أثار قرار رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران تخفيض نفقات الاستثمار حالة من الغضب العارم وسط الإدارات العمومية والوزارات التي فاجأها القرار يوم الإثنين الماضي. وقال مسؤول فضل عدم ذكر اسمه، إن عددا من وزراء بنكيران تفاجؤوا للقرار، الذي لم يتم إثارته في آخر اجتماع حكومي يوم الخميس الماضي، موضحا أن بنكيران اتخذ قرارا انفراديا ودون العودة إلى زعماء الأغلبية. واعتبر المسؤول ذاته أن القرار يصب في خانة إشاعة الفوضى وتجميد الحياة العامة، خصوصا أنه يتعلق بمجال الاستثمارات العمومية التي لا تعني فقط البنايات والأشغال العمومية، ولكنها تمثل شريان الحياة لفئات واسعة من المجتمع، من ضمنها المقاولات الصغرى. وقالت مصادر غاضبة إن بنكيران قرر ضرب القطاعات الاجتماعية في تحد سافر للأعراف والقوانين الدستورية، موضحة أن بنكيران انتظر إلى حين انتهاء اجتماع الأغلبية ليتخذ قرار تخفيض النفقات التي وصلت في بعض القطاعات إلى 50 في المائة من قبيل وزارة الصحة، التي قالت المصادر إنها المتضرر الأول من قرار رئيس الحكومة. وذهبت المصادر إلى حد القول إن القرار غير مدروس وستكون له تبعات وخيمة على السلم الاجتماعي، حيث ينتظر أن تظهر تداعياته في الأسابيع القليلة المقبلة على مستوى المقاولات الصغرى التي ستضطر إلى إعلان إفلاسها وتسريح آلاف العمال، موضحة أن القرار يدخل في سياق القرارات اللاشعبية التي اتخذها رئيس الحكومة منذ توليه مهامه. وعمت حالة من السخط العارم والفوضى داخل عدد من الوزارات، خاصة التي لا يسيرها العدالة والتنمية. وقالت المصادر إن المذكرة كانت بصيغة الأمر وافتقدت إلى المقاربة التشاركية، وتوقعت المصادر أن تثير المذكرة حالة غليان داخل الأغلبية خلال الاجتماع المقبل، خاصة أن بنكيران سبق أن وعد بعدم اتخاذ أي قرار استراتيجي دون الرجوع إلى حلفائه، وهو الأمر الذي سبق الالتزام به في الميثاق المعدل. واعتبرت المصادر أن بنكيران يمارس لعبة التحدي في وجه حلفائه وخصومه، ويسعى إلى تمييع العمل التشريعي من خلال مبادرات لا دستورية. ولم تستبعد المصادر إمكانية الطعن في القرار لدى المجلس الدستوري، خصوصا أن الأمر يتعلق بمشروع قانون تمت المصادقة عليه داخل البرلمان بغرفتيه ولا يحق للحكومة أن تعدل أيا من بنوده من دون العودة إلى البرلمان. إلى ذلك علم لدى مصادر حكومية أن عددا من الوزراء رفضوا الالتزام بالمذكرة في انتظار العودة إلى أحزابهم. وقالت المصادر إن أكثر الوزراء المعنيين بذلك هم المنتمون لحزب الاستقلال، موضحة أن شباط سيثير ضجة في الأيام القليلة القادمة في حال تأكد عزم رئيس الحكومة على تنفيذ مخططه، وذهبت المصادر إلى حد القول إن قرار بنكيران جاء ردا على موقف حزب الاستقلال من الزيادة في أسعار بعض المواد الغذائية، وهو المقترح الذي تم طرحه في الاجتماع الأخير ورفضه شباط جملة وتفصيلا، على اعتبار أن أي قرار بالزيادة في المواد الأساسية سيهدد القدرة الشرائية للمغاربة، وسيفجر السلم الاجتماعي.