تلقّت اللجنة الفرعية الأممية لمنع التعذيب، التي حلّت بالمغرب في مهمة رسمية منذ يوم الأحد الماضي، ملفّ معتقلي حراك الريف الذين يدعون تعرّضهم للتعذيب على يد السلطات الأمنية. اللجنة التي تتألف من 6 أعضاء يرافقهم 3 ممثلين لمفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، باشرت اتصالاتها ابتداء من يوم أول أمس الاثنين، حيث اجتمعت بممثلي جميع السلطات والوزارات المعنية بالاعتقال وإنفاذ القانون، فيما خصّصت يوم أمس، للقاء الهيئات الحقوقية المدينة. رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أحمد الهايج، قال ل"أخبار اليوم" إن الجمعية تلقت اتصالا من اللجنة وحدّدت معها موعدا للقاء يوم أمس الثلاثاء، وأن ملف ادعاءات التعذيب في حق معتقلي الريف يوجد في صدارة الملفات التي ستستعرضها الجمعية أمام المسؤولين الأمميين. موضوع ينتظر أن تعود اللجنة إلى طرحه مع المسؤولين المغاربة في ختام زيارتها، قبل أن تضمّن تفاصيل مهمتها في تقريرها السنوي المقبل. ادعاءات التعذيب هذه قال الهايج إن تقرير خبيرين تابعين للمجلس الوطني لحقوق الانسان أكدها، والتزمت السلطات بالتحقيق فيها، "ولحد الآن لا نعرف هل جرى هذا التحقيق وما هي نتائجه، بينما انطلقت محاكمة المعتقلين علما أن ثبوت ارتكاب التعذيب في حقهم يجعل محاضر متابعتهم باطلة قانونيا". وشدّد الهايج على أن رسالته الأساسية أمام اللجنة الأممية، ستكون هي أن السلطات لا تلتزم بالتحقيقات التي تعلن فتحها حول التعذيب "ولا تعلن نتائجها، كما لا تقوم بمساءلة مرتكبيها أو معاقبتهم". مصدر مقرّب من المهمة الأممية الأولى من نوعها لهذه اللجنة، قال ل"اليوم24″ إن هذه الأخيرة جلست لمدة تقارب الساعتين، أول أمس الاثنين، إلى ممثلين عن السلطات المغربية المعنية بموضوع التعذيب، من وزارة حقوق الإنسان ووزارة العدل والمديرية العامة للأمن الوطني والقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي ومندوبية السجون… لقاء قالت مصادر موثوقة إن أعضاء الوفد الأممي طلبوا فيه آراء ممثلي السلطات في موضوع التعذيب، "حيث أكد لهم المسؤولون المغاربة أن هذه الممارسة وإن كانت موجودة بالفعل في بعض الحالات، إلا أنها ليست ممنهجة". وأوضح مصدر آخر أن المسؤولين المغاربة استعرضوا أمام اللجنة الأممية الخطوات التشريعية والإدارية التي تم اتخاذها لمحاربة الممارسات المندرجة ضمن التعذيب، "من قبيل إلزام القضاء بفتح التحقيقات بمجرد وقوع أي ادعاء بحدوث التعذيب، وقرار تزويد أماكن الاعتقال لدى الشرطة والدرك بأجهزة كاميرا، والذي وإن كان لم ينفذ بعد بشكل كامل إلا أنه انطلق. لكن السياق الثقافي والاجتماعي يتسم باستمرار بعض الممارسات من قبيل بعض الأزواج الذين يضربون زوجاتهم، وبعض الأساتذة الذين يضربون تلاميذهم، وهي ممارسات شائعة وقد تصل إلى داخل مراكز الاعتقال دون أن تكون سياسة ممنهجة للدولة". وفيما قالت مصادر خاصة ل"اليوم24″ إن بعض المؤسسات السجنية، مثل السجن المركزي بالقنيطرة وسجن "عكاشة" بالدار البيضاء، قد تلقت إخبارا عبر وكلاء الملك بالاستعداد لاستقبال أعضاء اللجنة الأممية؛ قال مصدر مسؤول ل"اليوم24″ إن اللجنة "تلقّت إذنا عاما وشاملا يسمح لها بزيارة أي مكان واللقاء بأي شخص شاءت". وأوضح المصدر نفسه أن جميع النيابات العامة أُحيطت علما بالمهمة الأممية، وأن هذه الأخيرة يمكنها دون إخبار مسبّق الانتقال إلى أي مكان، والحديث إلى المعتقلين أو المسؤولين أو الحقوقيين. الزيارة هي الأولى من نوعها التي تقوم بها هذه اللجنة إلى المغرب، بعد انضمامه إلى البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بتاريخ 24 نونبر 2014. وتتألف هذه اللجنة من 25 خبيرا ينتخبون لولاية مدتها أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. وتجتمع هذه اللجنة ثلاث مرات في السنة في مكتب الأممالمتحدة بجنيف، وتقدم تقريرا سنويا عن أنشطتها إلى لجنة مناهضة التعذيب والجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وقبل مغادرتها المغرب عقب نهاية زيارتها يوم السبت المقبل، يرتقب أن تلتقي اللجنة من جديد بالمسؤولين المغاربة لتتلقى ردودهم حول الملاحظات التي وقفت عليها خلال زيارتها أو التي تلقتها من الجمعيات الحقوقية. واحدة من النقاط الأساسية التي طرحها الوفد الأممي مع المسؤولين المغاربة، أول أمس الاثنين، تتمثل في الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، والتي تنتظر مصادقة البرلمان المغربي على مشروع قانون لتعديل النظام الأساسي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، كي يتولى هذا الأخير إحداثها. مشروع قال أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إنه سيقدّم للجنة الأممية تحفظات بشأن طريقة تشكيلها، بهدف ضمان استقلاليتها وفعاليتها في محاربة التعذيب. هذه الآلية التي تعتبر ثاني نتيجة تترتب عن مصادقة المغرب على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية الأممالمتحدة لمناهضة التعذيب. مصدر مسؤول قال ل"اليوم24″ إن هذه الآلية التي ستكون تابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، سيكون بإمكانها الانتقال في أي وقت ودون إذن مسبق، إلى أماكن الاعتقال التابعة للأمن والدرك ومندوبية السجون، والتحقيق في أي ادعاء بحدوث تعذيب.