تستهدف سلسلة من أعمال القتل المسيحيين مجددا في مدينة الموصل، معقلهم التاريخي ومهد حضارتهم في بلاد ما بين النهرين وسط صمت مطبق من المسؤولين السياسيين والأمنيين.مشهد لقتلى وضحايا بالعشرات كل يوم في العراق (أ ف ب) ويقول حازم جرجيس وهو سياسي محلي (38 عاما) "يجب تدويل المسألة، لكي تكون هناك مشكلة تتضافر الجهود الدولية لحلها، كما حدث مع الأكراد في العراق والألبان في البلقان في الماضي القريب". ويضيف أن "ما يحدث في الموصل سبق أن حدث في الدورة جنوب بغداد، أنها عملية واضحة مدبرة الغاية منها إرهاب المسيحيين وتهميشهم وهضم حقوقهم ويتزامن هذا مع الانتخابات البرلمانية"، المقرر إجراؤها في السابع من مارس المقبل. ويتهم جرجيس "جهة سياسية بإفراغ الموصل من المسيحيين، كما أن الأجهزة الأمنية تتحمل كامل المسؤولية في حماية الجميع، بغض النظر عن ديانتهم او قومياتهم (...)، وجرى تهجير آلاف العائلات، قبل انتخابات مجالس المحافظات". وكانت حملة منهجية من أعمال القتل والعنف المحددة الأهداف أدت مطلع أكتوبر 2008 إلى مقتل أربعين مسيحيا، ما حمل أكثر من 12 ألفا منهم على مغادرة الموصل، كبرى مدن محافظة نينوى. ويؤكد "عدم الرغبة لدى المسيحين في حمل السلاح أو اللجوء إلى الحرس الخاص، لأنها قد تؤدي إلى مشاكل (...)، كما أن للمسيحيين طبعا مسالما". ويقول جرجيس "نطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحكومة العراقية لتحمل كافة المسؤولية والحفاظ على أرواح أبنائها وخصوصا الأقليات، حيث لم نسمع من الحكومة أي إدانة ولم تعلن نتائج أي تحقيق، إنما يقيد الحادث ضد مجهول". وتثير موجة الاغتيالات المنظمة التي تطال المسيحيين استياء السكان ومخاوف المسيحيين من مخطط يستهدف وجودهم بغية تهجيرهم في ظل عدم اتخاذ إجراءات رادعة. وشهد الأسبوع الحالي موجة قتل استهدفت مسيحيا كل يوم تقريبا. وقد تعرضت ثلاث كنائس في الموصل إلى موجة من التفجيرات، في حين قتل مسلحون العديد من المسيحيين، قبل عيد الميلاد. وتتعرض كنائس المسيحيين باستمرار لاعتداءات، ما أرغم عشرات الآلاف منهم على الفرار إلى الخارج أو اللجوء إلى سهل نينوى وإقليم كردستان العراق. ويشكل الكلدان غالبية المسيحيين العراقيين يليهم السريان والأشوريون. وكان عدد المسيحيين في العراق، قبل الاجتياح الأميركي في مارس 2003، يقدر بأكثر من 800 ألف شخص. ومنذ ذلك الحين، غادر أكثر من 250 ألفا منهم البلاد، هربا من أعمال العنف. من جهته، يقول نجيب أيوب (38 عاما) "لقد جرى تغييبنا، منذ البداية، لكننا سنبقى في الموصل إلى الأبد، ونصلي في الكنائس والأديرة ونعيش إخوة متحابين مع المسلمين مهما كانت الظروف". أما كوركيس نوئيل، وهو كاهن فقال إن "المسيحيين شعب عريق بتاريخه وحضارته المسالمة، لا يعرف العداء لأي شخص أو فئة وهم جزء لا يتجزأ من الشعب الموصلي، فالقتل على الهوية والتشريد لا تقبلها كل الأديان، فالإخوة المسلمين يؤكدون في خطب الجمعة حرمة دم الإنسان وضرورة التعايش السلمي بين الجميع على اختلاف أديانهم". وأشاد بموقف المسلمين، خلال أكتوبر2008، حيث "كان الرفض والإدانة وأبدوا استعدادهم لتامين الحراسة على الكنائس ومنازل المسيحيين، فمن يمتلك هكذا جيران لا يمكنه أن يفارقهم ويهاجر". بدوره، يعتبر العقيد، أبو غزوان، وهو عقيد شرطة متقاعد مسيحي أن "الاغتيالات منظمة ومتشابهة يقوم بها غرباء يتبعون الطريقة، التي اتبعت في بغداد للتصفية الطائفية والتنفيذ، يدل على أن القاتل لا يعرف هوية الشخص. وهذا عمل جهاز منظم". ويؤكد ابن أحد الضحايا المسيحيين، رافضا ذكر اسمه، إن "الإرهاب لا يفرق بين المسلمين والمسيحيين والتركمان والايزيديين. فهناك مسلمون يقتلون أيضا فحينما ذهبنا لاستلام جثمان أبي من الطب العدلي كان هناك قرابة ست جثث لمسلمين قضوا بعمليات اغتيال متشابهة". من جهته، يقول عبد الكريم احمد وهو رجل دين سني أن "ما يتعرض له المسيحيون جريمة بحق الإنسانية لا يجب السكوت عنها فقد أكدنا مرارا حرمة دم العراقي أيا كان، ولا يجوز قتل أي إنسان تحت أي مسمى". (أ ف ب)