قال خبيران مغربيان إن موقف الرباط من الملف الليبي يتمثل في الحوار بين مختلف أطراف الأزمة، والحياد دون الوقوف مع هذا الطرف أو ذاك. وأضاف الباحثان، في تصريحين منفصلين للأناضول، أن بلادهما تتمسك بالقرارات التي اتخذت في "لقاء الصخيرات". و"اتفاق الصخيرات" جرى توقيعه تحت رعاية أممية بمدينة الصخيرات المغربية، في 17 دجنبر 2015، لإنهاء الصراع في ليبيا. ويحاول المغرب مسك العصا من الوسط حيال الملف الليببي، حيث لم يبد أي موقف تجاه طرف مقابل آخر، محافظا على نفس المسافة بينها، وفق المتحدثين. وفي آخر تطورات الملف، أعرب المغرب عن الاستغراب لإقصائه من مؤتمر برلين حول ليبيا. وقالت الخارجية المغربية، في بيان، إن "المملكة لا تفهم المعايير ولا الدوافع التي أملت اختيار البلدان المشاركة في المؤتمر". والأحد، انعقد مؤتمر برلين حول ليبيا، بمشاركة 12 دولة هي الولاياتالمتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا وتركيا وإيطاليا ومصر والإمارات والجزائر والكونغو، و4 منظمات دولية وإقليمية هي الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية. وكان من أبرز بنود البيان الختامي للمؤتمر، الذي وقعت عليه 16 دولة ومنظمة بجانب طرفي الأزمة، ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار، والالتزام بقرار الأممالمتحدة الخاص بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا، وتشكيل لجنة عسكرية لتثبيت ومراقبة وقف إطلاق النار، تضم 5 ممثلين عن كل من طرفي النزاع. ** الدعوة للحوار بين أطراف الأزمة الخبير في العلاقات الدولية، محمد العمراني بوخبزة، اعتبر أن موقف بلاده إزاء الأزمة الليبية واضح "يتمثل في الحياد ودعوة الأطراف للحوار، مع رفض أي تدخل أجنبي". وأضاف أن الرباط لا يمكنها التخلي عن دورها في إيجاد حل للملف الليبي نظرا لانتماء هذا البلد إلى "الفضاء المغاربي"، بالإضافة إلى ما يمثله من تحدٍ للحفاظ على الأمن القومي لبلاده. وأوضح أن القرب الجغرافي لليبيا يفرض حضور هذا الملف في الأجندة الخارجية للرباط، رغم طبيعة وخصوصية السياسة الخارجية لبلاده، التي تتسم ب"التكتم" وعدم الاعتماد على "الجانب الدعائي"، بل على "البحث عن مخرجات وقرارات ذات نتائج إيجابية". وذكر العمراني بوخبزة بكون بلاده "استطاعت أن تكون فضاء للحوار بين مختلف مكونات الأطراف الليبية في الصخيرات، وهو ما أدى إلى التوصل لاتفاق". وأشار إلى أن المغرب يسعى أيضا إلى إعاد بناء ليبيا من خلال استضافتها لمؤتمر لإعادة إعمار ليبيا خلال نوفمبر المقبل. وأبرز العمراني بوخبزة أن "ضمان استقرار ليبيا هو ضمان استقرار للمنطقة ككل". بدوره، قال تاج الدين الحسيني، الأكاديمي والخبير في العلاقات الدولية، إن بلاده "تطالب الفرقاء الليبيين بحوار مباشر والتمسك بالقرارات التي اتخذت في لقاء الصخيرات، علما أن هذا الاتفاق كان يدعو الأطراف إلى الالتزام بفترة انتقالية لغاية إجراء انتخابات". واعتبر أن اتفاق الصخيرات كفيل بإنهاء النزاع على أساس أن الجميع وافق عليه، وحظي بتزكية مجلس الأمن والمجتمع الدولي. وأوضح أن الظروف تغيرت بعدما أقدم اللواء المتقاعد خليفة حفتر على الاستيلاء على مساحات واسعة من التراب الليبي. واعتبر الحسيني أنه في ظل هذا الصراع بين حكومة الوفاق الوطني الشرعية وقوات حفتر "بات الأمر يتعلق بوجود عدة محاور". وأوضح أن بلاده "اختارت الحياد الإيجابي حيال الأزمة الليبية، دون الوقوف مع هذا الطرف أو ذاك، لكن في الوقت نفسه "تدعو للحوار بينهما والتمسك بقرارات الصخيرات". وقال الحسيني إن "عددا من الدول (لم يحددها) بدأت ترفض هذا التوجه، خصوصا أنها تعتبر أن الرباط لا يريد دعم طرف على حساب الآخر". ** اتفاق الصخيرات يفرض دعوة المغرب لمؤتمر برلين ولفت الحسيني إلى أن بلاده كانت معنية بالاستدعاء لمؤتمر برلين ما دام أنها معنية بالنزاع في منطقة المغرب العربي، بالإضافة إلى استضافتها للأطراف والتوصل إلى اتفاق الصخيرات، الذي يشكل خارطة طريق للفرقاء الليبيين من أجل التوصل إلى نتائج ايجابية". وقال إن علاقة بلاده جيدة مع ألمانيا، ويبدو أن هذه الأخيرة "أذعنت" لجهة معينة من أجل عدم دعوة بلاده، مضيفا أن التنظيم تم بشكل عشوائي، معتبرا أن دعوة الكونغو "غير مفهوم". ولفت إلى استغراب بلاده في محله وأنه وسيلة من أجل تصحيح الأمور وتداركها مستقبلا. و السبت، عبر المغرب عن استغرابه لإقصائه من مؤتمر برلين. وقالت الخارجية المغربية، في بيان، إن "المملكة كانت دائما في طليعة الجهود الدولية الرامية إلى تسوية الأزمة الليبية". ولفت البيان إلى أن "المملكة لا تفهم المعايير ولا الدوافع التي أملت اختيار البلدان المشاركة في هذا الاجتماع". وأضاف البيان أن "المملكة اضطلعت بدور حاسم في إبرام اتفاقات الصخيرات، والتي تشكل حتى الآن الإطار السياسي الوحيد، الذي يحظى بدعم مجلس الأمن وقبول جميع الفرقاء الليبيين، من أجل تسوية الأزمة في هذا البلد المغاربي الشقيق".