أحيت مدينة غرناطة أمس الأربعاء الذكرى السنوية ال521 لعودتها إلى إسبانيا على أيدي الملوك الكاثوليك الذين تمكنوا من استعادتها من قبضة الحكم العربي الذي استمر قرابة ثمانية قرون. لكن احتفال هذه السنة مر وشبح انفصال إقليم كتالونيا عن باقي التراب الإسباني يخيم على البلاد. ولم تخل احتفالات هذا العام من الطابع السياسي، فما كادت لتبدأ حتى هتف بعض المشاركين ضد النظام القائم، في مواجهة الداعمين له، في ظل تواجد أمني حال دون وقوع اشتباكات. وشهد الاحتفال موكبا ارتدى المشاركون فيه الزي التقليدي الذي كان شائعا قبل ستة قرون، ثم توجه إلى إحدى الكنائس الصغيرة، حيث أقيم قداس دعا فيه رجل الدين خابير مارتينيز إلى وحدة إسبانيا، مشيرا إلى أن تقسيم بلد "دائما" ما يحمل في طياته معاناة بشرية. وبعد انتهاء القداس، لوح المتحدث باسم الحكومة المحلية خوان جارسيا مونتيرو بالعلم بالطريقة المتبعة منذ 1619، على النحو الذي دخل به الملوك الكاثوليك إلى المدينة. ودخل المسلمون بقيادة موسى بن نصير وطارق بن زياد بلاد الأندلس، أو إسبانيا حاليا، عام 711م وكانت تحت حكم قبائل القوط آنذاك، ومن يومها أقام المسلمون حضارة استمرت لثمانية قرون قبل سقوطها شيئا فشيئا خلال ما عرف بحروب الاستراداد. وأدرك فرناندو الخامس وإيزابيل، الملقبان بالملكين الكاثوليك، حينها أن سقوط غرناطة التي كانت عاصمة هذه الحضارة لأكثر من قرنين يعني انهاء الهيمنة الإسلامية على الأندلس، فعكفا على حصارها لأكثر من تسعة أشهر وبالتحديد منذ ال30 من أبريل/نيسان 1491، ما دفع حاكمها محمد أبو عبد الله لتسليم مفاتيحها قبل 521 عاما. وخلف الوجود العربي في إسبانيا الكثير من المعالم القائمة حتى الآن من أبرزها مسجد قرطبة الشهير ومسجد الخيرالدا بإشبيلية اللذان تم تحويلهما إلى كنائس وبعض الآثار الإسلامية الأخرى، خاصة في منطقة الجنوب. ويعتبر قصر الحمراء الأثري الشهير من أعظم الآثار الأندلسية الباقية في غرناطة، وتعود بدايات تشييده إلى القرن الثالث عشر الميلادي، كما يعد أهم المعالم السياحية بإسبانيا، فضلا عن روعة حديقة جنة العريف الملحقة به التي تعتبر قصرا موازيا من النباتات من مختلف الأنواع والأشكال، ويقع على بعد 430 كلم جنوب العاصمة مدريد.