المغرب و بريطانيا علاقات إمبراطوريتين و ثمانية قرون من التعاون ثمانية قرون بالتمام والكمال هي عمر العلاقات الديبلوماسية بين المملكة البريطانية والمملكة المغربية، وذلك سنة 1213 عندما أرسل الملك جون ملك بريطانيا بعثة معتمدة لدى السلطان الموحدي محمد الناصر. عندما نتحدث عن ثمانية قرون في الدبلوماسية فهي في الزمن السياسي تعني تراكما تاريخيا في مجال المساهمة في رسم السياسات الدولية وأساسا بالمنطقة المغاربية وإفريقيا. مما يعني أنه كان للمغرب تاريخ في الديبلوماسية كما له حاضر اليوم كما له تطلعات مستقبلية. وكما هو شأن العلاقات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية التي نالت أول اعتراف دولي من المغرب، فإن العلاقات المغربية البريطانية الضاربة جذورها في التاريخ، لا تقف عند حد مدح الماضي ولكن كلها تطلع للمستقبل وهذا ما عبر عنه سفير بريطانيا بالمغرب بقوله "بالرغم من التفافنا بين طيات 800 عام من الصداقة بين البلدين، إلا أن العلاقات الثنائية بين المملكة المتحدة والمملكة المغربية هي أبعد وأعمق من أن تكون محدودة في علاقات الصداقة خلال العصور القديمة. إننا نعمل بشكل وثيق مع المغرب – كأصدقاء وكشركاء ونظائر – في مجالات عديدة لإيجاد سبل للتعاون من أجل المنفعة المتبادلة وهو ما يعني بناء شراكات مربحة للجانبين ورؤية الصورة الأكبر لتجاوز حدود المعتقد والجماعة لأن هذه المبادئ سارية المفعول وذات أهمية قصوى في وقتنا الحاضر كما كانت قبل ثمانية قرون". إذن ثمانية قرون من العلاقات بين بريطانيا العظمى وبين المملكة المغربية، هي تأكيد تاريخي على أن هذا البلد ليس "مقطوعا" من شجرة كما هو شأن بعض الولايات التابعة تاريخيا التي حولها الاستعمار إلى دول، ولكنه بلد مؤسس، وبلد المؤسسات، فالدول، بما هي المؤسسات الضامنة للاستمرارية، لا تُبنى بين عشية وضحاها ولا تُبنى بقرار من أحد ولكنها نتيجة التراكم التاريخي للممارسة السياسية والعسكرية والاستراتيجية. إنها نتيجة للّبنات التي يتم تأسيسها واحدة بعد الأخرى، وإلا ستكون مثل العمارة التي لا أساس لها تنهار عند هطول أول قطرة مطر أو هبوب أول ريح تعصف بها. ومن مفارقات الأقدار والتاريخ أن الدول التي تتحرش بالمغرب صنفان. الصنف الأول من نوع الولايات التابعة التي حوّلها الاستعمار إلى دول والصنف الثاني لم يكن موجودا أصلا في جغرافيا الناس، وكلا الصنفين اعتمد على المال العائد من خيرات الأرض ليستقوي به في محاولة للتطاول لكنه تطاول في البنيان لا يوازيه وجود فكري وتاريخي وحضاري. إن ثمانية قرون تساوي عمر بعض الدول التي تتحرش بالمغرب مشرقا ومغربا مضروب في عشرات المرات. وهذا وحده كاف ليفهم هؤلاء أن بلدا كالطود الشامخ لا يمكن أن تهزه ريح أحدثها الريش المنفوش كالفقاعات. هذه هي الدولة المغربية التي تنال كل يوم اعترافا جديدا من قبل دول لها وزن في العالم وفي جغرافيا السياسة.