بي يي سي: فتحت مراكز الاقتراع أبوابها في السودان بأول انتخابات تعددية منذ 24 عاما والتي تعتبر محطة رئيسية في اطار اتفاق السلام الشامل الموقع في 2005 والذي انهى 22 عاما من الحرب بين الشمال والجنوب.وتجرى على مدى ثلاثة أيام الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات الولايات. وينتخب سكان جنوب السودان بالاضافة الى ذلك رئيس حكومة اقليمالجنوب المتمتع بحكم شبه ذاتي، استعدادا للاستفتاء المقرر تنظيمه في مطلع 2011 بشأن الاستقلال. وأفاد مراسلو بي بي سي في عدد من المناطق السودانية منها إقليم دارفور غربا وجوباجنوبا بأن الهدوء ساد أمام مراكز الاقتراع في الساعات الأولى. ومن المتوق أن يتزايد الإقبال على التصويت بحلول منتصف النهار، كما شهدت المدن والبلدات إجراءات أمنية مشددة لتأمين عملية الاقتراع. وفي جنوب السودان وصل المرشح لرئاسة حكومة الجنوب زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان سالفا كير الى مركز الاقتراع في وسط مدينة جوبا ليكون اول من يدلي بصوته. ويتنافس سالفا كير مع لام اكول زعيم الحركة الشعبية-التغيير الديمقراطي. ومن المتوقع أن تعلن النتائج النهائية يوم الاحد المقبل. ويبلغ عدد الناخبين 16 مليونا سيدلون باصواتهم في 10750 مركزا ومحطة اقتراع في ولايات البلاد الخمس والعشرين والتي تخضع ثلاث منها, هي ولايات اقليم دارفور المضطرب في الغرب, لقانون الطوارىء. ويقاطع عدد من احزاب المعارضة الرئيسية هذه الانتخابات كما اعلنت الحركة الشعبية المسيطرة في الجنوب مقاطعتها للانتخابات في شمال البلاد. وتعتبر الانتخابات السودانية الاكثر تعقيدا في العالم, حيث يتعين على الناخبين في الشمال ان يحددوا خياراتهم في ثماني بطاقات اقتراع, في حين يبلغ عددها 12 بطاقة في الجنوب. وشهد السودان عددا من الانتخابات البرلمانية كان اولها في عام 1953 اما آخرها فكان في عام 1986 وجاء بآخر حكومة منتخبة ديمقراطيا في السودان. وأكدت المفوضية القومية للانتخابات انتهاء الاستعدادات في انحاء السودان، البالغة مساحته نحو 2,5 مليون كلم مربع، لاستيعاب نحو 16 مليون ناخب مسجلين للادلاء باصواتهم. ولكن المفوضية ظلت حتى السبت توزع بطاقات الاقتراع على مختلف المناطق، وخصصت 16 طائرة و 16 مرحية واكثر من الفي سيارة عملت على مدار الساعة خلال الاسبوعين الماضيين لنقل مواد وقرطاسية الانتخابات من صناديق وبطاقات الى انحاء البلاد. مفوضية الانتخابات رفضت دعوات التأجيل وأعرب الرئيس الأمريكي الاسبق جيمي كارتر، الذي تشرف مؤسسته على الانتخابات، عن أمله في ان تجري الانتخابات وفق المعايير الدولية. وقال كارتر عقب لقاء مع الرئيس عمر البشير: “آمل ان تجرى (الانتخابات) تماما وفق المعايير الدولية وان تجرى بأمان، وان تكون حرة ونزيهة، وان يعبر الناخبون كل عن رأيه بحرية من دون التعرض لاي ضغوط”. جهود المفوضية من جانبه، قال عبد الله احمد عبد الله نائب رئيس مفوضية الانتخابات خلال مؤتمر صحفي في الخرطوم: “نعلم وندرك انه ليست هناك انتخابات كاملة في كل العالم، وهذه الانتخابات ليست استثناء”. وأضاف: “تجرى هذه العملية في ظل سريان قوانين تقيد بعض الحريات ودارفور تحت قانون الطوارئ، ولكن المفوضية بذلت جهدا كي لا تشكل هذه القوانين اي عوائق لانشطة الاحزاب”. وأكد عبد الله ان هذه الانتخابات “لن تكون الوسيلة لتحول ديمقراطي كامل في السودان، ولكننا نحتاج الى انتخابات اولى وثانية وثالثة حتى يكتمل البناء الديمقراطي”. وانتهت رسميا الجمعة الحملات الدعائية في الانتخابات السودانية، وسط مقاطعة عدد من احزاب المعارضة الرئيسية، واصرار الحكومة السودانية وحزب المؤتمر الوطني الحاكم على اجراء الانتخابات في موعدها. وقد حذر نشطاء عشية الانتخابات من مخالفات واسعة النطاق قد تشهدها عملية الاقتراع. وأكد أبيل أليير رئيس مفوضية الانتخابات أن الانتخابات ستكون حرة ونزيهة، وقال إن مفوضيته ليست منحازة لحزب المؤتمر الوطني (حزب الرئيس عمر البشير)، وأضاف: ” سنعمل على أن يكون واضحا للناخب والمواطن العادي وللعالم أجمع أن العملية الانتخابية ستكون شفافة”. وقالت جورجيت جانيون مديرة شؤون افريقيا في منظمة هيومان رايتس ووتش ان “انتهاكات حقوق الانسان وخصوصا القيود المفروضة على حرية تكوين جمعيات وحرية الصحافة تهدد فرص اجراء انتخابات حرة ونزيهة وموثوق فيها في أرجاء السودان.” عملية معقدة ويقول مراسل بي بي سي في الخرطوم جيمس كوبنول إن مفوضية الانتخابات كشفت عن كمية هائلة من التفاصيل ابتداء من عدد صناديق الاقتراع مرورا بعدد المروحيات الكستخدمة لنقل بطاقات الاقتراع، وانتهاء بالإجراءات المتخذة لضمان نزاهة الانتخابات. ويضيف مراسلنا أن المفوضية لم تتمكن من إقناع الأحزاب المختلفة المعارضة للبشير. ويقول المراسل إن البشير بحاجة الى تفويض ديمقراطي لحكم البلاد منذ أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحقه لاتهامه بالمسؤولية عن ارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور. وبالرغم من تعقيدات العملية الانتخابية إلا أن ما يتطلع اليه الكثيرون هو عملية الاستفتاء التي ستجري في شهر يناير/كانون الثاني القادم على استقلال الجنوب كما يقول مراسلنا.