لم يكد يمضي سوى أقل من شهرين على سقوط شبكة مختصة في قوادة التلميذات للخليجيين كانت تنشط بين مدينتي ابن جرير ومراكش، وإدانة ثلاثة متهمين فيها بسنتين ونصف حبسا نافذا من طرف غرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية مراكش، حتى سقطت شبكة أخرى للدعارة الراقية، يوم الأحد المنصرم، يتابع فيها 17 متهما، يوجد من بينهم سبعة خليجيين، وقبل ذلك، وفي شهر يناير من السنة الماضية، تمكنت المصالح الأمنية من تفكيك شبكة أخرى كبيرة للدعارة الراقية، معروفة باسم شبكة «بوعزّة»، نسبة إلى زعيمها، «بوعزّة.أ»، كانت مكونة من 11 شخصا، والذين أدانتهم ابتدائية المدينة نفسها، بتاريخ 18 مارس من سنة 2015، بسبع سنوات و4 أشهر سجنا نافذا، بعدما تابعتهم، في حالة اعتقال، بتهم تتعلق ب«الفساد، والتحريض عليه، والوساطة في البغاء، واستدراج الفتيات قصد ممارسة الدعارة، ونشر أشرطة خليعة». معاملة خاصة في كل مرة يتم فيها تفكيك شبكة للدعارة الراقية في مدينة مراكش، تتابع الفتيات المغربيات بتهمة «الفساد» أو «التحريض عليه»، كما يتابع مكترو الشقق والفيلات الفاخرة، التي يجري اعتقالهن فيها متلبسات بممارسة الدعارة، بتهمة «إعداد منزل للدعارة»، وحتى الحراس والخدم يتم توقيفهم وتُوّجه إليهم تهم تتعلق ب«الوساطة في البغاء»، وحدهم الفاعلون الرئيسيون، من السياح الأجانب، يستفيدون من معاملة خاصة، حيث يظلون بمنأى عن المتابعة القضائية، وحتى في الحالات التي يتقرر فيها مساءلتهم قانونيا، لا يتم وضعهم رهن تدابير الحراسة النظرية، ويخلى سبيلهم لحظات قليلة بعد ضبطهم، حيث تجري متابعتهم في حالة سراح، دون أن تتخذ أي إجراءات تحفظية في حقهم لمنعهم من مغادرة التراب الوطني والمثول أمام القضاء. ففي حالة الشبكة الأخيرة، المعروفة بشبكة «بابيلون»، كناية عن الإقامة التي داهمها الأمن بالحي الشتوي الراقي وضبط بها الخليجيون السبعة متلبسين بممارسة الفساد مع خمس فتيات مغربيات، تم إطلاق سراح السياح الخليجيين، المنحدرين من الكويت والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، فيما تم إيداع شريكاتهم السجن المحلي «بولمهارز». وقبل ذلك، اعتقلت فرقة الأخلاق العامة بمراكش ثلاثة بريطانيين، بعدما ضبطتهم في وضع مخل بالحياء وهم عراة رفقة ثلاث فتيات مغربيات بمسبح ملحق بإحدى الفيلات الفاخرة بمنطقة البنفسج السياحية بباب «إغلي»، كما اعتقلت أيضا المكلف بكراء الفيلا، بعدما تقدم الجيران بشكاية حول قيام هذا الأخير بإعداد محل للدعارة الراقية عبر تنظيم ليال حمراء لفائدة سياح أجانب رفقة فتيات مغربيات. وقد تم اقتياد الموقوفين الثمانية إلى مقر ولاية الأمن، حيث جرى الاستماع إليهم، وتم تقديمهم أمام النيابة العامة بتهم تتعلق بالفساد والتحريض عليه وإعداد منزل للدعارة، قبل أن يتقرر الإفراج عن الأجانب والاكتفاء بمتابعتهم في حالة سراح، فيما تمت متابعة المتهمين المغاربة في حالة اعتقال. توالي سقوط شبكات الدعارة الراقية، والاكتفاء بمتابعة المتورطين الأجانب فيها في حالة سراح، يحرج المسؤولين الأمنيين في المدينة، ويجعلهم بين مطرقة الاحتجاجات القوية لسكان بعض الأحياء التي أضحت وكرا للدعارة المخملية بمراكش، وبين سندان قرارات النيابة العامة، التي تقضي بمتابعة هؤلاء الأجانب في حالة سراح تفعيلا لسلطة الملاءمة التي أوكلها إليها القانون. متهمون مُغيّبون في العديد من المحاضر التي تنجزها الضابطة القضائية الخاصة بشبكات الدعارة الراقية بمراكش، ينوه محامو المتهمين المغاربة في هذه الملفات، خلال مرافعاتهم أمام المحكمة، بالمهنية العالية والدقة التي تميز عمل المحققين، واستعانتهم بوسائل علمية للوصول إلى الأدلة الجنائية التي تدين المتهمين، ولكنهم، في المقابل، يشيرون إلى أن هذه المهنية سرعان ما يختفي أثرها عندما يتعلق الأمر بالفاعلين الرئيسيين في هذه الملفات، التي يتابع فيها الوسطاء والمحرضون والمتهمات بالفساد، فيما يغيب الأجانب المتهمون بزيارة المغرب من أجل السياحة الجنسية، خاصة السياح الخليجيين. ففي حالة شبكة «بوعزة»، لفت محضر الضابطة القضائية إلى أنه وعند مدخل فيلا «اللبناني» بدوّار «الخدير»، طلب الدرك الملكي من سائق سيارة من نوع «كولف فولسفاكن» الاتصال هاتفيا بالفتاتين «لبنى» و«حليمة» الموجودتين بالفيلا، وبعد خروجهما تم توقيفهما ووُضعتا رهن الحراسة النظرية، مضيفا أنه وبينما كان الدرك ينصب الكمين للفتاتين، خرجت من الفيلا سيارة على متنها أربعة أشخاص ذكور، اكتفى المحضر بالإشارة إلى أن ملامحهم خليجية، قبل أن يؤكد أنهم لاذوا بالفرار، دون أن تتم الإشارة إلى نوع السيارة التي كان يركبها الخليجيون، ولم تتم مطاردتها ولا تسجيل رقم لوحتها المعدنية، وتنقيطها بمركز تسجيل السيارات، كما فعل المحققون مع بوعزّة، المتهم الرئيس في الملف. كما يظل مالكو والمسؤولون عن الفيلات التي يستأجرها السياح الخليجيون لقضاء نزواتهم الجنسية، بدورهم، بمنأى عن دائرة الاتهام في هذا الملف، ولا تتم متابعتهم قضائيا بتهمة إعداد منزل للدعارة، حيث لا يتم الاستماع إلى مالكي هذه الفيلات من طرف المحققين الأمنيين رغم إشارة بعض هذه المحاضر إلى أسمائهم. أما في شبكة قوادة التلميذات للخليجيين، والتي كانت تنشط بين مدينتي مراكش وابن جرير، فقد أشار محضر الضابطة القضائية على أنه، وبتاريخ الجمعة فاتح أبريل من السنة الجارية، انتقل المحققون إلى فيلا بالمنطقة السياحية «باب أطلس»، الواقعة بالمجال الترابي للجماعة القروية «أولاد حسون» بضواحي مراكش، وما إن لمحهم الحارس حتى أحكم إغلاق الباب وتوارى عن الأنظار، دون أن يقوم الدرك الملكي بمداهمة هذا المكان المعد للدعارة الراقية، أبطالها الرئيسيون سياح أجانب من الخليج العربي.