أقدم رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران على اتخاذ قرار ستكون له تداعيات خطيرة على مجموعة من القطاعات الاجتماعية. ووفق ما أكدته مصادر متطابقة، فقد قرر رئيس الحكومة بشكل مفاجئ وغير مسبوق تقليص ميزانية الاستثمار برسم سنة 2013، مضيفة أن بنكيران راسل مختلف الوزارات أول أمس الإثنين، وحدد لكل قطاع نسبة التخفيض. ونددت مصادر نقابية بهذا القرار، موضحة أنه ستكون له تبعات خطيرة مستقبلا، واعتبر علي لطفي الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، القرار سابقة تمس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين كما أنها ضربة قوية للمقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا. وتراوحت نسبة التخفيض ما بين 25 و60 في المائة، وهمت على الخصوص قطاعات التعليم والصحة ووصلت نسبة التخفيض في قطاع الصحة 50 في المائة. وعزت المصادر لجوء بنكيران إلى قرار تقليص الاستثمار العمومي إلى فشله في إصلاح صندوق المقاصة، حيث دخلت الحكومة مرحلة غموض وعدم وضوح الرؤية. وكان وزير الاقتصاد والمالية نزار البركة رسم الأسبوع الماضي خلال اجتماع للأغلبية صورة قاتمة بشأن الوضع الاقتصادي العام، مؤكدا ارتفاع نفقات التسيير، وجمود خطير في مجال الاستثمار. وقال لطفي إن فشل بنكيران في الإجهاز على صندوق المقاصة وعدم جدوى فرض ضريبة جديدة على الطبقات المتوسطة، جعل رئيس الحكومة في منزلة بين المنزلتين، خصوصا أمام بطء تعافي الاقتصاد العالمي خاصة الشركاء الأساسيين للمغرب، موضحا أن تخفيض ميزانية الاستثمار، سيشكل ضربة قوية للمقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة التي تعتمد بشكل كبير على الاستثمار العمومي. وحذر لطفي من مغبة تفعيل هذا القرار الذي سيرتفع من خلاله حجم خسائر الاقتصاد الوطني، وسيحد من سوق الشغل، من خلال تقليص لساعات العمل والتخفيض من عدد الأجراء والتسريح الجماعي للعمال نتيجة إغلاق المؤسسات وإفلاسها وعدم قدرتها على المنافسة غير المتوازنة في ظل هيمنة الشركات الكبرى والمتعددة الجنسية التي تغزو بضائعها السوق الوطنية دون أدنى اعتراض وحواجز جمركية. وكشفت المصادر أن القرار الأخير لبنكيران يأتي على خلفية تداعيات الأزمة المالية الدولية على الاقتصاد الوطني ودخول المغرب مرحلة عجز موازناتي ومالي مقلق علاوة على الوضعية العامة الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة والمنذرة بكل الاحتمالات والتي هي نتيجة للاختيارات النيوليبرالية المفرطة والقبول الأعمى لتوصيات البنك وصندوق النقد الدوليين. إلى ذلك كشفت المصادر عن عدم دستورية قرار رئيس الحكومة بتخفيض نفقات الاستثمار، وقالت إن أي تعديل في قانون المالية يحتاج إلى موافقة السلطة التشريعية. وأوضحت المصادر أن الحكومة تقدم مشروع قانون المالية أمام برلمان بغرفتيه حيث تتم مناقشته والمصادقة عليه، ليصبح قابلا للتنفيذ، مضيفة أن أي تعديل في القانون يحتاج إلى مصادقة البرلمان بعد مناقشة حيثيات التعديل وأسبابه.