ببثّ أوّل تمّ يوم الأحد الماضي، وبث ثان مرتقب ضمن إعادة محدّدة غدا السبت على الساعة الرابعة و15 دقيقة بالتوقيت الفرنسي، عُرض على قناة M6 الفرنسية تحقيق صادم عن ممتهنات التهريب بمعبر "باريو تشينو" الرابط بين ترابي بني انصار ومليلية، وهو نفس التحقيق الذي أنجز من لدن طاقم برنامج "66 دقيقة" وتمّت عنونته بقساوة ليحمل كمرجع له اسم "النساء البغلات"، في إشارة لنساء من مختلف الفئات العمرية وهنّ يحملن حزما من البضائه التي يصل وزنها إلى 80 كيلوغراما للحزمة الواحدة. "قد تخالون أنّ الصور التي ستعرض عليكم الآن مُلتقطة خلال حقبة سابقة.. إلاّ أنّها حقيقةً لم تُؤخذ إلاّ قبل أسابيع قليلة بقلب باب أوروبا.. آلاف النسوة يعبرن يوميا من مليلية.. المستعمرة الإسبانية بالمغرب.. في سفر مريع يستندن خلاله على أقدامهن وهنّ محمّلات بحزم بضائعية تقارب في وزنها الثمانين كيلوغراما.."، هكذا بدأت مقدّمة البرنامج كلامها وخلفية الإطار تُضمّن مشاهد للسياج المحيط بالثغر المليلي، وأخرى لميناء نفس المدينة الرازحة تحت السيادة الإسبانية، قبل الاستقرار على صورة عنصر من الحرس المدني الإسباني وهو يوقف سيّدة مثقلة بحمولتها. صفية عزيزي كانت حاضرة ضمن استهلال البرنامج.. وهي ممتهنة التهريب المُجازة في الأدب العربي، والمنحدرة من مدينة صفرو، والتي فارقت الحياة قبل سنة ونيف بنفس المعبر الحدودي "باريُو تْشينُو" جرّاء التدافع.. إذ عُرضت صور من جنازتها وهي تعبر بوابة مليلية ضمن صندوق موصد حامل لجثمانها، مُحاطة بمئات "المُولوِلات" وعديد المترحّمين.. إذ عُلّق على المشهد كونه ناجما عن "حادث شُغل" نجم عن فاجعة ب "باب أوروبا".. قبل أن يتمّ الانتقال إلى معالجة الموضوع بتقدير عدد "النسوة البغلات" بال12000 امرأة جمعت بينهنّ الظروف في فضاء واحد مهين لا يراعي حمل بعضهنّ ولا إعاقة بعضهنّ الآخر، وهو الفضاء الذي يغيب فيه الاحترام جرّاء تذويبه لعامل السنّ.. وهو نفس الفضاء الذي يفرد مشية موحّدة على رائداته من "البغلات" بظهر مقوّس وأقدام ثابتة ترتكز على الأرض بتثاقل وقوّة. مقاربة ال M6 أوضحت بأن اعتماد النسوة بكثرة لتمرير السلع عبر المعبر راجع إلى ثقة الأمنيين الإسبان بهنّ، واعتبارهنّ أكثر صراحة من الرجال الذين غالبا ما يحشون حزم البضائع العادية بشحنات من المخدّرات والأسلحة النّارية، وهو ما يعفي "النسوة البغلات" من التفتيش ويمكّنهنّ من تجاوز الحزام الأمني الإسباني بسلاسة لا تُطبّق في حقّ "زملائهنّ" من الرجال.. وهو الإيضاح الذي تفنن فيه منجزوا التحقيق من داخل مليلية لدرجة وصف العاملين بالمعبر ب: " القادمين من النّاظور الفقيرة سياحيا وصناعيا.. المدينة التي تعمل البطالة ضمنها على تحطيم الأرقام القياسية.."، مع تأثيث المقولة بصور للضواحي المهمّشة بنيويا. برنامج "66 دقيقة" وحديثه عن "النساء البغلات" كان جدّ صادم وهو يعرض رئيس جمعية الريف الكبير لحقوق الإنسان مصطحبا ل"زبيدة" الحامل قصد إجراء فحص طبّي على حملها الذي تمارس به نشاطها التهريبي اليومي رغم بلوغ جنينها شهره الثامن.. وفي قمّة المهانة وثلاث رجال يتعاونون لإلقاء حزمة من 80 كيلوغراما على ظهر امرأة لتقطع به 500 متر في 45 دقيقة.. وقاسيا بمعالجة حال "مليكة" التي لا تبصر سوى بعين واحدة واهنة سبيلها من وإلى مليلية وهي تحمل ما اليقل تقتنيه لنفسها لمعاودة بيعه بالنّاظور وفق إيقاع يمتدّ على خمسة أيّام في الأسبوع الواحد.. بل مُذلاّ وهو يعرض "البِغال والبغلات" على حدّ سواء وهو يقاومون رجال الأمن الإسباني، ويخترقون الحواجز بعنف، حتّى يتمكّنوا من ولوج جانب التواجد المغربي قُبيل لحظات من إغلاق الحدود في وجه المُهرّبين، مُتحمّلين هراوات الحرس المدني في سبيل الحصول على 50 درهما.. إنّه وجهنا في الإعلام الأوروبّي والذي انتقل إلى موقع "ديلي مُوشنْ" المتخصص في الفيديوهات.. إنّه واقع حالنا قبلناه أم لا.. طارق العاطفي"أخبار اليوم المغربية"