مشهد رهيب ومحزن عاشه دوار زاوية سيدي بوطيب باليوسفية، نهاية الأسبوع الماضي. عشرات المعزين وأشخاص في انتظار وصول نعش الضحية شرف من مستودع الأموات بمستشفى محمد الخامس بآسفي لتشييعه إلى مثواه الأخير بمقبرة الدوار، بتزامن مع وصول المتهمين، إلى مسرح الجريمة. التفاصيل البشعة لجريمة قتل القاصر شرف اتضحت معالمها من خلال مشاهد إعادة تركيب الجريمة، التي انطلقت بعملية اختطاف واحتجاز وطلب فدية، وانتهت بتصفية الضحية بطريقة لا يمكن تصديقها إلا في الأفلام «الهوليودية»، حيث استوحى المتهمان فكرة الجريمة من خلال مشاهدتهما لأحد الأفلام الأجنبية. توطدت علاقة الصغير شرف بالمتهمين منذ سنوات، في ظل انتمائهم إلى الدوار نفسه، ومعرفة بعضهم لبعض. وعلى غرار عدد من إقرانه من أبناء الدوار، كان الصغير شرف يغادر منزل الأسرة من أجل اللعب قليلا مباشرة بعد الإفطار في انتظار والده، من مسجد الدوار، حيث كان يحرص يوميا على أداء صلاة التراويح. استغل المتهمان الموقف، وسارعا إلى محاولة إقناع الطفل شرف بمرافقتهما من أجل تسليمه طائرا، وهو الأمر الذي أسعده وجعله يسارع إلى مرافقتهما إلى موقع متاخم للدوار. بعد أمتار قليلة من التجمع السكني للطفل القاصر، سارع المتهمان إلى وضع قطعة قماش على فم الطفل، وتكبيله بقطعة أخرى، قبل أن يسارعا إلى الانتقال لتنفيذ المرحلة الثانية من مخطط الجريمة، وفق ما تتبعاه خلال مشاهدتهما لشريط تلفزي أجنبي يشخص مراحل اختطاف طفل وطلب فدية من أسرته من أجل إطلاق سراحه. بعد أن خارت قوى الصغير، وكف عن الصراخ، ومحاولته المستمرة الانفلات من قبضة مختطفيه، سارع المتهم (ر.ع) إلى مهاتفة العرش العروسي، والد القاصر المختطف، وكشف له عن وجود ابنه القاصر في عهدة عصابة إجرامية كبيرة ينتمي إليها، وهي مختصة في اختطاف الأطفال من مختلف المدن المغربية، وتطلب الحصول على فدية 10 ملايين سنتيم، مقابل إطلاق سراح الطفل المختطف، رافضا في الوقت ذاته الكشف عن هويته الحقيقية، واكتفى بوجوب حصولهم على الفدية بعد خمس ساعات من المكالمة الهاتفية المذكورة، مهددا إياه بأن أفراد العصابة سيسارعون إلى قتل ابنه في حال إبلاغ الأجهزة الأمنية بعملية الاختطاف. وجد الأب العرش العروسي نفسه في موقف صعب، ولم يتمكن من استجماع أنفاسه إلا بصعوبة بالغة، مباشرة بعد تلقيه المكالمة الهاتفية المذكورة، لاسيما وأن الخاطفين أمهلوه ساعات قليلة من أجل توفير مبلغ الفدية، وانتظار اتصال هاتفي ثان من أجل تحديد ساعة وموقع تسلم الفدية والإفراج عن القاصر المختطف. قرر الأب في الأخير إخبار الأجهزة الأمنية بمضمون المكالمة الهاتفية التي تلقاها في هذا الشأن، والتي ستشكل، فيما بعد، الخيط الرفيع الذي سيقود إلى الكشف عن هوية الجناة، وإن كان الأمر سيتوج بخبر مأساوي مفاده مقتل صغيره ورميه وسط بئر مهجورة. وما بين مسارعة الأب إلى إخبار عناصر الدرك الملكي بالمكالمة الهاتفية التي تلقاها، وتأخره في الاستجابة لمطالب الخاطفين، كان المتهمان قد أدركا أن مواصلة اختطاف القاصر شرف ستؤدي إلى الكشف عن هويتهما، فقررا التخلص من الطفل المختطف من خلال طعنه بواسطة سكين، ثم رميه وسط بئر مهجورة بأحد جنبات الدوار، يتجاوز عمقها ستين مترا، في وقت تمكن فيه عناصر الدرك الملكي من تحديد هوية المتهم (ر.ع)، من خلال مكالمته السابقة لوالد الضحية، الذي اعترف بالجريمة ما أدى إلى اعتقاله رفقة شريكه، وإسدال الستار على جريمة مروعة راح ضحيتها طفل صغير نتيجة أطماع مادية.