بعدما رخصت حكومة بافاريا لمجموعة من الجامعيين الألمان بإعادة طبع كتاب «كفاحي» لأدولف هتلر، انقسم الشارع الألماني والأوربي إلى قسمين: قسم يرى أنه لا ضرر في ذلك، وقسم ثان يرفض ذلك، مخافة أن تظهر نزعات عرقية وعنصرية جديدة. أعلنت الحكومة الجهوية في بافاريا، التي تمتلك حقوق كتاب «كفاحي» لأدولف هتلر إلى غاية آخر سنة 2015، أنها لن تعترض على إعادة نشر نسخة من البيان النازي، مرفقة بشروح وتعليقات جامعيين. إذ سيرى المشروع النور، بعد أن غيرت الحكومة المذكورة رأيها مرات عديدة، ووافقت على العمل النقدي، الذي قدمه مؤرخون ألمان، حيث اعترف وزير التربية والعلوم في الحكومة الجهوية «لودفيغ شباينل»، بالأهمية العلمية والتاريخية في دفاعه عن إعادة نشر «كفاحي». ففي فاتح يناير 2016، ستفقد «لاند بافاريا» حقوق هذا العمل، الذي حرره «أدولف هتلر» في سجن «لاندسبورغ» بعد محاولته الانقلابية الفاشلة. إذ أعطى الحلفاء حقوق المؤلف لهذا الكتاب للدولة البافارية بعد نهاية الحرب سنة 1945. وكانت الغاية من هذا القرار القانوني مراقبة الدعاية لإيديولوجيا الاشتراكية الوطنية، وخاصة تفاديها وتجنبها. وفي هذا الكتاب السياسي، وصف الرايخ الألماني الثالث بتفصيل برنامجه السياسي: نظرية الفضاء الحيوي، ونظرية تفوق العرق الآري، ونظرية استئصال التهديد اليهودي- البولشفي. وقد حالت «دولة بافاريا الحرة»، طيلة نحو 70 سنة، دون إعادة طبع بيان الزعيم النازي. غير أنها رخصت أواخر سنة 2011، على سبيل الاستثناء، مشروع جامعيين ألمان يرغبون في إعادة نشر نسخة جديدة ومنقحة من الكتاب، حيث تلقى المشروع، منذ نشأته، دعما بقيمة 500 ألف أورو. لكن كان على مؤرخين ألمان النظر في خطر الأفكار العنصرية التي دافع عنها «هتلر». ونتج عن طموح هؤلاء الجامعيين ردود أفعال متباينة. إذ عبرت السلطات اليهودية، خصوصا، في البداية عن موقفين متعارضين. ففي دجنبر 2012، اختار الرئيس الإسرائيلي «شمعون بيريز» زيارة رئيس «لاند بافاريا» «هورست سيهوف» قصد إخباره باعتراضه على إعادة طبع «كفاحي». وفي الآن ذاته، ساند المجلس المركزي ليهود ألمانيا، وهو كيان فيدرالي، إصدار طبعة نقدية من كتاب «النازي الخرف»، كما يسمونه. وجاء القرار الذي اتخذته حكومة بافاريا في وقت بدأ يلاحظ فيه ميلاد نزعة جديدة من معاداة السامية في أوربا. فعلى سبيل المثال، حقق كتاب «هتلر» أفضل المبيعات في تركيا قبل أقل من عشر سنوات. وعلى الإنترنت، هناك أزيد من مئة نسخة قابلة للتحميل مجانا، أو بسعر زهيد. وسواء أكان «كفاحي» كتاب دعاية أو عملا ذا قيمة تاريخية، فقد تفرق فقهاء القانون والمثقفون حول الموضوع في العالم برمته. ويبقى أن نعرف ما إذا كان قرار «لاند بافاريا» سيكون حكيما أم لا. احتجاجات وأرباح قياسية!
يسهل العثور على عشرات النسخ من كتاب «كفاحي»، الذي كتبه «أدولف هتلر» سنة 1932 وهو في السجن، في صيغ إلكترونية مختلفة. إذ يقول متخصصون إن من شأن هذا الكتاب أن يحقق أرباحا قياسية عبر بيعه في الموقعين الإلكترونيين الشهيرين «أمازون» و»أي تيونز». وتبرر هذه العودة المكثفة إلى أفكار هتلر بالقول إن الأفكار المتطرفة اليوم تتغذى على البؤس الذي تنتجه الأزمة الاقتصادية، مثلما حدث عقب الأزمة الاقتصادية الكبرى سنة 1929. من جهة أخرى، سارعت إدارة «فايسبوك فرنسا» إلى منع تداول وقراءة نسخة من كتاب «كفاحي» بعد احتجاجات العديد من رواده، حيث اتخذت إدارة المجموعة تدابير وإجراءات حتى لا يتمكن القراء الفرنسيون من الاطلاع على أفكار الدكتاتور الألماني. في حين، أشار الموقع الإلكتروني لجريدة «لوفيغارو» الفرنسية إلى أن صفحة «كفاحي» على الفايسبوك» حصلت على توقيع 29 ألف معجب. ومن جهة ثالثة، سحبت مكتبة شمال غرب فرنسا نسخا من الكتاب كانت معروضة للبيع، بعد احتجاجات حزبين. وقد دفع هذا الحادث نحو تجدد النقاش في فرنسا على مدى أهمية بيع هذا الكتاب المثير للجدل.