لم تنجح مساعي وحملات الحكومة أو القطاع الخاص في تونس، بخفض نسب البطالة المرتفعة، التي كانت واحدة من أسباب الثورة في البلاد، بفعل تبعات الثورة ومخرجات التعليم وأرقام النمو المتواضعة. وصعدت نسبة البطالة في تونس، إلى 15.5% حتى نهاية الربع الثالث من العام الماضي، مقارنة مع 13% سجلت في البلاد قبيل اشتعال فتيل الثورة. نسبة البطالة لدى حاملي الشهائد العليا، ترتفع سنة بعد أخرى، ليبلغ عدد العاطلين 267.7 ألف فرد في الربع الثالث من عام 2016 (31.9%)، مقابل 236.8 ألف عاطل في الربع الثاني من ذات العام (30.5%). يقول وزير التجارة السابق والخبير الاقتصادي محسن حسن، أن نسبة البطالة مرتفعة في السوق المحلية، باعتبار أن البطالة نوعية فهي تمسّ أكثر حاملي الشهادات العليا. وأوضح الوزير التونسي السابق في تصريح للأناضول، أن "الوضع الأمني والاجتماعي وبطء النمو، وفشل منظومة التكوين (التأهيل) هي من الأسباب الرئيسية، وراء عجز الحكومات المتعاقبة في إيجاد حلّ لمعضلة البطالة والحدّ من تفاقمها". وفسر بأن "عدم استقرار الوضع الاجتماعي والأمني، أدى إلى فقدان العديد من مواطن الشغل الموجودة.. العديد من الشركات غادرت تونس بسبب الاحتجاجات الاجتماعية أو العمليات الإرهابية التي عرفتها في سنوات ما بعد الثورة". كان وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي فاضل عبد الكافي، صرح في مقابلة خاصة مع الأناضول في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أن ثورة 2011 أدت إلى إغلاق 2000 شركة منها 500 شركة أجنبية". وتابع حسن: "خلق مواطن الشغل يأتي من الاستثمار ومن التصدير والطلب الداخلي، باعتبارهم يمثلون المحركات الرئيسية للنمو الذي سيخلق فرص العمل"، مضيفاً أن "النمو متعطل وبالتالي لم يصل إلى خلق فرص العمل بالعدد الكافي". واعتبر الوزير التونسي السابق أن "فشل منظومة التربية والتكوين هي معضلة أساسية، أدت إلى ضعف تشغيل حاملي الشهادات العليا والمتكونين في مراكز التدريب المهني"، مؤكداً أن "ذلك السبب الرئيسي في جعل البطالة نوعية". وأكدّ محسن حسن أن "الحل يكمن في توفير الأسباب لخلق النمو وهي الاستقرار الأمني والاجتماعي، ودفع الاستثمار وتطوير مناخ الأعمال، والقيام بالإصلاحات الضرورية، وتطوير النظام البنكي والمصرفي، وتطوير التمويل الصغير، وإعادة النظر في هياكل المساندة". من جانبه، قال الخبير في التنمية جمال الدين الغربي، في تصريح للأناضول، إن "مشكلة البطالة في تونس ترجع أساساً إلى أن السياسة الاقتصادية في تونس، لا تعتمد على خلق القيمة المضافة وتثمين الثروات الموجودة". وأضاف: "منذ سنة 1956، الاقتصاد التونسي يقوم على تصدير المواد الخام وجلب الاستثمار الخارجي، اعتماداً على تقليص الكلفة عبر اليد العاملة الرخيصة وغير الكفؤة". يشار إلى أنّ نسبة البطالة تقدّر لدى الذكور ب 12.5% و23.2% لدى الإناث، في الربع الثالث من 2016، حسب إحصائيات للمعهد التونسي للإحصاء، في حين تقدّر نسبة البطالة لدى حاملي الشهادات العليا ب 22.1%، وب 39.7% لدى حاملات الشهادات العليا. وزاد: "تونس تزخر بالعديد من الثروات، فمثلا 90% من زيت الزيتون يصدر خاماً، أيضا الفوسفات والرخام والجبس، وغيرها"، مؤكداً أن "تونس تعتمد على سياسة استعمارية، تقوم على أخذ الموارد الموجودة خام ثم يقع تصنيعها وإعادة توريدها وهو ما جعل الميزان التجاري في تونس سلبياً، باعتبار أن الواردات التونسية هي ضعف الصادرات أو أكثر". تجدر الاشارة، أن الصادرات التونسية بلغت 2253 مليون دينار (979 ملين دولار) في يناير/ كانون ثاني 2017، و3475 مليون دينار (1510 مليون دولار) بالنسبة إلى الواردات، وهو ما أدّى إلى تفاقم العجز التجاري ليبلغ 1222 مليون دينار (531 مليون دولار). وأوضح الخبير في التنمية أن "83% من الاقتصاد متوجه إلى الاتحاد الأوروبي (50% نحو فرنسا فقط)"، مبيناً أن "السوق الأوروبية هي السوق ذات النمو الأضعف في العالم، بينما هناك اقتصاديات أقوى مثل الشرق الأوسط، والسوق الآسيوية، وأمريكا الجنوبية". وأكد أن "ضعف النمو لهذه الاقتصاديات سيؤثر على الاقتصاد التونسي". محلياً، عانى الاقتصاد التونسي خلال السنوات التي أعقبت الثورة، من تباطؤ نسب النمو بسبب تخارج نسبة من الاستثمارات وتخوفات القطاع الخاص من توتر أكبر على الصعيدين السياسي والأمني. إلا أن البنك الدولي، أبدى تفاؤلاً بشأن معدل النمو الذي ستسجله تونس للعام الجاري، إلى 3% بنهاية العام الحالي مع إمكانية تحقيق نسبة 3.7% في 2018 ونسبة 4% في 2019، مقارنة مع نمو فعلي بلغ 0.8% في 2015، بانتظار أرقام 2016 الرسمية. وتوقع البنك المركزي التونسي في يونيو /حزيران الماضي، أن تبلغ نسبة النمو لكامل سنة 2016 حوالي 2% و3.5% في 2017.