يعيش حزب العدالة والتنمية على إيقاع نقاش واسع حول إمكانية إعادة انتخاب عبد الإله بن كيران على رأس أمانته العامة للمرة الثالثة، بعد إعفائه من رئاسة الحكومة. وفي الوقت الذي لم يتردد فيه عدد من الأصوات داخل البيجيدي في إعلان معارضتها لإعادة انتخاب ابن كيران، بسبب ما اعتبروه مخالفة صريحة لديمقراطية الحزب، ومبدأ التداول على السلطة، بدأ آخرون يروجون سببا آخر لسد الطريق في وجهه، مفاده أن إعادة انتخابه ستكون بمثابة رسالة سلبية إلى الدولة، وستؤدي إلى اصطدام مع القصر، بحسب ما كشفته القيادية في الحزب أمينة ماء العينين، في تدوينة سابقة على حسابها في موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك". محمد خيي، النائب البرلماني عن المصباح، وأحد الذين لا يخفون مطالبتهم بتعديل المادة 16 من النظام الأساسي للعدالة والتنمية، بما يفتح الباب أمام إمكانية إعادة انتخاب ابن كيران للمرة الثالثة، قال في تصريح لموقع "اليوم 24" "إن على الذين يروجون لأطروحة تبني ابن كيران لأطروحة الصدام مع الملكية أن يشرحوا لنا ما الذي تغير في هذا الأخير بين الأمس، واليوم، وكيف كانوا يؤكدون غير ما مرة أن لديه قناعات تصل إلى درجة العقيدة حول الولاء للملك، والمؤسسة الملكية، وضرورة التشبث بها، وكونها ضامنة لاستقرار المغرب، وأن المغاربة بطبعهم متشبثون بملكهم، وملكيتهم كنظام في الحكم، وما يروجون له اليوم". وأضاف خيي "الجميع في العدالة والتنمية يعرف أن ابن كيران يمكن أن يغير أي شيء في أفكاره، ومواقفه باستثناء موقفه من الملكية، وأنا واحد من الذين تربوا في العدالة والتنمية، منذ مرحلة الطفولة، ونشأت على خطابات صريحة، وواضحة، وحاسمة في الموقف من الملكية، لكن أصدق هذه المواقف، وأفصحها، وأوضحها كانت لعبد الإله بن كيران، الذي لم يفوت فرصة واحدة دون أن يؤكد على محورية المؤسسة الملكية، بل إنه يوصينا دائما في كل اللقاءات الداخلية والخارجية بأن المرجعية الإسلامية، والملكية هما صمام الأمان بالنسبة إلى الوطن، والعدالة والتنمية". وتابع خيي "على الذين يروجون لمقولة اصطدام بنكيران مع الملكية أن يراجعوا أقوالهم وأفعالهم، وأن لا يتوقفوا عنذ هذه اللحظة بطريقة سلبية، والتي ربما تعكس تشجنات، أو تموقعات نفسية، بعدما عرفه الحزب عقب تشكيل حكومة سعد الدين العثماني". ومن جهته، استبعد عبد الرحيم العلام، محلل سياسي، وأستاذ القانون الدستوري في جامعة القاضي عياض في مراكش في اتصال مع "اليوم 24" إمكانية حدوث أي اصطدام بين البجيدي، والقصر، إذا أعيد انتخاب ابن كيران، معتبرا أن الخلافات بين الجانبين ستظل قائمة، لكنها لن تصل إلى درجة الاصطدام، خصوصا أن الأخير "ملكي أكثر من الملك"، كما أن القصر ليس في مصلحته الاصطدام بشكل مباشر مع هيأة سياسية معينة. العلام، الذي اعتبر أن إعادة انتخاب ابن كيران للمرة الثالثة غير ديمقراطي، وينافي قوانين العدالة والتنمية، قال "إن الترويج لأطروحة تبني ابن كيران لمنهج الاصطدام مع الملكية يعكس وجود صراع داخلي محتدم بين تياره، والذين يريدون إغلاق الباب في وجهه لتحقيق مكاسب سياسية ذاتية بالأساس". وخلص العلام إلى أن الخلاف بين القصر وابن كيران كان خلافا مع طريقة عمل البجيدي ككل، وليس معه كشخص، خصوصا حينما حاول فتح بعض الملفات الحساسة في ولايته، إلا أن ذلك يبقى في حدود الخلافات، والتشنجات العادية، التي لا تصل حد الاصطدام.