ما هي محددات العلاقة بين حزبي البيجيدي والبام، وكيف ستؤثر على أي علاقة في المستقبل؟ في الحقيقة هناك أربع محددات لعلاقة حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة وهي من أساسها تعيق أي تقارب بين الطرفين. أولا هناك ما يمكن تسميته بعقدة التأسيس. فقيادات في حزب العدالة والتنمية تعتقد أن تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة كان بهدف تسييج الإسلاميين وخلق غريم يواجه تنامي نفوذه. ثانيا هناك اختلاف ملموس على مستوى التصورات السياسية بينهما رغم أن الممارسة السياسية في المغرب عودتنا على أن الإيديولوجيا ليست محددا في التحالفات السياسية إلا أن الاختلاف الايديولوجي بين الطرفين قد يكون عنصرا يبعدهما أكثر فأكثر. ثالثا: التوازنات السياسية بالبلد تدفع في اتجاه الدفع بالعلاقة على هذا المنوال بهدف ضبط الميزان السياسي. رابعا: التغيرعلى مستوى قيادة حزب الأصالة والمعاصرة في المؤتمر الأخير سيجعل من التقارب أمرا صعبا. كيف ذلك؟ الجميع يعرف أن إلياس العماري هو المنافس رقم واحد بالنسبة لعبد الإله بنكيران، وبالتالي فإن صعوده على رأس الحزب قد يجعل من التقارب أمرا مستبعدا في المرحلة المقبلة. ولكن مع ذلك فإن المحددات التي سبق ذكرها أيضا لها ثقلها في استبعاد الأمر. إذن ما هي السيناريوهات المسقبلية لهذه العلاقة؟ هل الاصطدام الحتمي أم أن هناك امكانية قائمة للتلاقي والعمل المشترك في حكومة مستقبلية؟ في نظري هناك ثلاث سيناريوهات ممكنة. أولا: حالة التعاون والتكامل بين الطرفين، وهو سيناريو بعيد التحقق لأسباب داخلية وخارجية. هناك هناك حالة وحيدة وهي احتمال ضعيف أيضا تتعلق بحصول أزمة سياسية حادة في البلد تضطر الحزبين للتعاون للخروج من هذا الوضع. ما عدا ذلك لا أظن أن هناك امكانية لتحقق هذا الوضع. السيناريو الثاني هو حالة القطيعة التامة والصراع الصفري النتيجة وهو أيضا غير ممكن، لأن ممارسة السياسة في المغرب تقتضي نوعا من البراجماتية وأيضا لأن هناك مؤشرات تفند هذا التوجه أبرزها حضور قيادات من حزب العدالة والتنمية في المؤتمر الأخير للأصالة والمعاصرة وأيضا حالات (معزولة) من التحالف الانتخابي في عدد من القرى والمدن مثل تطوان وغيرها. السيناريو الأخير وهو سيناريو اللاتعاون والتنافس، وهي حالة تقتضي عدم المبادرة للتعاون بسبب وجود اختلافات كبيرة ولكن في نفس الوقت يتم الاحتفاظ بشعرة معاوية بين الطرفين يتم اللجوء إليها أحيانا. أي منها تعتقد أنه الأقرب إلى الواقع؟ في نظري سنعرف نوعا من الإستمرارية في العلاقة بين الحزبين، أي علاقة لا-تعاون وتنافس، وربما قد تتدهور نحو المواجهة "الكلامية" نظرا للتغير على مستوى قيادة حزب الأصالة والمعاصرة وأيضا كلما اقتربت مواعيد الاستحقاقات الانتخابية. هناك عامل آخر خارجي لا يقل أهمية لتعزيز هذا الطرح ويرتبط أساسا بالتوازنات السياسية الكبرى للبلد. فليضمن النظام استمرارية اشتغاله ولتفادي اختلال التوازن فإنه من الضروري من وجود تنافسات على المستوى الحزبي خصوصا بين البيجيدي والبام. ومن ثمة فمن الراجح جدا أن يكون أحدهما داخل الحكومة المقبلة والآخر خارجها، إلا إذا حصل أمر غير متوقع.