تعتبر الجمعيات الإسبانية "الصديقة للصحراويين" أو "الداعمة للشعب الصحراوي" معطى ميدانيا لا يمكن تجاهله من وجهة نظر التأثير على السياسة الإسبانية في هذا المجال، أو القدرة على التأثير على الرأي العام لصالح الطروحات الانفصالية. هذا وترجع بدايات هذه الجمعيات إلى سنة 1976، والتي يسميها خوسي طابوادا، منسق هذه الجمعيات على المستوى الوطني، "التاريخ الذي تخلينا فيه عن الشعب الصحراوي"، مضيفا أنها نشأت في بادئ الأمر في مدريد لتتسع إلى مناطق أخرى حضرية وقروية، ليبلغ عددها اليوم 400 جمعية "تتعاون مع الشعب الصحراوي للبحث عن السلام وتقرير المصير". هذا ويتركز عمل هذه الجمعيات في "التعاون الإنساني وتحسين ظروف العيش في المخيمات (مخيمات تندوف) وكذا تحسيس المجتمع الإسباني ب"طبيعة النزاع". ويقوم بتسيير أعمال هذه الجمعيات متطوعون بالأساس، إضافة إلى تقنيين يقومون بتنفيذ برامج محددة، ويعد أهمها دون شك مشروع "عطلة في سلام" الذي يستقدم سنويا مئات الأطفال من المخيمات لقضاء عطلة رفقة أسر إسبانية. أما بخصوص سر انتشار هذه الجمعيات، فيؤكد المنسق أنها تعود إلى "الدين التاريخي والأخلاقي لنا معهم" على اعتبار أن هذه المنطقة كانت مستعمرة إسبانية، كما دعا إلى ضرورة توفير دعم أكبر لهذه الجمعيات من قبل الحكومة. وتعليقا على هذه "الظاهرة" يمكن القول من خلال التجربة والمعايشة أن أغلبها لا تعدو كونها وعاء لجمع "البيض الذهبي" للدجاجة الإسبانية السخية المتمثلة في رأي عام يكن حقدا دفينا لكل ماهو مغربي. وإلا فما معنى أن يكون عدد هذه الجمعيات أضعاف أضعاف مثيلاتها لدعم الشعب الفلسطيني مثلا، ولامقارنة مع وجود الفارق بين النزاعين! ثم إن أغلب هذه الجمعيات تملك نظرة مسطحة عن هذا النزاع الإقليمي المعقد، وأغلب من ينتمون إليها لم يولدوا بعد لما نشب الخلاف، ويكتفون بتكرار ببغائي للأسطوانة المشروخة ل"تقرير المصير" و"الدين التاريخي" و"الشعب الصحراوي" وما إلى ذلك.