كشفت مصادر مسؤولة أن مديرية الميزانية بوزارة المالية شرعت في مفاوضات وصفت بالصعبة، مع القطاعات الوزارية بشأن أولويات الاستثمار، وذلك تنفيذا لقرار رئيس الحكومة بتجميد 15 مليار درهم من ميزانية الاستثمارات برسم سنة 2013. وقالت المصادر ذاتها، إن المديرية التابعة للوزير المنتدب في الميزانية إدريس الأزمي، وضعت حدودا مالية جد صارمة، حيث طالبت الوزارات المعنية بمدها ببيانات عامة حول خارطة الاستثمار، وأولويات كل قطاع، مضيفة أن المفاوضات لم تصل إلى حدود أمس الثلاثاء، في ظل الإكراهات المالية التي عبرت عنها جل القطاعات. وقالت المصادر ذاتها إن تعليمات صارمة صدرت عن رئاسة الحكومة بعدم التساهل، داعية إلى تحديد الأولويات وفق الإمكانيات المرصودة، مضيفة أن قطاعات بعينها تضررت من القرار، بعدما تم اقتطاع أكثر من 50 في المائة من ميزانيتها. وأضافت المصادر أن الاقتطاعات تراوحت بين 131 مليون درهم كما هو الحال بالنسبة لوزارة الصناعة التقليدية و500 مليون درهم في قطاع الصحة، مشددة على أن هذه الوضعية فرضت حالة من الطوارئ داخل هذه الوزارات التي اضطرت إلى التوقف مؤقتا عن الإعلان عن مشاريعها للسنة الحالية. وأبدى مسؤولون في عدد من القطاعات الوزارية امتعاضهم من القرار خصوصا أنه يأتي في ظل ظرفية اقتصادية صعبة، ويمكن أن يتسبب في مشاكل اجتماعية لا حصر لها. وقالت المصادر إن بعض الوزارات شرعت في إلغاء مشاريع كانت مبرمجة، مما تسبب في خسائر مالية مهمة لعدد من المقاولات التي سبق أن أنهت دراساتها الأولية للمشاريع المقترحة. وأضافت المصادر ذاتها أن أكثر من 50 في المائة من المشاريع المبرمجة سيتم إلغاؤها، وهو ما يعني فقدان أكثر من 20 ألف منصب شغل هذه السنة. فيما قدرت المصادر عدد المناصب التي سيتم إلغاؤها السنة المقبلة بأكثر من 50 ألف منصب شغل، خاصة أن أغلب المقاولات تعيش اليوم وضعيات صعبة، وقد تعلن إفلاسها في أي لحظة. وكان قرار تخفيض نفقات الاستثمار أثار حالة من الغضب العارم وسط الإدارات العمومية والوزارات التي فاجأها القرار. وقال مسؤول فضل عدم ذكر اسمه، إن عددا من وزراء بنكيران تفاجؤوا للقرار، الذي لم يتم إثارته في آخر اجتماع حكومي، موضحا أن بنكيران اتخذ قرارا انفراديا ودون العودة إلى زعماء الأغلبية. واعتبر المسؤول ذاته أن القرار يصب في خانة إشاعة الفوضى وتجميد الحياة العامة، خصوصا أنه يتعلق بمجال الاستثمارات العمومية التي لا تعني فقط البنايات والأشغال العمومية، ولكنها تمثل شريان الحياة لفئات واسعة من المجتمع، من ضمنها المقاولات الصغرى. وقالت مصادر غاضبة إن بنكيران قرر ضرب القطاعات الاجتماعية في تحد سافر للأعراف والقوانين الدستورية، موضحة أن بنكيران انتظر إلى حين انتهاء اجتماع الأغلبية ليتخذ قرار تخفيض النفقات التي وصلت في بعض القطاعات إلى 50 في المائة من قبيل وزارة الصحة، التي قالت المصادر إنها المتضرر الأول من قرار رئيس الحكومة. وذهبت المصادر إلى حد القول إن القرار غير مدروس وستكون له تبعات وخيمة على السلم الاجتماعي، حيث ينتظر أن تظهر تداعياته في الأسابيع القليلة المقبلة على مستوى المقاولات الصغرى التي ستضطر إلى إعلان إفلاسها وتسريح آلاف العمال، موضحة أن القرار يدخل في سياق القرارات اللاشعبية التي اتخذها رئيس الحكومة منذ توليه مهامه.