تسبب القفص الزجاجي الذي وُضع فيه الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي وباقي المتهمين في قضية التخابر بأزمة، أدت إلى انسحاب الدفاع وتأجيل القضية لجلسة 23 فبراير الجاري. وقررت هيئة الدفاع برئاسة الدكتور محمد سليم العوا الانسحاب من جلسة اليوم؛ احتجاجا على عدم تلبية المحكمة طلبهم بإزالة القفص الزجاجي، فيما قال رئيس المحكمة المستشار شعبان الشامي إنه سيكمل المحاكمة، وطلب انتداب 10 محامين من نقابة المحامين للدفاع عن مرسي، وبقية المتهمين. انسحاب الدفاع وأكد الدكتور محمد سليم العوا أن هيئة الدفاع لا يمكنها الاستمرار في محاكمة يعزل فيها المتهمون داخل قفص زجاجي، لا يسمعون شيئا مما يدور خارجه. وأقيم القفص الزجاجي بمقر المحاكمة؛ لمنع مرسي وقادة الإخوان من الإدلاء ببيانات سياسية، وترديد هتافات ضد الحكومة المؤقتة. وكان مرسي وصل إلى مقر الأكاديمية على متن طائرة عسكرية قادما من سجن برج العرب بالإسكندرية، بالرغم من تعرض مصر لموجة من الطقس السيئ منذ السبت تستمر حتى الاثنين، ولم يمنع ذلك السلطات من نقل الرئيس من محبسه كما كانت تذرعت من قبل في جلسة محاكمة سابقة. وهذه هي المرة الأولى في التاريخ التي يحاكم فيها رئيس مصري بتهمة التخابر ضد بلاده، حيث يتهم مرسي والمرشد العام للإخوان المسلمين و35 آخرون من قيادات الجماعة، بتهمة “التخابر مع منظمات أجنبية، وإفشاء أسرار الأمن القومي والتنسيق مع تنظيمات جهادية داخل مصر وخارجها لتنفيذ عمليات إرهابية داخل مصر”. مشادات مع القاضي ووقعت مشادة بين كمال مندور عضو هيئة الدفاع، ورئيس المحكمة حول القفص الزجاجي، حيث قال مندور إن الحكومة هي التي أصرت على وضع المتهمين داخله لإذلالهم، وهاجم القاضي قائلا: “ليس لك أي صفة، أنت لا تستطيع إزالة القفص إلا بعد الرجوع للسلطات الانقلابية”. كما اعترض رئيس المحكمة على مخاطبة عضو بهيئة الدفاع لمرسي ب” الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية”. وطالب خالد بدوي أحد أعضاء هيئة دفاع عن المتهمين بالدخول للقفص الزجاجي للتأكد من وصول الصوت له، وتم السماح له بالدخول بصحبة أحد الضباط، وفور دخوله تبادل الحديث مع رئيس المحكمة وأوضح أن الصوت ضعيف؛ مما تسبب فى حالة من الفوضى داخل القاعة مجددا. وقام جميع المتهمين بالطَّرْقِ بقوة على القفص الزجاجي؛ مما تسبب بحالة من الضوضاء داخل قاعة المحكمة. وهتف المتهمون بعد دخول قفص الاتهام: “ثوار أحرار حنكمل المشوار”، و”يسقط يسقط حكم العسكر”، و”قولها بقوة قولها بقلب عمر العسكر ما هزم شعب. كما ردد المتهمون النشيد الوطني، لكن تلك الهتافات بالكاد سُمعت من داخل القفص الزجاجي. والدي بطل وشهدت جلسة اليوم حضور أسامة نجل الرئيس مرسي لأول مرة، بعد منعه عدة مرات من حضور جلسات سابقة لمحاكمة مرسي في قضايا مختلفة. وقال أسامة في تصريحات للصحفيين قبل الجلسة إنه حضر للدفاع عن جميع المتهمين، ما عدا والده؛ لأنه يَعْتبر والده غير متهم، بل الرئيس الشرعي للبلاد. وعن تسريب حوار والده مع محاميه العوا من داخل المحكمة، أكد أسامة أنها مخالفة للقانون والمواثيق الدولية، وهي “أكبر دليل على عدم احترام هيئة المحكمة لإجراءات التقاضي”، مبينا أن محاكمة والده باطلة وتخالف الدستور الذي استفتي عليه الشعب. وقال إن آخر زيارة له لوالده كانت في 4 شباط/ نوفمبر الماضي، مشيرا إلى أن الرئيس أحد أبطال ثورة يناير، وهو الآن يدفع ضريبة توليه حكم البلاد، وإن حالته الصحية “زي الحديد”، وإنه “متفائل دائما”. وكتب أسامة مرسي عبر صفحته على “فيس بوك” نقلا عن والده خلال الجلسة: “أدعو المحامين، وعلى رأسهم الدكتور العوا، إلى ألا يشاركوا في هذه المهزلة؛ احتراما للعدل؛ وحفظا لصورة مصر أمام العالم”. وأضاف: “والدي قال خلال الجلسة دعوهم يقضوا بما يشاؤون، هم خائفون مني، ويخشون أن يسمعني الناس، هم بلا سند قانوني، ولا ظهير شعبي، هؤلاء لا يُرهبون مثلي، هذه مهزلة وليست محكمة!”. لا تشاركوا في المهزلة وفور بدء الجلسة، ودخول المتهمين قفص الاتهام، تجاهل جميع المتهمين القاضي، وأعطوا المحكمة ظهورهم، والتفوا حول الرئيس مرسي لتحيته. وعندما فتح رئيس المحكمة الميكروفونات للمتهمين داخل القفص الزجاجي، صاح مرسي: “الحمد لله الحمد لله”، ثم نادى على نجله: “يا أسامة إزيك أنت سامعني؟”، وبعدها سادت حالة من الفوضى داخل القاعة. ثم تحدث الرئيس مرسي من داخل قفص الاتهام، وطالب هيئة الدفاع بالانسحاب من القضية، وأشار إلى أن اشتراكهم في هذه المحاكمة يعد مهزلة، قائلا: “احنا في مهزلة، ليه كل ده، عشان خايفين مننا، أنا مش شايف رئيس المحكمة والله ما أنا شايفه”، فأغلق رئيس المحكمة بعدها الميكرفون مرة أخرى. وبعد فتحه مرة أخرى قال مرسى: “إنتو قاطعين الصوت عني ليه.. علشان خايفين الرئيس يتصل بالشعب”، ثم وجه حديثه للدفاع قائلا: “المحامين سامعيني؟ متكملوش المحاكمة، إذا استمرت متكملوش مهما يكون، دي مهزلة لا تشاركوا فيها”. ثم خاطب الرئيس محاميه سليم العوا قائلا: “يا عوا أنت بتكمل المهزلة دي ليه؟ انهيها بسرعة، اللي عايز حاجة يواجهني بيها”، فأجابه العوا: “نحن نتخذ الإجراءات القانونية الصحيحة، وغير راضين على اللي بيحصل”. وقال مرسي: “الحمد لله أنا كويس، ودول عصابة وإن شاء الله راجعين، وأنا غير متأثر تماما بما يحدث، وليس في قلبي ذرة من الخوف”، وبعدها قام المحامون وباقي المتهمين بتحيته والتصفيق له.