نحن في مؤسسة الرهان لا نؤمن باعتبار القراء "زبناء" الخبر، ونتعامل مع كل من يتعامل معنا كشريك .. ولما نقول إننا لا نتعامل مع القارئ ك"زبون"، فلأن هذه العبارة لا يجب أن تطبق على إنسان، حتى بالنسبة للسلع الأكثر استهلاكا.. وأكثر من هذا، على اللغة التجارية أن تغير جلدها، لتنتقل من التعامل مع المستهلك كزبون إلى التعامل معه كشريك. ما الذي يجعل منتوجا معينا يستمر في الوجود، دون أن تستطيع منتوجات أخرى القضاء عليه، بالرغم من المنافسة الشرسة التي يعرفها السوق؟ والجواب هو الجودة، واحترام ذوق المستهلك. لكن، هذه القاعدة لا تصْدُق في جميع الأحوال، وإلا ما الذي يجعل كوكاكولا تحتل مرتبة المشروب الأول في المغرب، في حين أنها ليست كذلك في الولاياتالمتحدة الأمريكية؟ ونفس الشيء يصدق على الكثير من أنواع البيسكوي التي تصلح أن يلقى بها في القمامة، في حين ندسها لأطفالنا في وجباتهم الغذائية مرفوقة بالكثير من قبلات المحبة .. سبب هذا "النجاح" هو المبالغة في الإعلان، وضعف جمعيات المستهلك في المغرب، لدرجة يمكن معها القول إن هذا المجال هو المجال الأضعف من حيث النشاط المدني على الإطلاق.. لو كانت لدينا جمعيات مستهلك قوية، لما انتصرت شركات على صحة المواطنين، ولما صرفنا على الرداءة أضعاف ما نصرفه على الجودة.. وبعد ذلك، نقضي بقية حياتنا ونحن نصرف على الأدوية، بفعل الهشاشة التي تصيبنا.. إن الذي يستثمر أكثر في الإشهار، قد يفعل ذلك على حساب الجودة. ولهذا، يجب أن تكون هناك جمعيات مستقلة وقوية تحمي المستهلك ضد سطوة جبروت المؤسسات المعلنة التي تتساهل مع معايير الجودة. ولهذا، يجب خلق مؤسسات لمراقبة الإشهار، مؤسسات يكون هدفها حماية المستهلك ..وفرض وضع نصائح طبية رفقة العديد من أنواع الإشهار مثلما هو الأمر في التلفزيونات الفرنسية. وعلى سبيل المثال، كل إشهار لمنتوج غذائي في فرنسا يكون مرفوقا بعبارة "من أجل صحتكم، يجب تناول خمس أنواع من الخضر والفواكه في اليوم" .. لماذا لا نقتبس الفكرة، خصوصا أننا دأبنا على النقل .. وليس الاقتباس فقط !! القراء والمشاهدون شركاء يجب احترامهم، لا "زبناء" يجب أن يشتروا السلعة وبأي ثمن .. ولو بالدفع ليس بالمال فقط، بل بالصحة العقلية والبدنية !! وموعدنا يتجدد غدا مع موضوع آخر وقضية أخرى ..