بعد حوالي ثلاث سنوات على عرض فلمك «هرقل ضد هيرميس» لا تزال تداعيات الفيلم مستمرة، آخرها جلسة محاكمة بباريس يوم الثلاثاء الأخير، ما هو المستجد الذي جعلك تواجه مرة أخرى هيرميس في المحكمة؟ لا يمكنني الرد على هذا السؤال، يجب طرحه على السيد باتريك غيران هيرميس الذي يواصل هجومه علي عبر عدة محاكم منذ حوالي أربع سنوات. قد يكون الرد أنه لربما استاء بعدما فاز الفيلم مؤخرا بجائزة أحسن وثائقي فرانكفوني برسم سنة 2014. اشتكيت سابقا من كون القاضي في المحكمة الابتدائية بأصيلة لم يستدعك لا أنت ولا محاميك خلال الجلسات التي انعقدت بحضور محاميي هيرميس، هل ترى أن القضاء الفرنسي سيكون منصفا أكثر في هذه القضية ؟ لطالما قلت إنني أضع ثقتي الكاملة في قضاء بلادي، بالرغم من أنه أحيانا كنت أفاجأ ببعض التصرفات غير المفهومة، منها مثلا حين تم إصدار حكم في قضيتي وقضية القناة الثانية «دوزيم» في أول جلسة بمحكمة الدارالبيضاء دون إعلامي بموعد الجلسة، ودون حضور أحد من محاميي فيها، وذلك ما حدث مؤخرا أيضا في أصيلة. لا يمكنني أن أتصور وقوع أمر مماثل في محكمة فرنسية، وبالرغم من كل ذلك، أكرر أن لدي ثقة كاملة في القضاء المغربي، حيث إنني ربحت كل المحاكمات أمام ذلك الشخص رغم أنه ملياردير وله شبكة معارفه وصلته بأشخاص نافذين. يتحدث فيلمك عن صراع خاضته أسرة متواضعة من شمال المغرب ضد ملياردير فرنسي لتجد نفسك فجأة أنت أيضا طرفا في هذا الصراع، كيف حدث ذلك؟ أنا لم أقم سوى بعملي وبصدق تام، حيث قمت بتجميع ومطابقة المعطيات والمعلومات التي توصلت إليها، ويجب أن أذكر هنا أنني أصبت بالصدمة والغضب الشديدين وحاولت أن أنقل وأحقق ما شاهدت بنفسي من قيام خصمي بتحويل سبعة منابع عمومية للمياه، وتحويل مياه نهر كامل لسقي ملعب «البولو» الخاص به، الذي تصل مساحته إلى 50 هكتارا، وإقامة أعمدة كهربائية عالية التوتر لاستخدامه الخاص في حقول الفلاحين دون استئذانهم، كما قام بإزالة مكبر الصوت المستخدم لتوصيل آذان المسجد، وذلك لأن ذلك الصوت كان يزعجه أثناء قيلولته (تصوري أن أكون في قرية فرنسية وأجبر كنيسة على عدم دق الأجراس يوم الأحد) تعرضت لضغوطات كثيرة أثناء تصوير الفيلم وحتى بعد عرضه، حدثنا عن بعض تلك الضغوطات وكيف أثرت فيك؟ واجهت ضغوطات عديدة ومختلفة، منها اعتداءات جسدية ضدي وضد الطاقم الفرنسي الذي كان يعمل معي، إلى جانب تخريب معدات التصوير، وغيرها من الأمور الخطيرة التي دفعتني إلى تقديم ثلاث شكايات، منها واحدة ضد ابن باتريك غران هيرميس، وضد عدد من عماله، وأذكر هنا أن عناصر الدرك الملكي رفضوا في مرات عديدة تسجيل شكاياتي. اثنتان من تلك الشكايات، اللتان وضعتهما قبل حوالي أربع سنوات، لم يتم النظر فيهما إلى غاية يومنا هذا، في حين أن الشكايات التي وضعها الملياردير هيرميس كان يُنظر فيها بعد 15 يوما كأقصى تقدير من تاريخ وضعها. الشكاية الوحيدة التي وضعتها التي تم إصدار حكم بخصوصها هي التي كانت ضد عامل مهم لدى الملياردير هيرميس، وهو شخص هاجمنا ومنعنا من التصوير في أحد الأضرحة بالرغم من حضور الإمام وتوفرنا على ترخيص من المركز السينمائي المغربي، وترخيص من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وهو ترخيص لم يكن إلزاميا، ورغم ذلك حرصنا على الحصول عليه. وقد تم توقيفه ذلك الشخص في اليوم الموالي لهجومه علينا، وتم الحكم عليه بالسجن لعدة سنوات (في قضية أخرى). في المقابل وبخصوص اعتدائه علينا وتحطيمه لمعدات التصوير، لم يُحكم عليه سوى بأداء غرامة 250 درهما، مع العلم أن المعدات التي خربها تصل قيمتها إلى آلاف الأوروهات. لكن كل تلك الضغوطات، سواء الجسدية أو النفسية وحتى المحاكمات الكثيرة، لم تنجح أبدا في النيل من عزيمتي، كل ما أتمناه اليوم هو أن يتم النظر في الشكايتين اللتين وضعتهما ضد ذلك الشخص في أقرب وقت ممكن. هل كنت تتصور في بداية اشتغالك على فيلم «هرقل ضد هيرميس» أن يؤدي إلى كل هذه المشاكل؟ مطلقا، لم أتصور أبدا أنني سأواجه كل هذه الضغوط، وهذه الاعتداءات الجسدية والمعنوية، وهذه المحاكمات الكثيرة. لا أستطيع استيعاب ولا تصديق كل ما حدث ويحدث. أخرجت وأنتجت أربعين فيلما في أنحاء العالم (في إيران والولايات المتحدةالأمريكية والبرازيل وكندا وفرنسا وغيرها)، أحيانا عن شخصيات لم تكن أبدا تسهل مهمتنا، أفلام تناولت رجال سياسة ومرشحين للرئاسة، وحتى مرضى نفسيين وغيرهم، ولكن أبدا لم أواجه ضغطا مماثلا، مع العلم أن الفيلم الذي أواجه اليوم بسببه كل هذه المشاكل صورته في بلدي ومدينتي وعلى شاطئ أعرفه جيدا منذ طفولتي. هل ما زلت متابعا لقصة الأسرة التي تطرق إليها موضوع فيلمك؟ نعم بالطبع، ما زلت متابعا لقصة الأسرة التي تناولها موضوع فيلمي، وهي القصة التي لا تزال مستمرة. الأسرة لا تزال تناضل قدر ما تستطيع. والد «هرقل» متابع إلى جانبي أنا والمنتج الفرنسي نيكولاس نامور بتهمة القذف، وهنا قد يتساءل البعض لماذا لم يتابع هيرميس الأم وهرقل نفسه بالرغم من ظهورهما هما أيضا في الفيلم، وأنا أظن أن السبب يكمن في كون الأب هو من يملك القطعة الأرضية التي يطمع هيرميس في حيازتها، وبالتالي فهو الوحيد القادر على بيعها، ومتابعته نوع من أنواع الضغط لإجباره على بيع أرضه.