حليمة الأربعينية, تستيقظ قبل أذان الفجر لا تتوضأ ولكنها تستعد للحج،والحج هنا مركز القوت اليومي حيث الإحرام يتخذ شكلا مائلا ميل ظهر حليمة, وحليمة "بغلة" بباب سبتة.الوصف هنا ليس مجازا ولكنه عين الحقيقة. مرحبا بجمهورية البغال والبغلات حيث الشرطة المغربية تتحول لشرطة شعبية تحرس الثورة، ثورة الجياع الحالمين بتهريب "مانطة" او "كاشير" تسد عائدات تحميله الرمق أو بالكاد. تحكي قصة عمر قضت أغلبه على أعتاب سبتة السليبة, بين ظلم الإسبان وظلم بني الجلدة, وعن يومها تقول حليمة: أستيقظ في حدود الرابعة صباحا لألحق ب"زميلاتي" من الحمّالات يومنا طويل يبدأ في حدود السادسة موعد إلغاء الإنسانية لنتحول لحمّالات في رحلات بين "الخزاين" و التراب المغربي و الخزاين هي محلات ضخمة محادية للمعبر الحدودي تبيع كل شيء وأي شيء,نحمل أكياسا ملفوفة قد يصل وزن كل واحدة منها إلى 60 أو 70 كيلوغرام و بصفة متكررة تتراوح بين 4 إلى 5 رحلات يومية, وليس التعب الجسماني هو الأسوأ بل ذلك الوابل من السب والشتم وربما الضرب أيضا الذي نتعرض له ذهابا وإيابا من طرف الشرطة المغربية أو الإسبانية على حد سواء رغم أن الإسبان أقل همجية من المغاربة". و تعيش مئات العائلات من عائدات التهريب بباب سبتة،ألاف المغاربة يعبرون يوميا لجانب الأرض المغربية المحتلة قصد جلب سلع مهيأة مسبقا من طرف تجار الجملة على الجانب الأخر، وبجانب هذه التجارة هناك تجارة من نوع أخر هي الإتاوة التي يؤديها كل حمال وحمالة. حيث البقشيش و القهيوة التي تؤدى لرجال الشرطة و الجمارك المغاربة سومتها هناك 5 دراهم عن كل رحلة وعن كل فرد. ي وحكي هشام لشبكة أندلس الإخبارية،شاب قارب الاربعين من عمر،كيف كان نشاط التهريب مربحا في تسعينيات القرن الماضي ويقول : كان يومي ينتهي عند التاسعة صباحا و بربح وفير أقله 500 درهم مغربي, اما الان فيمكن أن تقضي يوما كاملا بالمعبر و لا يتعدى ذخلك دراهم معدودة ويمكن أن تعود خاوي الوفاض, الناس هنا تموت تدريجيا و ببطء والدولة تعلم كل شيء لكنها لا تريد التحرك لتوفير حلول لكل هذه العائلات التي لم تعد تجني من التهريب شيئا بل هناك من غير النشاط الى بيع الخبز على أرصفة المضيق و الفنيدق ،و هناك من انتهت قصته بمأساة بعد أن تحول إلى المتاجرة في الممنوعات لانسداد كل الأبواب أمامه. و يتحدث البعض عن الكساد بعد الأزمة العالمية و كيف أن ميناء المتوسط أثر سلبا على حركية المعبر الحدودي و كذلك على الأنشطة المصاحبة له , ورغم أن مأساة النساء البغلات عرفت تغطية إعلاميه أكثر من مرة, إلا أن الأمر مستمر و يسوء أكثر. وبعينين ذابلتين ووجه شاحب يحكي مرارة الزمن وقسوة الحياة ودعتنا حليمة وهي تقول: "حنا كنموتو أوليدي كانت سبتة مزيانة وخا تمارة أما دابا بقات غي تمارة و الذل فابور ".