يشكل القانون رقم 43.20 المتعلق بخدمات الثقة بشأن المعاملات الإلكترونية، الذي صادق عليه مجلسا البرلمان في دجنبر الماضي، دعما كبيرا للمجال الرقمي، والأمن السيبيراني في المغرب، لا سيما بعد الأزمة المرتبطة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19). ويتعلق الأمر بإطار قانوني جديد يروم تنظيم مجالات التوقيع الإلكتروني والختم الإلكتروني، والختم الزمني، وخدمات الإرسال الإلكتروني المضمون، علاوة على إثبات صحة الموقع الإلكتروني. ويكتسي توقيت المصادقة على القانون المذكور أهمية حاسمة، بالنظر إلى تسارع وتيرة التحول الرقمي، والتي أصبحت ضرورة لمواجهة أي أزمة محتملة، وتجنب التوقف المفاجئ للنشاط. لذلك، فمن الواضح تماما أن التطور الرقمي للمملكة يدعو إلى خلق مناخ من الثقة الملائم لازدهار المعاملات الإلكترونية، مع تأمين الحماية القانونية اللازمة. وفي هذا الصدد، أكدت أمل العلوي، نائبة المدير العام ل(شركة NAPS )، فرع مجموعة "M2M" المتخصصة في خدمات الدفع الإلكتروني، أن "القانون 43.20 يحدد الإطار القانوني والوظيفي، الذي سيسمح بتفعيل نظام وطني للهوية الرقمية، وبتنظيم أدوار مختلف الأطراف المعنية". وقالت السيدة العلوي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنه سيتم بالتأكيد تعزيز ثقة المستخدمين النهائيين بفضل ميزتين رئيسيتين يوفرهما هذا القانون، وهما تبسيط الإجراءات مثل وضع عدة مستويات من التوقيعات الإلكترونية الأكثر ملاءمة للرهانات الأمنية المرتبطة بكل نوع من أنواع المعاملات الإلكترونية، والتصديق على الهويات الإلكترونية من قبل مقدمي خدمات الثقة المؤهلين لذلك. وتابعت أن هذا النص، الذي يشكل آلية مركزية في الاستراتيجية الوطنية الرامية إلى تعزيز الرقمنة، سيمكن من إرساء منظومة شاملة، منفتحة ومقننة، للثقة الرقمية. ومن جانبه، أكد العربي الشرايبي، رئيس المرصد المغربي للقانون الرقمي، أن "القانون 43.20 سيحل نهائيا مسألة مراقبة التعاملات الإلكترونية". وأوضح السيد الشرايبي أنه يمكن للسلطة الوطنية، إما تلقائيا وإما بطلب من أي شخص يهمه الأمر، أن تراقب وأن تعمل على مراقبة مطابقة أنشطة مقدم خدمات الثقة لأحكام القانون رقم 43.20. وأضاف أنه يمكن أيضا للسلطة الوطنية الاستعانة بخبراء لإنجاز مهامها المتعلقة بالمراقبة، كما يمكنها، وفقا للمادة 56 من القانون، شأنها في ذلك شأن الشرطة القضائية، الولوج إلى أي مؤسسة والاطلاع على كل الآليات والوسائل التقنية المتعلقة بخدمات الثقة، والقيام بالحجز على الأجهزة في حالة تسجيل خروقات قانونية. وقال "إننا أمام دركي حقيقي للنت، والذي سيساعد، إلى حد كبير، على ملء الثغرات القانونية في ما يتعلق باللجوء المفتوح لضحايا القرصنة أو الاحتيال المرتبط بالمعاملات الإلكترونية، وكذا تعزيز الأمن السيبيراني". واعتبر أيضا أن القانون المذكور سيسمح للشركات المغربية العاملة في المجال الرقمي، بتقديم خدمات الثقة لفائدة عملائها، والتي كانت في السابق حكرا على بعض المؤسسات العمومية، مضيفا أن هذا الأمر سيشجع على ظهور فاعلين خواص في مجال الختم الإلكتروني والختم الزمني الإلكتروني. وأوضح السيد الشرايبي أنه "على الرغم من أن الفاعلين الخواص غير المعتمدين لا يمكنهم تقديم شهادات إلكترونية قانونية، إلا أنه بإمكانهم تقديم شهادات تكون بمثابة دليل على الهوية الرقمية أمام المحاكم في حالة النزاع أو الخلاف". وهكذا، فإن القانون رقم 43.20، سيساهم بشكل كبير، لاسيما في زمن كورونا، في النهوض بالتجارة الإلكترونية ودعم القطاعات الأخرى، التي تعتبر وتؤمن بأن الرقمنة محرك للنمو.