وسط غضب بمنطقة المغرب العربي، تستضيف العاصمة الألمانية برلين اليوم الأحد مؤتمرا حول ليبيا، بمشاركة فايز السراج رئيس الحكومة الوفاق المنبثقة عن اتفاق الصخيرات، والجنرال خليفة حفتر، وتركيا وروسيا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا وإيطاليا ومصر والإمارات والجزائر والكونغو، وغياب تونس والمغرب، وقطر واليونان. والهدف الأول لهذه القمة التي تعقد برعاية الأممالمتحدة وتفتتح بعد ظهر الأحد على أن تنتهي في وقت متأخر في المساء، هو وضع حد للتدخلات الأجنبية في هذه الدولة التي تغذي النزاع فيها عوامل عديدة من الشهية لمواردها النفطية إلى الخصومات السياسية الاقليمية وصراع النفوذ.
وعبر المغرب عن استغرابه لإقصائه من المؤتمر، حيث أكد بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن ” المملكة المغربية كانت دائما في طليعة الجهود الدولية الرامية إلى تسوية الأزمة الليبية”، مضيفا أن ” المغرب اضطلع بدور حاسم في إبرام اتفاقات الصخيرات، والتي تشكل حتى الآن الإطار السياسي الوحيد -الذي يحظى بدعم مجلس الأمن وقبول جميع الفرقاء الليبيين- من أجل تسوية الأزمة في هذا البلد المغاربي الشقيق “.
وسجل البلاغ أن ” المملكة المغربية لا تفهم المعايير ولا الدوافع التي أملت اختيار البلدان المشاركة في هذا الاجتماع “، مشيرا إلى أنه ” لا يمكن للبلد المضيف لهذا المؤتمر، البعيد عن المنطقة وعن تشعبات الأزمة الليبية، تحويله إلى أداة للدفع بمصالحه الوطنية “.
وخلص البلاغ إلى أن ” المملكة المغربية ستواصل من جهتها انخراطها إلى جانب الأشقاء الليبيين والبلدان المعنية والمهتمة بصدق، من أجل المساهمة في إيجاد حل للأزمة الليبية “. وفي اتصال هاتفي تلقاه الملك محمد السادس من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقب بيان الخارجية، شدد الطرفان على "الدور الهام الذي تضطلع به المملكة المغربية لحل الأزمة الليبية"، حسب بيان للديوان الملكي.
ولفت البيان إلى أن الجهود المغربية لحل الأزمة الليبية "أسفرت عن اتفاق الصخيرات الذي أقره مجلس الأمن ويحظى بدعم المجتمع الدولي".
من ناحيتها، أكدت تونس أنه يتعذر عليها المشاركة في أعمال المؤتمر الدولي حول ليبيا، المقرر تنظيمه ببرلين، غدا الأحد، بسبب دعوتها بصفة متأخرة.
وأرجعت تونس في بيان صدر السبت عن وزارة الشؤون الخارجية التونسية، قرار عدم المشاركة في المؤتمر إلى “ورود الدعوة بصفة متأخرة وعدم مشاركة تونس في المسار التحضيري للمؤتمر، الذي انطلق منذ شهر شتنبر 2019، رغم إصرارها على أن تكون في مقدمة الدول المشاركة في أي جهد دولي ي راعي مصالحها ومصالح الشعب الليبي الشقيق، واعتبارا لحرصها الثابت على أن يكون دورها فاعلا كقوة اقتراح، إلى جانب كل الدول الأخرى الساعية من أجل السلم والأمن في إطار الشرعية الدولية”.
وأضاف البيان في ذات السياق “أن قرار تونس بعدم التمكن من الاستجابة للدعوة الألمانية للمشاركة في هذا المؤتمر ، خاصة وأن لها مصلحة مباشرة في إحلال الأمن والسلم في ليبيا الشقيقة، علاوة على كونها عضوا غير دائم في مجلس الأمن ورئيسة الدورة الحالية للجامعة العربية، سوف لن ي ثنيها عن مواصلة مساعيها الحثيثة والمتواصلة للمساهمة في إحلال السلام في ليبيا وتقريب وجهات النظر بين مختلف الأشقاء الليبيين”.
وأضاف البيان أن تونس “التزمت منذ اندلاع الأزمة في ليبيا، بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد الشقيق وحرصت دائما على التدخل بالحسنى لتشجيع الحوار بين مختلف الأطراف الليبية وهي لا تزال تتمسك بهذا التوجه”.
وأشار البيان إلى أن تونس “لم تغير من ثوابت موقفها المبدئي تجاه الأزمة الليبية والقائم على التمسك بالشرعية الدولية والوقوف على نفس المسافة من كافة الفرقاء الليبيين وضرورة إيجاد حل سياسي نابع من الإرادة الحرة لليبيين أنفسهم، بعيدا عن التدخلات الخارجية التي أضرت بالشعب الليبي”.
ومن المنتظر أن تتمخض ندوة برلين عن ورقة نهائية تشمل ستة محاور تتصل مباشرة بأبعاد النزاع الليبي-الليبي الذي يعرف تصعيدا مقلقا منذ أبريل المنصرم .
و تتعلق هذه المحاور أساسا بوقف الأعمال القتالية وتكريس وقف دائم لإطلاق النار مع تطبيق حظر الأسلحة وإصلاح قطاع الأمن و القطاع الاقتصادي و كذا العودة إلى العملية السياسية وتطبيق القانون الدولي الإنساني.
و كان الأمين الأممي أنطونيو غوتيريس قد حث الأسرة الدولية على تقديم دعم قوي لندوة برلين، مناشدا طرفي النزاع في ليبيا الالتزام بوقف الأعمال العدائية بينهما.
يشار إلى أنه بعد السيطرة على الشرق وعلى جزء كبير من الجنوب الليبي، بدأ المشير حفتر هجوما لطرابلس التي تشكل مركز السلطة، معولا على انتصار سريع. لكنه يواجه منذ مطلع أبريل مقاومة شرسة.
وفي مقابلة نشرت الأحد صحيفة “دي فيلت” الألمانية، طلب خصمه نشر “قو ة عسكرية دولية” في ليبيا برعاية الأممالمتحدة، في حال استأنف حفتر الأعمال القتالي ة. وقال “إذا لم ينه خليفة حفتر هجومه، سيتعين على المجتمع الدولي التدخل عبر قوة عسكرية لحماية السك ان المدنيين الليبيين”.