سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحبابي: الحسن الثاني استغل تشابه اسمي عبد الرحيم والمعطي بوعبيد لتعيين الأخير وزيرا أول قال إنه كان موافقا على سياسة التقويم الهيكلي عكس رفاقه الاتحاديين
حقائق تنشر لأول مرة على لسان محمد الحبابي، «الشيوعي» الذي أسس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية رفقة المهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد، دون أن يتخلى عن صداقته لمستشاري الحسن الثاني وجنرالاته الأقوياء. فوق كرسي اعتراف «المساء»، يتحدث أستاذ الاقتصاد عن علاقته بالجنرالين القادري والدليمي وبإدريس البصري، وكيف جمع بين علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد لتأسيس الكتلة الوطنية، ثم اتصل بالقصر الملكي لتشكيل حكومة الكتلة في 1971؛ ويتطرق الحبابي إلى علاقة الاتحاديين بالانقلاب على الحسن الثاني سنة 1972. ويميط اللثام عن أسرار غير معروفة في قضية المهدي بنبركة، وكيف خطط رفقة اليازغي لاختطاف «قتلة» المهدي، وكيف سجنه الحسن الثاني رفقة بوعبيد واليازغي بعد رفضهم الاستفتاء حول الصحراء سنة 1981. - في سنة 1983، عرف المغرب سياسة التقويم الهيكلي التي رفضها حزبكم الاتحاد الاشتراكي. كيف عبرتم للحسن الثاني عن ممانعتكم لهذه الخطة المفروضة على المغرب من طرف المؤسسات المالية العالمية؟ اجتمعنا في منزلي أنا وعبد الرحيم بوعبيد ومولاي المهدي العلوي. وللتاريخ، فأنا كنت مع سياسة التقويم الهيكلي، لكنني ربطت قبولي ذاك بالدخول إلى الحكومة من أجل محاصرة إملاءات البنك الدولي لكي لا يذهب بعيدا في سياسة التقويم الهيكلي. وعندما عبرت عن موقفي هذا، صمت عبد الرحيم بوعبيد وهو ينصت لي بإمعان، ثم خاطبني قائلا: «بوبي.. دير لنا شي ورقة فهاذ الموضوع». وفي اليوم الموالي، سلمته الورقة التي أعكس فيها وجهة نظري القاضية بقبول سياسة التقويم الهيكلي على أساس الدخول إلى الحكومة للتحكم فيها. قرأ عبد الرحيم ورقتي ثم أجابني مهمهما: «اممم.. أنت، إذن، تريد الدخول إلى الحكومة»، فأجبته بحضور مولاي المهدي العلوي: نعم، إذا كان سيكون بإمكاننا الحد من الأزمة وتطويق سياسة التقويم الهيكلي، خصوصا وأن المغرب كان في سنة 1983 يتخبط في أزمة مالية حقيقية تمثلت في نسبةِ عجزٍ في الميزانية وصلت إلى حوالي 12 في المائة؛ وأيضا في الدَّيْن العمومي الذي وصل إلى 82 في المائة، كما أن الاحتياطي من العملة الصعبة كان في الحضيض، والتضخم وصل إلى حدود 10 في المائة. وبعدما اقترحت على عبد الرحيم قبول سياسة التقويم الهيكلي والدخول إلى الحكومة للعمل على ضبط الأزمة ومحاصرة إملاءات البنك الدولي والمؤسسات المالية العالمية، رد علي قائلا: هل تظن أن الحسن الثاني سيعطينا وزارة المالية؟ الحسن الثاني لن يعطيك إلا وزارة صغيرة. وفعلا، هذا ما حدث مع عبد الواحد الراضي في نونبر من نفس السنة (1983)، حيث استلم وزارة التعاون، وهي وزارة صغيرة اقتطعت من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون. وفي الأخير، انتهينا إلى موقف صياغة مذكرة عبرنا فيها عن اعتراضنا على سياسة التقويم الهيكلي وقدمناها إلى الملك. - في يوليوز 1984، انعقد المؤتمر الوطني الرابع للاتحاد الاشتراكي في الدارالبيضاء. وفيه، أعلن عبد الرحيم بوعبيد انسحابه من حكومة الائتلاف الوطني؛ كيف ذلك؟ خلال الجلسة الافتتاحية، قال عبد الرحيم في كلمته إن الأسباب التي دفعت الاتحاد الاشتراكي إلى المشاركة في حكومة كريم العمراني الائتلافية تتلخص في القضية الوطنية، وإن الحزب أخبر الحسن الثاني بأنه غير موافق على برنامج الحكومة، وإنه لن يشتغل إلا على ملف الصحراء. لكنه -أضاف عبد الرحيم- لم يتوصل بأي ملف من الملفات المتعلقة بالصحراء والتي ظلت متمركزة في يد وزير الداخلية شأنها شأن ملف الانتخابات التي بالرغم من أن الحسن الثاني كان قد أكد أنها ستكون نزيهة، فإن الانتخابات الجماعية ليونيو 1983 عرفت ما لا يحصى من أشكال تزوير الإرادة الشعبية. - طعنتم أيضا في نزاهة انتخابات شتنبر 1984 البرلمانية.. قبل الوصول إلى يوم الاقتراع، عرف الإعداد لهذه الانتخابات تجييش وزارة الداخلية لرجال السلطة من أجل دفع الأعيان والمطرودين من الاتحاد الاشتراكي والمقربين من الإدارة إلى الترشح باسم حزب الاتحاد الدستوري الذي أسسه المعطي بوعبيد في 1983، وقد حصد حزب المعطي، الذي تأسس بإيعاز من الحسن الثاني ودعم مطلق من ادريس البصري، أغلبية كبيرة بالرغم من أنه لم يكن قد مضى على تأسيسه أكثرُ من سنة. - جمعتك علاقة بالمعطي بوعبيد داخل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. ما الذي دفع محاميا كبيرا ونقابيا جماهيريا ووجها سياسيا بارزا إلى القبول بأن يكون أداة طيعة في يد القصر وادريس البصري؟ المعطي بوعبيد كان صديقا لي، وكان رجلا مخلصا. وعندما تقدمنا بملتمس الرقابة في 1964، كان متحمسا معنا لمواجهة «الفديك» الذي كان حينها يمثل القصر، لكنه فجأة ذهب مع المخزن بعد أن اتصل به ادريس البصري بإيعاز من الحسن الثاني، حيث لم يعد يهمه إلا أن يصبح وزيرا أول. لكنني أعرف أن المعطي بوعبيد لم يكن راضيا في قرارة نفسه على هذا الدور الذي أسند إليه ليلعبه، حتى إنه لم يقم بأي شيء وهو وزير أول عندما اعتقلنا -أنا وعبد الرحيم بوعبيد ومحمد اليازغي- في 1981 بعد موقفنا الرافض لإجراء استفتاء على الصحراء. - هل، فعلا، اختار الحسن الثاني المعطي بوعبيد لقيادة حزب منافس لحزبكم، فقط لتشابه اسمه العائلي مع اسم عبد الرحيم (بوعبيد)؟ بلا شك؛ فالحسن الثاني كان يروق له اللعب بالكلمات، وقد استغل الاسم العائلي للمعطي بوعبيد لهذا الغرض، ونجح في ذلك مؤقتا، حيث أذكر أن أحد أبرز الأسماء داخل الحزب الاشتراكي الفرنسي اتصل بي يستفسرني باستغراب عن ملابسات تولي عبد الرحيم بوعبيد الوزارة الأولى في 1979، فأجبته مطمئنا إياه إلى أن الأمر لا يعدو كونه تشابها في الأسماء. لكن، وكما قلت لك، فقد تذمر المعطي بوعبيد من ذلك الدور الذي أنيط به، وأعرب للعديد من أصفيائه عن حالة تذمره تلك. وعندما توفي عبد الرحيم بوعبيد، لاحظت كيف أنه كان يبكي بحرقة خلال تشييع جنازته.