كشفت المندوبية السامية للتخطيط، في مذكرة لها حول وضعية سوق الشغل خلال الفصل الثاني من سنة 2021، أن معدل البطالة ارتفع ب 0,5 نقطة ما بين الفصل الثاني من سنة 2020، ونفس الفصل من سنة2021، منتقلا من12,3% إلى 12,8% على الصعيد الوطني. وأوضحت المندوبية، أن هذا المعدل سجل ارتفاعا حادا بالوسط الحضري منتقلا من 15,6% إلى 18,2% ، وانخفاضا بالوسط القروي منتقلا من7,2% إلى 4,8%. وفي هذا السياق، يقول رشيد أوراز، المحلل الاقتصادي والباحث في المعهد المغربي لتحليل السياسات، إن "معدلات البطالة المسجلة حاليا تهم قطاعات معينة والتي تضررت بفعل جائحة كورونا؛ وخاصة قطاع السياحة والأنشطة المرتبطة به"، والذي قال عنه إنه "لم يسترجع عافيته بعد وما يزال يتخبط في مشاكل هذه الجائحة"، مضيفا في حوار له مع موقع القناة الثانية ضمن فقرة "3 أسئلة" أن "نسبة البطالة تتجلى بشكل رئيسي ضمن فئة الشباب وحاملي الشواهد العليا"، معتبرا أن "نمو الاقتصاد المغربي ومختلف الأنشطة الاقتصادية غير قادرة على سد هذا العجز في سوق الشغل بين العرض المتوفر والطلب الذي يسجله الاقتصاد المغربي". نص الحوار.. انطلاقا من المعطيات والأرقام التي قدمتها المندوبية السامية للتخطيط حول ارتفاع معدل البطالة بالمغرب، في نظرك ماهي القطاعات الأكثر تأثرا بالبطالة؟ القطاعات الأكثر تضررا بالبطالة وهي القطاعات التي عجزت على أن تخلق فرض شغل في الفصل الثاني من هذه السنة، ومن خلال قراءة في المعطيات التي قدمتها المندوبية السامية للتخطيط يتضح أن قطاعات الفلاحة والصيد البحري والأشغال العمومية والبناء خلق تقريبا ما مجموعه 400 ألف منصب شغل، في حين أن قطاع الخدمات لم يخلق إلا 40 ألف منصب، وقطاع الصناعة بما فيه الصناعة التقليدية لم يخلق إلا 53 ألف منصب شغل. أما قطاع السياحة والصناعة التقليدية تأثر بفعل أزمة كورونا وبالتالي على قدرة التشغيل فيه، مجملا فإن قطاع السياحة وما يرتبط به من أنشطة كالنقل السياحي وغيرها لم يسترجع عافيته بعد وما يزال يتخبط في مشاكل هذه الجائحة، مما ساهم في فقدان عدد كبير من مناصب شغل وعجزه عن تلبية طلب باحثين عن شغل في الفترة الماضية. كيف ترى في نسبة تراجع القوة العاملة مقارنة مع عدد الأشخاص الذين انضافوا للفئة النشيطة؟ بطبيعة الحال، هناك عجز هيكلي في المغرب بين عدد الأشخاص الذين يبحثون عن عمل وبين الذين ينضافون بشكل دوري لسوق الشغل وفرص العمل التي يخلقها الاقتصاد المغربي، هذا العجز بقي مرتفعا خلال السنوات الماضية، ويتجلى بشكل رئيسي في فئة الشباب وحاملي الشواهد العليا للأسف نمو الاقتصاد المغربي ومختلف الأنشطة الاقتصادية غير قادرة على سد هذا العجز في سوق الشغل بين العرض المتوفر والطلب الذي يسجله الاقتصاد المغربي. في نظري لا يمكن حل هذه المعضلة إلا بتنويع النشاط الاقتصادي وتوفير فرص في قطاعات توفر فرص عمل خاصة للشباب حاملي الشواهد، وهذه القطاعات هي الخدمات والصناعة. متى تتوقعون تقليص نسبة البطالة والعودة لمستويات ما قبل الجائحة؟ في ظل استمرار هذه الأزمة الصحية وعودة إجراءات الإغلاق بطبيعة الحال سيكون له تأثير على سلبي جدا على سوق الشغل، حيث سيشهد عدد كبير من الفرص الضائعة، إلى جانب أنه عدد من القطاعات ستزيد معاناتها مع هذه الإجراءات التقييدية، وأبرز هذه القطاعات هي السياحة والتي ستستمر في أزمتها بالإضافة إلى قطاع النقل. ومع هذه الإجراءات المرتبطة بالوباء ستستمر نفس المشاكل الاقتصادية طيلة سنة أو ثلاث سنوات القادمة، هناك أمل معقود على أن تتقدم حملات التلقيح ليس فقط على المستوى المحلي وإنما عالميا لكي يكون هناك محاصرة لهذا الوباء وأن يعود النشاط الاقتصادي تدريجيا إلى مستواه السابق. على العموم، لحد الآن من الصعب التوقع بعودة النشاط الاقتصادي بشكل عال، ومما يشير إلى أن نسبة البطالة المرتفعة ستكون السمة الظاهرة والحاضرة خلال سنتين القادمتين.