في خطوة تؤكد أن المغرب مقبل على مخطط جديد للتقويم الهيكلي، دعا عبد الإله بنكيران وزراء حكومته إلى نهج سياسة التقشف والتحكم في النفقات وترشيد استعمالها والرفع من المداخيل والحرص على الاستعادة التدريجية للتوازنات الماكرو اقتصادية من أجل تحقيق أهداف قانون مالية 2013. وطالب بنكيران، في منشور توجيهي لوزراء حكومته حول إعداد مشروع القانون المالي للسنة المقبلة، وزراءه بعدم برمجة أي بنايات إدارية أو مساكن جديدة وتشجيع الاستغلال المشترك للبنايات الموجودة والاعتماد على الكراء المنتهي بالشراء، مع تخفيض النفقات المرتبطة بتدبير وصيانة حظيرة السيارات، وتقليص النفقات المتعلقة بالاستقبال والإيواء والفندقة والتغذية. وحذر رئيس الحكومة، كذلك، من شراء سيارات جديدة إلا في حالة الضرورة القصوى والمعللة مع اللجوء إلى عمليات الكراء المنتهي بالشراء، في أفق الإصلاح الشامل لنظام تدبير واستغلال حظيرة سيارات الإدارات العمومية. وذهب بنكيران بعيدا في إجراءات التقشف التي تتطلبها المرحلة المقبلة، حيث طالب وزراءه بتقليص النفقات المتعلقة بالدراسات، وإعطاء الأولوية لتفعيل الدراسات المنجزة والاستثمار الأمثل للموارد البشرية المتوفرة بمختلف الإدارات العمومية، مع الحرص على التنسيق والاستفادة المتبادلة بين القطاعات في المجالات ذات التدخل المشترك. ويبدو أن مخاوف «الباطرونا» من استمرار الحكومة في اقتطاع 1.5 في المائة من الأرباح الصافية للشركات، التي تحقق أزيد من 200 مليون درهم من أجل دعم صندوق التماسك الاجتماعي، ستظل قائمة مستقبلا، حيث أكد بنكيران على ضرورة توفير موارد قارة للصندوق المخصص لدعم العمليات الاجتماعية التي تستهدف الساكنة المعوزة. كما أعلن بنكيران من خلال منشوره عن تنظيم مناظرة وطنية حول الإصلاح الضريبي بداية سنة 2013، وفق منهجية تشاورية تجمع مختلف المهتمين والفاعلين وتضع ضمن أهدافها توطيد الثقة مع الملزمين وتوسيع الوعاء وتحقيق مزيد من الإنصاف والعدالة وتعزيز تنافسية المقاولة وتبسيط المساطر. وأكد عبد الإله بنكيران ضرورة العمل على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحصين الموارد وتدعيم دور المصالح الجبائية الجمركية في تحصيلها، وخاصة العمل على تعبئة الباقي استخلاصه في احترام للمقتضيات القانونية ولحقوق المواطنين والمستثمرين وتشجيع الاستثمار وتحسين العلاقة مع الملزمين، بالإضافة إلى توفير موارد قارة لصندوق دعم التماسك الاجتماعي. وركز بنكيران على ثلاثة أهداف يجب على وزراء حكومته التقيد بها عند إعداد مشروع القانون المالي 2013، أولها تحسين تنافسية الاقتصاد الوطني ودعم الاستثمار المنتج وتطوير آليات التشغيل، وثانيها، تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، وثالثها إنجاز الإصلاحات الهيكلية الضرورية وتحسين الحكامة، مع الحرص على استعادة التوازنات الماكرو اقتصادية والمالية. كما شدد على إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية كأداة لترسيخ مبادئ وآليات الحكامة الجيدة، وتعزيز المراقبة على المالية العمومية، وإشراك البرلمان منذ مراحله الأولى لإعداد مشروع هذا الإصلاح وتعميق النقاش حول مضامينه، في إطار العمل التشاركي والاستعداد القبلي، الذي سيمكن من التطبيق الفعلي للإصلاح مباشرة بعد صدور القانون التنظيمي الجديد. بالإضافة إلى إصلاح منظومة الصفقات العمومية، الذي يهدف إلى توحيد الأنظمة المؤطرة لها، سواء تعلقت بالدولة أو الجماعات الترابية أو المؤسسات العمومية، وتبسيط وتوضيح المساطر المرتبطة بها، وتحسين الضمانات الممنوحة للمتنافسين وآليات الطعون والشكايات، وتفعيل مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص والمنافسة الشريفة، وتسهيل وتشجيع ولوج هذه الصفقات بالنسبة للمقاولات الوطنية، وخاصة المقاولات الصغرى والمتوسطة، وكذا إصلاح صندوق المقاصة، في إطار مقاربة تدريجية تهدف إلى تحقيق التوازن بين مختلف الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والمالية لنظام الدعم، من خلال مواصلة عملية مراجعة تركيبة أثمان المواد المدعمة ومسالك توزيعها وتسويقها، وصياغة استراتيجية موازية لاستهداف الفئات المعوزة والاستفادة في ذلك من التجارب الدولية والوطنية، بالإضافة إلى تفعيل نظام للحماية ضد تقلبات الأسعار عبر اعتماد الآليات الملائمة.