عقد الأحد بالعاصمة الألمانية برلين، مؤتمر حول الأزمة الليبية وشاركت فيه كل من الولاياتالمتحدةوروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانياوتركيا وإيطاليا ومصر والإمارات والجزائر والكونغو، كما شاركت في المؤتمر أربع منظمات دولية، هي الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، وذلك بحضور طرفي النزاع في ليبيا، في حين لم تُستدع فيه كل من تونس واليونان وقطر والمغرب إلى المؤتمر على الرغم من اهتمامهم بالملف الليبي. ولهذا السبب أعرب المغرب عن استغرابه لإقصائه من المؤتمر، وقال بيان الخارجية المغربية، إن الرباط لا تفهم المعايير ولا الدوافع التي أملت اختيار البلدان المشاركة في هذا المؤتمر"، وشدد بلاغ الخارجية المغربية، على أن المغرب كان دائما في طليعة الجهود الدولية الرامية إلى تسوية الأزمة الليبية. وأكد ذات البيان، أن "المملكة اضطلعت بدور حاسم في إبرام اتفاق الصخيرات، الذي ما زال يشكل الإطار السياسي الوحيد الذي يحظى بدعم مجلس الأمن وقبول جميع الفرقاء الليبيين، من أجل تسوية الأزمة القائمة في البلاد". وحول الموقف المغربي من الملف الليبي، والتوصيات التي سيأتي بها مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية، حاور موقع القناة الثانية، ضمن فقرة "ثلاثة أسئلة" الخبير في العلاقات الدولية والأستاذ بمعهد الدراسات الافريقية بالرباط، الموساوي العجلاوي. نص الحوار.. ما هي قراءتك لغضب المغرب والتعبير عن استغرابه من اقصائه الحضور في مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية، خاصة أن المغرب كان الراعي لاتفاق الصخيرات؟ أولا، يجب ربط بيان وزارة الخارجية المغربية بالتفسيرات التي رافقت توضيحات الوزير بوريطة مع بعض القنوات الفضائية العربية والأجنبية. المغرب لا يرغم في الحضور إلى برلين من أجل الحضور لكن هناك تخوف من أن مؤتمر برلين قد يمحو اتفاق الصخيرات، وهذا الاتفاق الذي يعد المرجعية الوحيدة التي صادقت واعترفت بها الأممالمتحدة، ويعتبر زورق النجاة بالنسبة لكل الفاعلين في الأزمة الليبية، لذا فتخوف المغرب ليس في الحضور وإنما من أن يخرج هذا المؤتمر عن اتفاق الصخيرات إما بحرب في ليبيا أو تقسيمها، هذا من جهة. ثم من جهة ثانية، أن ليبيا من الناحية الجيواستراتيجية في المنطقة هي نقطة مفصلية بين اتحاد المغرب العربي الكبير والشرق الأوسط ثم ما بين الساحل والصحراء وجنوب المتوسط، لذا لهذه الدولة أهمية كبيرة. الآن مع اشتداد الأزمة والتخوف من ما سيصدر عن مؤتمر برلين أصبحت اليوم دول المغرب العربي تشكل الجبهة الغربية للنزاع الليبي على اعتبار أن الحدود التونسية والجزائرية متقاربة والمغرب أيضا سيتأثر بأي شيء يقع بالجارة الليبية. في نظرك هل يمكن أن يحقق مؤتمر برلين تقدما كبيرا في طريق حل الأزمة الليبية؟ اعتقد أن انعقاد مؤتمر برلين ليس من أجل حل المشكل الليبي، وإنما من أجل حسابات عدد من الدول في المنطقة، من جانبها ألمانيا فإنها لا تريد أن تستقر روسيا في منطقة جنوب المتوسط وأيضا ترفض أن تستفرد روسياوتركيا فقط بالحل خاصة بعد التوافق بوقف إطلاق النار، وكذلك أن تكون أوروبا غائبة في الأزمة الليبية. وفي جانب آخر تتخوف ألمانيا من موجة المهاجرين القادمين من السواحل الليبية، حيث يستحضرون الأزمة السورية وقرار فتح تركيا لأبواب الهجرة نحو أوروبا والتي تعتبرها ألمانيا هي التي أدت إلى البركسيت وإلى برز توجهات يمينية قومية متطرفة في أوروبا، لذلك هناك تخوف من موجة أخرى للهجرة تكون قادمة من ليبيا قد تعصف بفضاء شينغن وبكل مكونات الاتحاد الأوروبي، لذلك هذا هو منطق الأوروبيين. وبالتالي مؤتمر برلين ليس بغرض حل إشكالية ليبيا بقدر ما هو محاولة لإيجاد حل بين استراتيجيات إقليمية ودولية متنافرة تسارع نحو بحث موقع لها بليبيا، لأن هذا البلد يتوفر على صناديق سيادية تضم 167 مليار دولار التي تركها معمر القذافي، إذن هي كعكة كبيرة وجميع الدول ترغب في الحصول على جزء منها وهذا ما يفسر هذا التزاحم الإقليمي والدولي على ليبيا. وعموما فإن توصيات مؤتمر برلين حول الأزمة الليبية لن يتجاوز قرار اتفاق وقف إطلاق النار على أساس أن حل الإشكال الليبي مرتبط بحل الإشكال الإقليمي والدولي. ثم أنني اعتقد أن الإشكال الليبي معقد ويضم ثلاثة مستويات، ويتعلق الأول، أن الليبيين لم يستطيعوا بناء مؤسسات منذ سقوط معمر القذافي، والمستوى الثاني إقليمي أن هناك دول الجوار وانعكاسات أزماتها الداخلية على ليبيا، كما أن هناك تطاحن بين دول عربية حول ليبيا، أما المستوى الثالث المرتبط بالصراع الدولي حول ليبيا. هل عودة الأمن إلى ليبيا ووقف الحرب الداخلية سيكون له أثر إيجابي على المنطقة المغاربية؟ بالتأكيد.. الجبهة المغاربية خاصة تونس والجزائر اليوم في الواجهة، الجارة الجزائرية قامت بتدريبات عسكرية منذ أيام وربما هذا السبب الذي عجل باستدعائها إلى مؤتمر برلين، وبما أن مصر تدعم الخلفية حفتر، والجزائر تعتبر طرابلس خطا أحمرا، وهذا يفيد أن هناك تخوف من مواجهة عسكرية مصرية جزائرية على أرض ليبيا. وبالتالي هذه الأشياء من المؤكد أن يكون لها تأثير على الأمن والاستقرار بدول المغرب العربي. وبالعودة إلى بيان الخارجية المغربية أن المغرب يتوجه نحو إقرار السلم والأمن في المنطقة، وأن ما يقع في ليبيا من نزاع أو عدم استقرار لا يخص هذه الدولة لوحدها وإنما سيمس المنطقة بكاملها.