نهاية عائلة ياسين تعتبر وفاة عبد السلام ياسين لحظة حاسمة في تاريخ ومسار جماعة العدل والإحسان. باعتبار أن ياسين قد صبغ الجماعة بطابعه الشخصي. فهو مؤسس الجماعة ومرشدها الذي لا ينازعه أحد في الإرشاد العام. وباعتباره منظر الجماعة حيث تتميز كتاباته بالهيمنة على كل كتابة يمكن أن يتفضل بها غيره. وأصبحت تنظيراته جزءا من أدبيات الجماعة حتى غطت على صفته ككاتب إسلامي، وقد حاولت الجماعة أخيرا التحرر من هذه الهيمنة عبر تنظيم مؤتمر دولي حول "مركزية القرآن الكريم في المنهاج النبوي". وبهذه المواصفات نال عبد السلام ياسين احتراما وتقديرا خاصا من كافة الأتباع، ونسجت حوله الجماعة خصائص تصل حد الأسطورة في أحيان كثيرة، ورويت عنه رؤى متعددة تضعه في مراكز متقدمة من حيث الولاية كتوظيف صوفي، وبهذه الخصائص أصبحت لياسين مكانة قريبة من التقديس لدى أتباعه حيث لا يقبل أي نقد يمكن أن يوجه إليه وقد يعرض النقد صاحبه للعنة الجماعة والطرد من رحمتها. وقد انتقلت صفات التقدير أو التقديس إلى عائلته التي تولت مكانة خاصة بمجرد انتسابها لعبد السلام ياسين، وبفضل القرابة أصبحت ندية ياسين تنازع فتح الله أرسلان مهمة الناطق الرسمي، بل طغت خرجاتها الإعلامية على وظيفته التي حددها مجلس الإرشاد. غير أن قيادة الجماعة بدأت منذ مدة تعد العدة لرحيل مؤسسها ومرشدها الذي كان منذ مدة طويلة يعاني من مضاعفات صحية، وبدأت في تصفية تركته العائلية من خلال الضغط على ندية ياسين كي تقدم استقالتها، وهو ما فعلته أساسا حيث قدمت استقالتها من القطاع النسائي الذي تعتبر هي إحدى مؤسساته واستقالت معها مؤيداتها من نساء الجماعة. وبفضل ندية ياسين أصبح لزوجها عبد الله الشيباني قيمة داخل الجماعة وتولى مناصب قيادية رغم أنه معروف وسط الجماعة بتواضع مستواه المعرفي وتكوينه السياسي وقدراته التنظيمية والتدبيرية. غير أن القيادة جمعت أمرها وتهيأت للمرحلة التي تعقب وفاة المرشد المؤسس، وشرعت منذ مدة في إقصاء أقرباء عبد السلام ياسين حتى تضمن انتقالا للإرشاد العام بعيدا عن تأثيرات العائلة، التي لم تبق في يدها إلا ورقة واحدة يمكن أن تضغط بها ألا وهي ممتلكات الجماعة المسجلة في اسم عبد السلام ياسين وهي أربع فيلات من سعة 1600 متر مربع. وبوفاة عبد السلام ياسين تكون جماعة العدل والإحسان قد تخلصت من عقدة اسمها عبد السلام ياسين وما كان لها أن تقبل بأي انتقال إلى مرحلة أخرى بوجوده، والآن يمكن أن تغير الجماعة جلدها وتتحول إلى هيئة معاصرة وتنظيم يتفاعل مع الواقع بعيدا عن الطوباوية، ويمكن أن تشكل وفاته بداية اندماج الجماعة التي حاولت سابقا أن تحول الدائرة السياسية إلى حزب سياسي، وحسب معلومات مؤكدة فإن المتوكل التقى قيادات في العدالة والتنمية سنة 2006 وتداول معهم في مسألة الحزب السياسي كي يشكل رؤية عن العمل القانوني.