باتت مسألة توجيه ضربات عسكرية بقيادة الولاياتالمتحدة، للحراك المسلح في العراق، باتت شبه محسومة لدى الإدارة الأميركية، وأن الأخيرة تجري مشاورات مع حلفائها بهذا الشأن. وتدور المشاورات حول توقيت الضربة، وما هل ستكون سابقة لرحيل حكومة رئيس الوزراء المنتهية، ولايته نوري المالكي، أم تأتي بعدها؟. ويبدو أن رأي الإدارة الأميركية هو توجيه الضربة قبل الحل السياسي في العراق، وذلك بحجة "قطع الطريق على التدخل الإيراني، الذي بدأ فعلاً، وبشكل مكثف". وذكرت مصادر ديبلوماسية عربية وثيقة الاطلاع، أن تحركات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في الأيام الثلاثة الماضية، ارتكزت على دراسة الترتيبات السياسية الخاصة بتوجيه الضربات". وتوقفت المصادر عند المحطة الباريسية في جولة الوزير الأميركي، التي شملت قبل ذلك بغداد وإقليم كردستان العراق، فالتقى كيري، مساء أمس، نظراءه، السعودي سعود الفيصل، والأردني ناصر جودة، والاماراتي عبدالله بن زايد،واختتمها بلقاء وزير خارجية اسرائيل أفيغدور ليبرمان. ولوحظ غياب دول خليجية وإقليمية أخرى عن هذا الاجتماع. ومن الواضح أن "حلقة التشاور الأميركية القريبة في المنطقة هي السعودية والإمارات والأردن وإسرائيل". وبحسب مصادر في العاصمة الفرنسية، فإن ما تسرّب من لقاءات كيري الباريسية، هو أن حسم الولاياتالمتحدة في مسألة توجيه ضربات عسكرية للحراك المسلح في العراق، وهي لا تميز بين مكوناته المختلفة، ولا تأخذ في عين الاعتبار مطالبه المشروعة، ولذا فإنها تعتبر الموجود على الأرض اليوم هو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش). وأكدت المصادر أن أحد الوزراء العرب الذين التقاهم كيري، أبدى حماساً لرحيل المالكي أولاً وتشكيل حكومة جديدة تتولى تأمين التغطية السياسية للضربات العسكرية، وفي رأيه فإن ذلك من شأنه امتصاص جزء من الاحتقان في الشارع، على عكس التوجه الأميركي الذي يغلب الضربات العسكرية أولاّ، ما يوحي بتفاهم أميركي إيراني. يُذكر ان الولاياتالمتحدة لم تحاول توجيه ضربة لداعش في سورية، ولا للنظام، كما أنها لم تكتف بعدم حماية المدنيين من قصف النظام، بل منعت حلفاءها من تزويد الثوار السوريين بالسلاح، وهو ما فسره النظام كضوء أخضر له ليفعل ما شاء ضد الشعب السوري في الوقت الذي تزايدت فيه قوة داعش. من الواضح أن ضربة عسكرية أميركية للمعارضة العسكرية المسلحة في العراق، في مثل هذه الظروف، ستلقى معارضة واسعة في الرأي العام العربي، ولا سيما في دول الخليج ذاتها.