توقع المركز المغربي لدراسة الظرفية الاقتصادية أن ينعكس انكماش النمو الاقتصادي خلال العام الحالي بشكل سلبي على الوضعية الاجتماعية، خاصة التشغيل واستهلاك الأسر اللذان سيتأثران بشكل ملحوظ جراء تراجع معدل النمو الاقتصادي. وجاء في تقريرالمركز أن السنة الحالية ستعرف ارتفاعا ملحوظا في نسبة البطالة، مشيرا إلى أن نموذج النمو المغربي، الذي يتميز بضعف قدرته على خلق فرص الشغل في حالة النمو والتوسع الاقتصادي، فما بالك في حالة الانكماش وتباطؤ النمو. ويرى المركز أن معدل النمو الاقتصادي للمغرب سيتراجع إلى مستوى 1.2 في المائة خلال العام الحالي بسبب الجفاف، وانعكاساته على الانتاج الفلاحي وبالتالي على الرواج الداخلي، بالإضافة إلى تداعيات استمرار أزمة منطقة اليورو التي ستكون لها آثار سلبية رغم توقع استمرار التوجهات الإيجابية لبعض الفروع الصناعية والخدماتية الموجهة لأوروبا والسياحة وتحويلات المهاجرين وتدفق الاستثمارات الخارجية. وأوضح المركز أن استمرار تركيز السياسات العمومية المتبعة في المجال الاقتصادي على هاجس الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية، حتى عندما يكون هناك هامش في الميزانية، حتى في مجال الاستثمار، يحد بشكل كبير من إمكانيات تعويض نقص النمو نتيجة انخفاض الانتاج الزراعي عبر انتعاش النشاط الصناعي والتجاري والخدماتي. وبالتالي فإن ديناميكية الطلب الداخلي، سواء الاستهلاك أو الاستثمار، لا يمكن التعويل عليها لإعطاء دفعة للنشاط والتشغيل في سياق انكماش الدخل وتدهور القدرة الشرائية المترتبان عن سياسات التقشف التي تصر على انتهاجها الحكومة. وأشار التقرير أيضا إلى أن الإقتصاد الوطني لا يزال يعاني من العديد من المتبطات الهيكلية التي تؤدي دائما إلى تفاقم الآثار السبية للتحولات الظرفية غير المتوقعة. وخص بالذكر في هذا الصدد ضعف الانتاجية الشمولية للنظام الإنتاجي، ونقص التنافسية، وعدم مرونة العرض، وضعف تنوع المنتجات، وضيق منافذ وأسواق التصدير. وأضاف التقرير أن هذه العوامل تحد من قدرة الإقتصاد الوطني على امتصاص الصدمات الخارجية، الشيء الذي ينعكس على مستوى ديناميكية النمو الإقتصادي ويفسر طابعها المتذبذب. ويشكل وقع التقلبات المناخية التي أصبحت متواترة بشكل أكبر خلال السنوات الأخيرة أبرز مثال على ذلك، حسب تقرير المركز. وفي موضوع متصل أشارت المندوبية السامية للتخطيط في آخر تقرير لها حول التشغيل إلى ارتفاع معدل البطالة خلال الربع الثالث من العام الماضي، وانتقل من 9.6 إلى 10.1 في المائة على المستوى الوطني، وبلغ معدل البطالة 15.1 في المائة في الوسط الحضري. وقدرت المندوبية السامية للتخطيط العدد الإجمالي للعاطلين في البلاد بنحو 1.2 مليون شخص في 2015، بزيادة 5.8 في المائة في 2014. وحسب الشرائح الاجتماعية أبرز تقرير مندوبية التخطيط أن أهم الارتفاعات في معدل البطالة سجل وسط الشباب الحاصلين على شهادة (زائد 1.2 نقطة) والشباب البالغين من العمر ما بين 15 و24 سنة (زائد 0.8 في المائة) والشباب البالغين من العمر ما بين 25 و34 سنة (0.9 نقطة). وأشار التقرير إلى أن ظاهرة البطالة تبقى أكثر انتشارا في صفوف حاملي الشهادات، خصوصا حاملي الشهادات العليا الذين يعاني 26.3 في المائة من بينهم من البطالة، وحاملي شهادات التخصص المهني الذين بلغ معدل البطالة بينهم 22.5 في المائة. كما بلغت نسبة البطالة أيضا وسط الشباب البالغين من العمر ما بين 15 و24 سنة 21.4 في المائة على الصعيد الوطني، و39.3 في المائة في الوسط الحضري خلال الربع الثالث من سنة 2015، حسب نفس التقرير، علما بأن السنة الماضية عرفت نموا اقتصاديا أعلى من 4 في المائة وحققت فيها البلاد إنتاجا زراعيا قياسيا.