن الثاني عما إذا كان يظن أن فضيحة “نازلة الإخوان بوريكات” ناجمة عن خطأ فادح ارتكبته الأجهزة الأمنية والقضاء، فكان جوابه بالإيجاب، لكنه أضاف - حسب “لوران” “إن تركهم يخرجون من السجن كان خطأ فادحا كذلك...” ومن المعلوم أن علي بوريكات تمكن من الحصول على اللجوء السياسي بالولايات المتحدةالأمريكية مقابل كشفه عن جملة من الأسرار خاصة بالبلاط وبفرنسا، سيما تلك المتعلقة بشبكات الاتجار في المخدرات بمباركة مسؤولين مغاربة وفرنسيين وازنين مقربين جدا من دوائر صناعة القرارات الكبرى والحاسمة، وهم الذين ساهموا بشكل كبير في حماية كبار مهربي كورسيكا ومارسيليا وباريس، مما قوّى نفوذهم ونشاطهم تحت غطاء بعض الشركات المستقرة بالمغرب، أهمها شركة “بيرنو وريكار” التي كانت تتوفر على مختبرات لصنع الكوكايين على تراب بلادنا حسب ما أدلت به زوجة مالك الشركة المذكورة بالديار الأمريكية، حيث تقضى بقية عمرها بعد تمتيعها باللجوء السياسي. للإشارة أطلق سراح علي بوريكات رفقة شقيقه سنة 1991 من سجن تازمامارت، حيث تم اعتقالهم جميعا في صيف 1973 ولم تعرض قضيتهم على أنظار العدالة. ثلاث مخابرات خدعت الملك الحسن الثاني ظلت جهات خارجية، غير بعيدة عن الملك الراحل الحسن الثاني، أحيانا، عبر علاقات مباشرة وفي غالب الأحيان عبر عملاء أو علاقات وطيدة مع أقرب المحيطين بالملك والمقربين من البلاط ودوائر صناعة القرار، تحاول خداعه. إنها الموساد الإسرائيلية والمخابرات المركزية الأمريكية (سي- إي- يا) ومديرية التوثيق الخارجي ومحاربة التجسس التابعة للمخابرات الفرنسية. وظلت هذه الجهات قريبة من القصر الملكي لدواعي مرتبطة بأمن الأسرة الملكية والقصور، كما أنها لم تكن غائبة كليا عن ركح الصراع حول السلطة، إما بدعم المعارضة أو دعم النظام، للتخلص من هذه الأخيرة أو بالإشراف على تكوين عناصر الأجهزة الأمنية والمخابراتية المغربية وإعادة هيكلتها من فترة لأخرى، وبفضل عناصر هذه الجهات تمكنت المخابرات والأجهزة الأمنية المغربية من اختراق الأحزاب السياسية واستدراج بعض قاداتها للتعامل معها. وفي فترات معينة عملت بعض عناصر هذه الجهات الأجنبية، إما بتنسيق فيما بينها أو كل واحدة على حدة، على التخطيط بهدف التخلص من الملك الراحل الحسن الثاني!