كان عبد الواحد الراضي، القيادي التاريخي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حريصا على النبش في ماضي الزعيم التاريخي لحزب بوعبيد، عبد الرحمان اليوسفي، في كتابه الجديد الذي أصدره بعنوان "المغرب الذي عشته.. سيرة حياة". الراضي كشف أن عبد الرحمان اليوسفي كان هو قائد الأوركسترا لتقديم ملتمس الرقابة ضد حكومة "الفديك"، سنة 1964 رغم ان اليوسفي لم يكن حينها برلمانيا بل كان مستشارا داخل الفريق البرلماني الاتحادي. وأضاف الراضي في ذات الكتاب الذي يقع في 808 صفحات، أن في هذه المرحلة التي سبقت إعلان حالة الاستثناء وحل البرلمان، كان الاتحاديون يعقدون اجتماعاتهم بمنزل محمد الحبابي بادارة وتوجيه عبد الرحمان اليوسفي، تحضيرا لتقديم ملتمس الرقابة. وأشار إلى أنه بعد خمسة أشهر من إعلان الحسن الثاني حالة الاستثناء في يونيو 1965، جاء ما سماه الراضي "الخبر الصاعقة" والمتمثل في اختطاف المهدي بنبركة في باريس، والتي على إثرها سافر عبد الرحمان اليوسفي الى باريس لمتابعة أطوار الاختطاف، الذي كان الاتحاديون يعتبرونه لحظتها مجرد "إلقاء قبض" قبل أن تتطور الأمور ليتحول إلى اختطاف ثم اغتيال فيما بعد، ونصب اليوسفي أنذاك نفسه محاميا عن بنبركة. وقال الراضي إن اضطرار اليوسفي إلى المكوث في الخارج بسبب قضية بنبركة كان "بداية فراق طويل سيستمر خمسة عشر سنة"، ذلك لأن باقي الاتحاديين القياديين كانون ممنوعين من السفر خارج المغرب، في الوقت الذي سافر فيه اليوسفي إلى باريس بمعية مولاي مهدي، ليصبح فيما بعد ممنوعا من العودة إليه ومكث في المنفى. ويحكي الراضي كيف قدم عبد الرحمان اليوسفي استقالته من الكتابة الأولى بعد مواجهته لعدة مشاكل في علاقته بالسلطة السياسية، بعد وفاة عبد لرحيم بوعبيد، الأول تمثل في اعتقال ومحاكمة نوبير الأموي بعد تصريحاته للصحافة الاسبانية في حق حكومة عز الدين العراقي، الذي اعتبرته السلطات المغربية بأنه قذف في حق الحكومة وأعضائها، وهذا الاعتقال اعتبرته قيادة الاتحاد الاشتراكي واليوسفي شخصيا بأنه اعتداء على الحزب واستهداف له، فيما اعتبرت المواجهة التي خاضها الاتحاديون ضد قرار الاعتقال والمحاكمة بكونه تحديا للسلطة السياسية. أما الحدث الثاني فيتمثل في الضمانات الممنوحة لإجراء انتخابات نزيهة وحرة وذات مصداقية، وكان اليوسفي، يحكي الراضي، يحس بالمرارة جراء المقترحات التي كان يقدمها بعض الفاعلين السياسيين أمام الحكومة برئاسة ادريس البصري لمناقشة الاعداد للانتخابات مع الأحزاب السياسية. أما المشكل الثالث الذي واجهه اليوسفي، يضيف الكاتب، فتمثل في سعي اليوسفي الى انجاح المرشح المشترك في البرلمان مع حزب الاستقلال قبل أن يطرح مشكل رابع والمتمثل في تزوير الانتخابات في بداية التسعينات التي دفعت اليوسفي الى تقديم استقالته من قيادة الاتحاد.