يرى الباحث المغربي، امحمد جبرون، في مقال خص به موقع "اليوم 24″، أن "بناء نظام سياسي حديث في المغرب، والخروج النهائي من مأزق ثنائية التحكم/الديمقراطية، والقطع نهائيا مع تاريخ الصراع السياسي في البلد.. لا يحتاج، ولن يتحقق باستدعاء مقولة الانتقال الديمقراطي، وبعثها من جديد، وإنما إلى تأليف مبدع بين التقليد والحداثة السياسية بما يحفظ للملكية حضورها الفعلي، ويتيح للمواطنين المشاركة في السلطة، من خلال ممثليهم". ودعا جبرون حزب العدالة والتنمية إلى إعادة النظر في مقولة الانتقال الديمقراطي، التي أطرت النضال السياسي للحركة الوطنية المغربية، منذ الاستقلال إلى اليوم، والكف عن خطاب مواجهة التحكم من أجل المساهمة في تأمين الاستقرار من خلال نظام سياسي أصيل واستثنائي. واعتبر جبرون أن "الهجوم الكاسح، الذي تشنه عدد من الأحزاب الوطنية على التحكم، وفي طليعتها حزب العدالة والتنمية، يؤكد أن المغرب يقترب تدريجيا من لحظة إغلاق القوس الديمقراطي". وأوضح جبرون في مقاله أن الحزبية المغربية اليوم مطالبة بإغلاق النقاش حول طبيعة النظام السياسي، وفي صلبه مسألة توزيع السلطة بين المؤسسات المنتخبة، والملكية". واعتبر الأستاذ الباحث أن "هذا التقاطب القائم بين الديمقراطية والتحكم مبني على سوء فهم الخصوصية وتوظيفها في الحياة السياسية، ويرجع إلى الانشقاقات الثقافية الحادة، التي عانتها الثقافة السياسية المغربية غداة الاستقلال، حيث انقسم الفاعلون السياسيون المغاربة بين ثلاثة تيارات رئيسة بين تيار تقدمي (الاتحاد الوطني للقوات الشعبية)، وسلفي (حزب الاستقلال)، وآخر تقليدي (المخزن)، وهو ما لم يسمح بظهور مفاهيم موحدة حول مرجعيات وطبيعة النظام السياسي، الصالح للمغاربة في سياق بناء الدولة الوطنية العصرية". واعتبر جبرون أن "التخلي عن عقيدة الانتقال الديمقراطي سيؤدي إلى تحولات نوعية على صعيد الفكر السياسي المغربي، فمن جهة سيضفي الشرعية الديمقراطية والسياسية على النظام السياسي، وسيجعل من الخصوصية في بعديها التاريخي والديني (الملكية الحاكمة) مظهرا آخر للاسثناء، والتفرد المغربي؛ ومن جهة ثانية، سيخرج النظام السياسي المغربي على صعيد الوعي من حالة عدم الاستقرار السياسي، التي يشعره بها الحديث المتكرر عن مشروع الانتقال"، على حد تعبيره. إلى ذلك، نبه جبرون إلى خطورة ما ذهب إليه حزب العدالة والتنمية، في الشهور الأخيرة، بحديثه المتكرر عن التحكم، وضرورة مواجته، مبرزا أن ذلك أمر مخالف لقناعات الحزب الأولية. وخلص الباحث إلى أن التحكم أكثر من مجرد حزب أو شخص، بل هو ظاهرة سياسية متصلة بالملكية، لها أسبابها الموضوعية، ومن ثمة لا يمكن التخلص منها إلا بنفي أسبابها، وعلى رأسها التخلي عن أطروحة الانتقال الديمقراطي، والمساهمة في تأمين الاستقرار، من خلال نظام سياسي أصيل واستثنائي"، يوضح جبرون.