وقفت والدة الصحافية العراقية نورس النعيمي التي قتلت بدم بارد قرب منزلها الاسبوع الماضي في الموصل، وجها لوجه امام قاتل ابنتها، فقبلته على راسه وقالت له: لقد زفيت ابنتي عروسا للجنة. وعرضت قناة ‘الموصلية' التي كانت تعمل لديها النعيمي، تقريرا مصورا تناولت فيه ظروف مقتل الصحافية الشابة وعملية اعتقال قاتلها واعادة تمثيل الجريمة في الموصل (350 كلم شمال بغداد). واغتال مسلحون قبل اسبوع نورس النعيمي وهي من مواليد العام 1994، قرب منزلها في مدينة الموصل التي تشهد تزايدا كبيرا في اعمال العنف، في حلقة جديدة من مسلسل استهداف الصحافيين في البلاد حيث قتل سبعة منهم على مدى الاشهر الثلاثة الاخيرة. وفي مشهد درامي، وقفت والدة الصحافية نورس النعيمي امام قاتل ابنتها الذي لم يجرؤ على النظر بوجهها، ولا التفوه بكلمة واحدة للدفاع عن نفسه. وقالت الام بصوت حزين وهي تضع يدها على كتف المتهم ‘لقد حملت ذنبها، لكنك زفيت ابنتي عروسا الى الجنة فهنيئا لها الجنة'، وقامت بتقبيله من رأسه. وتابعت ‘يا ولدي، انت جاهل امي لا تعرف القراءة والكتابة وابنتي تتحدث لغتين'. وانتقلت الام المفجوعة بابنتها، الى غرفة نومها وهي تقلب حاجياتها التي كانت بحوزتها اثناء مقتلها ورفعت كتابا عنوانه ‘المدخل الى حقوق الانسان' وهو مخضب بالدماء، لتقول بصوت خافت ‘هذا الكتاب استعارته من صديقتها، لن امسح دمها عنه حتى يبقى ذكرى'. واضافت ‘هل يقبل الله ان تقتل هذه الطفلة الحلوة؟ كانت من قدر حبها للدراسة تحضن كتبها وهي ميتة، تخلت عن حياتها ولم تتخل عن كتبها'. ثم تناولت الوالدة اسئلة امتحان كانت قد خاضته نورس النعيمي في يوم مقتلها في الجامعة وصورا ورسومات قامت الضحية برسمها، وهي تقول ‘ابنتي فنانة فهي تجيد الرسم وقد رسمت شقيقها الصغير وهو مبتسم'. وتابعت وهي تقلب ملابس ابنتها التي كانت ترتديها يوم الحادث وهي مخضبة بالدماء ‘كانت انسانة ناجحة بكل معنى الكلمة، فهي ناجحة في العمل والدراسة. طلبت مني ان تضع شهاداتها ضمن اطار، حتى الدكتوراة التي كانت تنوي الحصول عليها'. وتقول منظمة ‘مراسلون بلا حدود' ان ‘العديد من الصحافيين العراقيين يتعرضون يوميا للتهديدات، ومحاولات القتل، والاعتداءات، والمعاناة من اجل الحصول على تراخيص، والمنع من الدخول ومصادرة ادوات عملهم'. وتوضح ان الصحافيين في العراق الذي يشهد اعمال عنف متواصلة منذ 2003، ويعيش على وقع تصاعد اعمال العنف اليومية منذ ابريل الماضي، قتل فيها العديد من الصحافيين، ‘يعيشون في مناخ شديد التوتر، تتفاقم فيه الضغوط السياسية والطائفية'.